اختتمت أول أمس الطبعة الأولى من الأيام المسرحية بدون حدود التي انتظمت على مدار أسبوع كامل في مسرح السنجاب بمدينة برج منايل بولاية بومرداس، والتي نظمها مجموعة من الشباب الناشطين في التعاونية المسرحية مسرح بدون حدود. عرف اليوم الأخير من الأيام المسرحية بدون حدود عرض مسرحية ”وصمة عار” لتعاونية السنجاب لبرج منايل، نص وإخراج رفيق فطموش، وهو العمل الذي يتحدث عن ظاهرة مسكوت عنها في المجتمع، إلا أنها باتت تنخر المجتمع، حيث جسد العمل معاناة المصابين بأخطر داء في العصر الحديث، في مجتمع لا يتقبل المرض ويجبر المصاب به على العزلة. القصة تتحدث عن إبراهيم، الشاب الذي يعيش حياة عادية ويتخبط في مشاكل المجتمع، تتغير حياته إلى الأسوأ بعد تعرضه لحقنة مسمومة تحمل فيروس الإيدز، فأضحى يبحث عن ظله بعد تهميشه من طرف المقرّبين منه. وشهدت مدينة برج منايل طيلة أسبوع كامل مجموعة من العروض المسرحية التي عرفت إقبالا كبيرا للجمهور يعكس ثقافة أبناء المدينة الذين استحسنوا المبادرة التي قام بها شباب جمعية مسرح بدون حدود، الذين رفعوا التحدي في تنظيم الأيام المسرحية رغم قلة الدعم المادي، حيث استمتع الجمهور بمسرحيات ”وحش الغربة”، الأستاذ”، ”القاضي والفاكتور”، ”العربة” و”وصمة عار”. وكرمت تعاونية مسرح بدون حدود في إطار الأيام المسرحية بدون حدود المنظمة هذه الأيام بمدينة برج منايل بولاية بومرداس، الفنانين أحمد بن عيسى والمخرج المسرحي عمر فطموش نظير إسهاماتهما في الحركة المسرحية الجزائرية عبر أعمالهما الكثيرة. ويعتبر أحمد بن عيسى أحد عمالقة المسرح الجزائري والسينما سواء ممثلا أو مخرجا، أحب المسرح منذ الصغر وغادر إلى العاصمة في سن مبكرة للالتحاق بالمسرح، وشارك في 1964 في تربص تكويني بسيدي فرج، وتلقى لاحقا تكوينا أكاديميا بفرنسا، شارك في عدد من الأفلام السينمائية على غرار الفيلم السينمائي الطويل ”الصوت الخفي” للمخرج المغربي كمال كمال المتوج بالجائزة الكبرى للدورة 15 للمهرجان الوطني للفيلم بالمغرب، وفيلم ”حراڤة بلوز” للمخرج موسى حداد، ”الجزائر للأبد” للمخرج الفرنسي جون مارك مينيو، كما مثل في مسرحيات كثيرة وأخرج كذلك العديد من الأعمال المسرحية من بينها مسرحية ”نجمة” المقتبسة عن رواية ”نجمة” للكاتب الكبير كاتب ياسين وغيرها من الأعمال الأخرى. كما يعد عمر فطموش أحد الأسماء الكبيرة في المسرح الجزائري، ممثل ومخرج ومؤلف جزائري، مؤسس تعاونية مسرح ”السنجاب”، مدير المهرجان الوطني للمسرح المدرسي والأطفال عام 1983، ممثل وزارة الثقافة للمتابعة الأكاديمية للمهرجان الوطني لمسرح الطفل 2007، نظم أول تعاونية مسرحية مختصة في مسرح الطفل، وعضو محاضر في اللقاء الدولي لمسرح الأطفال والشباب ببروكسل. من مؤلفاته ”حزام الغولة”، ”البسمة المحروقة”، ”عرفية في صمت الليل” و”وحش الغربة”، مدير للمسرح الجهوي بجاية منذ 2004 حتى 2015، وهو عضو دائم وناشط بالمعهد الدولي للمسرح المتوسطي، محاضر في المهرجان الدولي للمسرح التجريبي ومؤسس ومنشط أوديسيا الفنانين المسرحيين البحر الأبيض المتوسط 2001 ومؤسس ومنشط أوديسيا الفنانين المسرحيين للبحر المتوسط 2003 ومدير مهرجان بجاية الدولي للمسرح. وشهد حفل افتتاح الأيام المسرحية بدون حدود عرض مسرحية ”وحش الغربة” للمخرج عمر فطموش، وبين جدران إحدى البيوت في مجاري مائية بشوارع باريس الرئيسية، اختار عمر فطموش أن يرسم ملامح عمله المسرحي ”وحش الغربة”، هذا العمل عبارة عن تراجيديا كوميدية مليئة بالعبارات الساخرة بنوع من الجرأة في الطرح يعود بنا إلى الجيل القديم من المسرحيين ومؤسسي المسرح الشعبي الذي أراد فطموش بعثه هذه المرة من بوابة تعاونية ”السنجاب” لمدينة برج منايل. ”وحش الغربة” المسرحية التي كتب احداثها واشرف على اخراجها المخرج المسرحي عمر فطوش، وساهم في أداء أدوارها الممثلان المسرحيان أحسن عزازني وفوزي بايت، مجسدين ثلاثة أدوار نسائية زيادة على شخصيتيهما في المسرحية، وذلك بهدف إضفاء بعد جمالي وفكاهي مميز للعرض. وتروي مسرحية ”وحش الغربة” قصة المثقف والدكتور فوزي الذي اختار الغربة كوسيلة لتحقيق أحلامه وطموحاته، منتهجا بذلك طريق ”الحرة” للوصول إلى ”فرنسا الجنة”، وذلك ضمن سلسلة من الأحداث التي غاصت في تناقضات الهجرة، حيث تخيب آمال الدكتور بعدها عند التقائه بمرارة الغربة واصطدامه بوحشها الحقيقي. العرض عبارة عن مسرحية كوميدية منتهية بتراجيدية الموت، يقدمها الممثلان بأسلوب فكاهي سهل ممتنع، باستطاعة أي متفرج فهم أحداثها، باعتبار أنها ستعرض باللغة الدارجة المختلطة بالفرنسية المكسرة المعروفة عن المغتربين الجزائريين، كما أن خطابها تطرق أساسا إلى الجانب السلبي لظاهرة ”الحرڤة”، رغم وجود الكثير ممن انتهجوها ووجدوا الحياة الكريمة والجنة الموعودة في الجانب الآخر من المحيط، وتناولت باب ”الحرڤة” كمدخل فقط لموضوعها الأساسي المتمثل في الحياة التي تنتظر الحراڤ الجزائري على الضفة الأخرى وهل سيجد الجنة التي رسمها في خياله وحلم بها.