افتتحت مساء يوم الأربعاء الماضي، بالمعهد الثقافي الفرنسي بالجزائر، فعاليات تظاهرة ”تيبازة الشعراء”، بحضور كل من مدير المعهد الفرنسي ومجموعة من طلبة المعهد، في إطار البرنامج الثقافي للمعهد المعنون ”ربيع الشعراء”. وتمثل افتتاح الطبعة الرابعة من تظاهرة ”تيبازة الشعراء” المنظم بالتعاون بين المعهد الثقافي الفرنسي والوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي، في قراءة للعديد من الابيات الشعرية من طرف شعراء قدموا من بلدان بوركينافاسووماليوفرنسا، وهذا على وقع انغام خفيفة لالة القمبري التي عزف عليها الموسيقي الجزائري، مسيم شتوحي من فرقة ديوان البهجة المؤدية لموسيقى القناوة. وكانت البداية بقراءة الشاعر والكاتب والصحفي إيريك سارنر المولود بالجزائر، لأبيات شعرية من كتابه ”رحلة إلى الجزائر”، والذي تناول من خلالها جزائر ما بعد الاستقلال بخمسين سنة في نظرة شخص ولد بالجزائر في الفترة الكولونيالية ويعود إلى الجزائر التي عرف منها إلا العاصمة في رحلة استكشاف البلد ككل، بحيث عاد الشاعر عبر القراءات الشعرية إلى الماضي البعيد والقريب للجزائر، اين روى الجزائر المتعددة الثقافات، عبر شخصياتها الثقافية والتاريخية، أمثال سانت أوغيستين والأمير عبد القادر وسرفانتيس وكاتب ياسين وجان سيناك والبير كامو، ويحاول الكاتب إيريك سارنر عبر القراءات، التأمل والإصغاء، وأيضا إعطاء الكلمة ورواية ما يؤثر فيه، من الأشياء التي تفاجئه أو التي تزعجه، وأيضا التي لا يفهمها أو التي تثير إعجابه. وكرم الكاتب والشاعر إيريك سارنر عبر قراءاته الشعرية أيضا، الكاتب والشاعر الجزائري مالك علولة المتوفى سنة 2005، والذي قال عنه الكثير من الكلمات المؤثرة، خاصة أن مالك علولة وفي آخر أيامه تنقل إلى مدينة برلين بألمانيا، حيث يقطن إيريك سارنر، بحيث أكد على صداقة كبيرة جمعتهما بحكم تلاقي قلبي الرجلين الجزائريين، بألمانيا، بعيدا عن الجزائر وبعيدا عن فرنسا. وأنجز الشاعر والكاتب إيريك سارنر، وهو أيضًا صحفي ومخرج، العديد من الأفلام الوثائقية، وقد حصل على جوائز منها جائزة تيدور أرقيسي سنة 2013، وجائزة ماكس جاكوب سنة 2014. وبدورها قرات الشاعرة صوفي هايدي كام، قصائد شعرية، حدثت الحضور عن معاناة افريقيا العميقة وعن آلام وجراح إفريقيا المنهوبة، والمنهكة، بحيث تضمنت أبياتها الشعرية مواضيع الحروب الأهلية والبطالة ومختلف المشاكل اليومية التي تصادم الشعب ببوركينافاسو وأيضا عن الحب والسعادة، وتعد الشاعرة صوفي هايدي كام، أحد أبرز الشعراء النسوة ببوركينافاسو، بحيث تحصلت ثماني مرات على الجائزة الكبرى للفنون والآداب ببوركينافاسو. وشاركت الشاعرة حواء دامبا ديالو، من مالي، والتي تعتبر من الأصوات الشعرية النسوية التي اشتغلت أيضًا في مجالات عدة كالمسرح وكتابة القصص، بحيث قدمت هي الأخرى قراءات شعرية تحدثت من خلالها عن واقع البلدان الإفريقية، بحيث تطرقت إلى مواضيع التنمية والكولونيالية والامبريالية والخضوع لكل ما هو أجنبي، وكذا عن إفريقيا التي تعد القارة الأم. ورافق الشعراء عبر العزف على آلة القمبري الموسيقي الجزائري نسيم شتوحي، من فرقة موسيقى القناوة ”ديوان البهجة”، بحيث قدم أنغاما جزائرية للموسيقى القناوية، رافق على وقعها الأبيات الشعرية، في جو امتزجت فيه الثقافات لقارة إفريقية ذو تراث ثقافي وفني كبير. ونشير أنه تم تنظيم حفل آخر صباح يوم الخميس الماضي، على مستوى جامعة البليدة 2، المتواجدة على مستوى بلدية العفرون، حيث تم إلقاء أبيات شعرية على طلبة البليدة، بحيث اكتشف الطلاب الشعر الإفريقي، ليقوم بعض الطلبة بقراءة بعض القصائد الشعرية والكتابات الجزائرية، لأمثال محمد ديب، على مسامع الشعراء الأجانب، ما أثار إعجابهم لاهتمام الطلبة بالأدب. وتهدف تظاهرة ”تيبازة الشعراء” التي تقام بالتعاون مع مديرية الثقافة لولاية تيبازة، والديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية، إلى مدّ جسور التواصل بين الشعراء وتوفير فضاءات للتبادل الثقافي. ويأتي اختيار مدينة تيبازة لاحتضان هذا الحدث الثقافي والشعري لكونها تضم العديد من المواقع الأثرية المسجّلة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي منذ سنة 1982. وتضمُّ قائمة الشعراء الجزائريين المشاركين: طارق قبايلي، وأسامة إفراح، وزهمة قويدر وسليم شريفة، وهم شعراء يكتبون باللّهجة العامية الجزائرية، والعربية الفصحى، واللغة الأمازيغية، إضافة إلى اللُّغة الفرنسية. وتختتم تظاهرة تيبازة الشعراء، اليوم بالمسرح الروماني لمدينة تيبازة، بحضور السفير الفرنسي بالجزائر.