قُتل 26 شخصا على الأقل، فيما أصيب العشرات بجراح متفاوتة، بانفجار وقع صباح أمس، داخل كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا شمال القاهرة. ورجحت مصادر أن حصيلة القتلى مرشحة للارتفاع لتزامنه مع إحياء الكنائس القبطية الأرثوذوكسية بأحد الزعف (أحد الشعانين)، وهو ذكرى دخول السيد المسيح إلى مدينة القدس. وكان الأقباط قد خرجوا في الصباح الباكر من يوم أمس قاصدين كنيسة ماري جرجس، الكائنة بشارع مراد بالجيزة، لحضور القداس المقام من الساعة السادسة صباحًا حتى الساعة التاسعة، بالمناسبة. فيما انتشر بائعو الورد ومصنعو الزعف أمام الكنيسة، وسط إجراءات أمنية مشددة من قوات أمن الجيزة، التي انتشرت بمحيط الكنيسة ووضعت الحواجز الحديدية أمام الكنيسة. وقالت مصادر أمنية إن 26 شخصا قتلوا وأصيب أكثر من 70 آخرين، فيما أكد محافظ الغربية، اللواء أحمد ضيف، للتلفزيون المصري أن ”الانفجار حدث داخل الكنيسة أثناء الصلاة”، حيث تم زرع القنبلة في الصف الأول. وذكرت صحيفة ”الأهرام” المصرية أن ”انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا وراء التفجير”. وانفجرت العبوة ناسفة في تلك الأثناء بمحيط الكنيسة. ونقلت وسائل إعلام محلية أنّ مدير أمن الغربية، تلقى إخطارًا بوقوع انفجار شديد هز أجراء المدينة، وانتقلت قوات الأمن وجهاز الحماية المدنية، وتم إغلاق المنطقة وتم إخطار النيابة بالواقعة. كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقطع فيديو يبرز اللقطات الأولى لتجمع المواطنين في موقع الحادث. وأظهر الفيديو مشاهد لجثث القتلى، وهي ملقاة على الأرض أمام الكنيسة وداخلها. واستنكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التفجير الإرهابي الذي تعرضت له كنيسة مار جرجس بمدينة طنطا، في الوقت الذي يحتفل فيه الأقباط بيوم أحد السعف. وتوجه الرئيس المصري بخالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا، وأكّد أن هذا الإرهاب الغادر إنما يستهدف الوطن بأقباطه ومسلميه، ولن ينال أبداً من عزيمة المصريين وإرادتهم الحقيقية في مواجهة قوى الشر، بل سيزيدهم إصراراً على تخطّي المحن والمضي قدماً في مسيرتهم لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة. وأوعز السيسي لرئيس الوزراء شريف إسماعيل وكافة الأجهزة المعنية بالتحرك إلى موقع التفجير، ورفع تقارير مباشرة، كما وجه الرئيس السيسي بفتح كافة مستشفيات القوات المسلحة أمام الحالات العاجلة من المصابين. وأكّد رئيس الوزراء المصري شريف اسماعيل على أنّ ”تفجير كنيسة مار جرجس في طنطا عمل ارهابي جسيم”، مؤكدا ”أننا عازمون على القضاء على الإرهاب واقتلاعه من جذوره”. وقام مساعدو وزير الداخلية والقيادات الأمنية بجولات أمنية للتأكد من الانتشار الأمني بمحيط دور العبادة، وتأمين رواد الكنائس خلال الأيام المقبلة. ووصف القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط العمل الإرهابي، الذي استهدف كنيسة مار جرجس بطنطا بأنه ”عمل جبان وخسيس، لأن ترويع المصلين يتنافى مع القيم الدينية والإنسانية ”. وأضاف زكي القول: ”الإرهابيون يحاولون ضرب مصر، ولكننا متمسكون بوحدتنا وبلدنا ولن يثنينا شيء عن الوقوف مع بلدنا”. وأشار إلى أن الطائفة الإنجيلية فتحت المستشفى الخاص بها في طنطا ”مستشفى الأمريكان” تحت تصرف الدولة والكنيسة لعلاج مصابي الحادث، خاصة أن بعضهم في حالة خطيرة ويحتاج إلى العناية المركزة. وقال ”نصلي من أجل المصابين والضحايا، والبعض يحاول النيل من مصر، وسنواجهه بكل حزم بالوقوف صفا واحدا، وكافة الكنائس ستكون مليئة بالمصلين اليوم، وهذا أبلغ رد على الحادث”. وأضاف القس: ”لن يثنينا أحد عن الصلاة في الكنائس، أو حماية بلدنا فنحن ملتزمون ببلدنا ووطنينا ”. من جهته أدان شيخ الأزهر أحمد الطيب ”التفجير الإرهابي الذى استهدف أرواح الأبرياء الآمنين بكنيسة مار جرجس في مدينة طنطا بمحافظة الغربية”، معتبرا أنه ”يمثل جريمة بشعة في حق المصريين جميعًا”. وقال الطيب في بيان أن ”هؤلاء الأبرياء الذين راحوا ضحية الغدر والخيانة، عصم الله دماءهم من فوق سبع سماوات، وأنَّ هذا الحادث الأليم تعرَّى عن كل معانى الإنسانية والحضارة ”، مشددًا على أن المستهدف من هذا التفجير الإرهابي الجبان هو زعزعة أمن واستقرار مصرنا العزيزة ووحدة الشعب المصري، الأمر الذى يتطلب تكاتف كافة مكونات الشعب، لتفويت الفرصة على هؤلاء المجرمين والتصدي لإجرامهم، مؤكدًا تضامنه مع الكنيسة المصرية في مواجهة الإرهاب، وثقته الكبيرة في قدرة رجال الأمن على تعقب الجناة وتقديمهم للعدالة الناجزة”. قتيلان في انفجار آخر استهدف الكنيسة المرقسية في الإسكندرية كما أعلن التلفزيون المصري عن مقتل شخصين بينهم ضابط شرطة، وإصابة 21 آخرين، في انفجار وقع في كنيسة بمدينة الإسكندرية شمال مصر، ويأتي الانفجار بعد وقت قصير من الهجوم الذي استهدف كنيسة مار جرجس بطنطا. وكتبت قناة النيل للأخبار الرسمية في شريط الأخبار: ”انفجار بكنيسة مار مرقس بمحطة الرمل بالإسكندرية ووقوع مصابين”، مشيرة إلى أن وراء الهجوم انتحاري. وذكرت الكنيسة القبطية على صفحتها أن بابا الأقباط تواضروس الثاني، كان يحي قداس أحد الشعانين صباحا في نفس الكنيسة. يذكر أنه في غضون انفجار كنيسة مار جرجس، تحدثت وسائل إعلام عن انفجار ثان قرب مركز للشرطة في طنطا، دون مزيد من التفاصيل. وأعلن حساب على موقع ”تويتر” منسوب لحركة مسلحة تدعى ”لواء الثورة” مسؤوليتها عن التفجير الذي أدى إلى مقتل شرطي وإصابة آخرين. ودأبت السلطات المصرية، عبر بياناتها، على الربط بين تلك الحركة وجماعة ”الإخوان المسلمين”. وجرى التفجير بعبوة ناسفة زرعت في دراجة نارية، ووقع في محيط مركز تدريب لقوات الشرطة في مدينة طنطا، ما أسفر عن إصابة 13 شرطيا، إضافة لثلاثة مدنيين، حسب بيان سابق لوزارة الداخلية المصرية. وقال الحساب إن الحركة نفذت الهجوم ”قصاصا لدماء 4 قتلى استهدفتهم الداخلية الشهر الماضي، وثأرا لأهالي البصارطة”، وسبق أن تبنت حركة ”لواء الثورة” عمليات أخرى، بينها هجوم على حاجز أمني بمحافظة المنوفية في أوت 2016، واغتيال العميد عادل رجائي، قائد الفرقة ال9 مشاة، أمام منزله شمالي القاهرة في أكتوبر 2016. وقال مسؤول أمني في محافظة الغربية، إن قوات الأمن تمكنت من القبض على شخص يشتبه في تورطه في تفجير كنيسة. وأضاف المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، في تصريح لوكالة ”سبوتنيك”، إن قوات الأمن اشتبهت في المتهم، ولم يتمكن من الفرار، ومن المحتمل القبض على شخص آخر كان برفقته ولكنه تمكن من الهرب قبل الوقوع في يد الشرطة. يذكر أنّ تنظيم الدولة الإرهابي ”داعش” قد تبنى التفجير، الذي وقع داخل الكاتدرائية المرقسية في العباسية وسط القاهرة في شهر ديسمبر من العام الماضي، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 29 شخصا وإصابة 70 آخرين بجروح، من خلال بيان حمل اسم ”الدولة الإسلامية في مصر” وليس ”ولاية سيناء”، ليبين أنه قد مدّد عملياته إلى أنحاء أخرى من البلاد. كما نشر التنظيم تسجيلا مصورا يهدد فيه المسيحيين الأقباط في مصر، ناقلا فيه ما قال إنه الرسالة الأخيرة للانتحاري المسؤول عن التفجير.