بعد أسبوع من جو فاتر وهدوء طبع الحملة الانتخابية، قرر التجمع الوطني الديمقراطي الشذوذ عن القاعدة، وفضل تبني لغة التراشقات بعد أن أشعل فتيل حرب كلامية مع الحلفاء والخصوم كانت الحكومة المقبلة وقودا لها. يشرف الأسبوع الثاني من عمر الحملة الانتخابية على الانقضاء، وقد ميزها هدوء خطابات رؤساء الأحزاب السياسيين الفاعلين في المشهد الوطني، عدا بعض الصراعات التي ظهرت للعلن في الأيام القليلة الماضية، حين فضل حليفا السلطة الأفالان والأرندي إدخال قواعدهم الانتخابية ومناضليهم في جو المنافسة الحادة انبثق عنها توسع دائرة الندية حين أشعل حربا كلامية زعيم التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى مع حلفاءه وخصومه أيضا حول مرحلة ما بعد 4 ماي القادم والتي ترتبط بتركيبة جديدة للحكومة، يريد أويحيى أن تكون من صلب حزبه كما يريد الأفالان أن تكون هذه المرّة حكومة حزبية لا تيكنوقراطية ألبسها عمار سعداني يوم كان على رأس الأفالان ثوب السياسة حيث كانت الحكومة الخامسة لعبد المالك سلال دون أغلبية للأفالان قبل أن يصطف هؤلاء الوزراء في تجمعات الحزب العتيد ولقاءات سعداني، واستمروا بعد رحيله ليعتلوا الآن ترتيب القوائم الحزبية للأفالان في معركة التشريعيات القادمة. أويحيى لم يكتف بحليفه في جبهة التحرير الوطني وراح يرد على دعاة الحكومة التوافقية ويجزم أن الجزائر لا تمر بأزمة سياسية من منطلق أنها ليست بحاجة لحكومة توافقية، فخلق جبهة جديدة قديمة من الصراع مع حركة مجتمع السلم ورئيسها عبد الرزاق مقري الذي أكد في العديد من خرجاته على ضرورة خلق حكومة وحدة وطنية بعد انتخابات حرة ونزيهة لتحقيق الانتقال الاقتصادي، ولم يقف الصراع الذي يبدو مطولا وسيحمل في طياته معطيات جديدة، ولن يقف عند هذا الحد فكان الرد من مقري وحليفه عبد المجيد مناصرة، فقال الأول أن أويحيى يفكر بمنطق الأحادية وأن المشاركة في الحكومة يحدد وفق ما سيفرزه صندوق الاستحقاقات المقبل ولا أحد يحق له الحديث عن الحكومة والثاني اتهمه بأنه لايعيش مع المواطن ولا يحس بأزمته. ويرى الكثير من المراقبين أن الصراعات التي ظهرت في الآونة الأخيرة للعلن مرتبطة بمرحلة نتائج تشريعيات 4 ماي، بين جهات ترفض التغيير في الخارطة السياسية، وتسعى لتكريس الاستمرارية خدمة لمصالح معينة، ولأجندة تنسج خيوطها مبكرا وبعيدا عن أعين الخصوم، وبين أطراف تنادي للتغيير من باب أزمة تمر بها الجزائر تفرض عليها تحقيق انتقال ديمقراطي، فيما يقلل أخرون من حدة الصراع ويجمعون على أن جو التشاحن الذي يسود الخطاب الإنتخابي ماهو إلا وقود لتسخين الحملة الانتخابية بعد أن أصبحت الساحة السياسية تعج بالتراشقات العقيمة والسلبية التي لا تخدم الشعب ولا الوطن.