أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رسمياً، ”انسحاب الولاياتالمتحدة الأميركية من اتفاق باريس للتغير المناخي، وهو الوعد الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية، تحت شعار الدفاع عن الوظائف في بلاده. وقال ترامب في خطاب ألقاه، مساء الخميس، في البيت الأبيض: ”اعتبارا من اليوم، ستتوقف الولاياتالمتحدة عن تنفيذ مضمون اتفاق باريس والقيود المالية والاقتصادية القاسية المترتبة عن الاتفاق”، مشيراً إلى أن ”تطبيق واشنطن لاتفاق باريس سيعني خسارة 6.5 مليون وظيفة و3 ترليون دولار و7 آلاف دولار من دخل كل عائلة أمريكية”. واعتبر الرئيس الأمريكي أن اتفاق باريس حول المناخ ”لا يصب في صالح الولاياتالمتحدة”، لافتا إلى أن الامتثال للاتفاقية سيسبب بحلول 2040 انخفاضا في إنتاج الورق بنسبة 12 بالمئة وبنسبة 38 بالمئة في قطاع الحديد والصلب و86 بالمئة في قطاع الفحم و31 بالمئة في الغاز الطبيعي، مشددا على أنه انتخب ” لتمثيل سكان بيتسبورغ” و” لا أريد أن يقف أي شيء في طريقنا” للنهوض بالاقتصاد الأمريكي مبديا استعداده للتفاوض حول اتفاق مناخ جديد ”ببنود تكون عادلة للولايات المتحدة”. ورأى أن الاتفاق الراهن لم يكن حازما بما يكفي مع الصين والهند، مشيرا إلى أنّه يسمح للهند بمضاعفة إنتاج الفحم، فيما ”يفترض علينا التخلص من إنتاجنا”، مضيفا أن أوروبا يسمح لها بالاعتماد على محطات إنتاج الفحم عكس الأمريكيين. وتابع القول: ”حان الوقت لإعطاء يانغستاون وأوهايو وديترويت وميشيغن وبيتسبورغ، وهي من أفضل الأماكن في هذا البلد، أولوية على باريسوفرنسا”، مؤكدا بأن الاقتصاد الأمريكي يتعافى وبطريقة سريعة، وأنه ”يلتزم على الوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية”. خيبة أمل كبيرة أخرجت أوباما عن صمته وكلينتون تعتبره خطأ تاريخيا وأثار قرار ترامب بانسحاب واشنطن من اتفاقية المناخ الموقعة بباريس ردود فعل دولية طغت عليها خيبة الأمل والأسف والتنديد والاستنكار. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش الخطوة الأمريكية ب”خيبة أمل كبيرة”. ونقل ا ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، تصريحات جوتيرش في بيان، قال فيه إن انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاقية يمثل ”خيبة أمل كبيرة بالنسبة للجهود العالمية حيال خفض انبعاثات غازات التدفئة وتعزيز الأمن في العالم”. ولفت دوجاريك إلى أن ”الأمين العام للأمم المتحدة لا يزال واثقا من أن مدنا ودولا ودوائر الأعمال في الولاياتالمتحدة ودول أخرى ستواصل السعي في مجال الاقتصاد المنخفض الكربون”. وجاء رد سفيرة الولاياتالمتحدة بالأمم المتحدة نيكي هالي مباشرا وسريعا حيث وصفت الخطوة ترامب بأنها تصب تماما في مصلحة الأمريكيين، مضيفة: إن ”الاتفاقية الخاطئة” التي وقعت في باريس ألقت بظلالها الكثيفة على سوق الوظائف الأمريكية، الأمر الذي يجعل إجراء مفاوضات حول اتفاقية جديدة لحماية المناخ، هو الطريق الصحيح. وبعد دقائق من اعلان ترامب عن قرار الانسحاب من الاتفاق، ندّد سلفه باراك أوباما بشدّة، معتبراً أن إدارة ترامب اختارت الانضمام إلى ”حفنة صغيرة من الدول التي ترفض المستقبل”. وقال أوباما في بيان ”اعتبر أن على الولاياتالمتحدة أن تكون في الطليعة. ولكن حتى في غياب القيادة الأمريكية، حتى وإن انضمت هذه الإدارة إلى حفنة صغيرة من الدول التي ترفض المستقبل، أنا واثق بأن دولنا ومدننا وشركاتنا ستتحلى بالمسؤولية، وستبذل قصارى جهودها لحماية كوكبنا من أجل الأجيال المقبلة”. وكان أوباما أشاد بالاتفاق معتبرا إياه أفضل فرصة لإنقاذ كوكب الأرض. من جهتها، وصفت المرشحة الخاسرة في انتخابات الرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون، قرار ترامب بخروج واشنطن من اتفاقية المناخ ”بالخطأ التاريخي”، مشيرة إلى أن العالم يتقدم نحو تغير المناخ، وأن الانسحاب من اتفاقية باريس، يجعل العمال الأمريكيين وأسرهم في المؤخرة”. لندن تنضم للأوروبيين ضد القرار وأعرب رئيس الوزراء الإيطالي ماولو جينتيلوني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميكل في بيان مشترك عن أسفهم لقرار ترامب، ورفضوا اقتراحه بمراجعة اتفاقية المناخ. وجاء في البيان الألماني الفرنسي الإيطالي، أنّ اتفاقية باريس للمناخ غير قابلة لإعادة التفاوض ” لأنها تمثل ألية حيوية هامة بالنسبة لكوكبنا والمجتمعات والنظم الاقتصادية”. وأعربت المستشارة الألمانية عن أسفها لقرار ترامب، فيما انتقد منافسها الاشتراكي مارتن شولتس المرشح لمنصب المستشارية إعلان واشنطن خروجها من اتفاقية باريس الدولية للمناخ. وقال شولتس في تغريدة على تويتر مخاطبا ترامب: يمكنكم الخروج من اتفاق المناخ، لكن لا يمكنكم الخروج من تغيّر المناخ. السيد ترمب. الحقيقة ليست عزل مسؤول آخر في الدولة ”. من جانبه، ندد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر مساء الخميس بالقرار، وكتب في تغريده بالإنجليزية والألمانية ”قرار خاطئ إلى حد خطير”، وذلك بعد دقائق من إعلان ترامب قراره. واعتبر المفوض الأوروبي للتحرك حول المناخ ميغيل ارياس كانيتي بأنه ”يمكن للعام مواصلة التعويل على أوروبا” لقيادة التصدي للاحتباس الحراري، وذلك بعد إعلان انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس. وقال كانيتي في بيان إن ”اتفاق باريس سيستمر، بإمكان العالم مواصلة التعويل على أوروبا مكافحة التغيرات المناخية”، معربا عن ”أسفه الكبير لقرار إدارة ترامب الأحادي الجانب”. وأعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أسفه لخروج الولاياتالمتحدةالأمريكية من اتفاقية المناخ ، معتبراً أن ”الرئيس الأميركي دونالد ترامب ارتكب خطأ بحق مستقبل كوكبنا”. وقال في تصريح ، باللغة الانجليزية، معقبا على قرار الادارة الأمريكية الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، ”قرار ترامب الانسحاب من اتفاقية تغيير المناخ هو خطأ في حق شعبه ، بلده وكوكبنا الأرض”، مؤكداً أن ”الولاياتالمتحدة أدارت ظهرها للعالم ولكن فرنسا ستواصل المعركة”. ومن جهتها اكدت الحكومة البريطانية، أمس، التزامها بالاتفاقية، وذكرت متحدثة باسم رئيسة الوزراء البريطانية، في بيان أن تيريزا ماي أبلغت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال محادثة هاتفية بينهما مساء أمس الخميس ”خيبة أملها” إزاء قراره الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ مشددة على أن المملكة المتحدة ستظل ملتزمة بالمعاهدة مثلما أعلنت خلال قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في إيطاليا مؤخرا. ولفت البيان ”الحكومة البريطانية تعتبر أن اتفاقية باريس توفر الإطار العالمي المناسب لحماية امن اجيال المستقبل وازدهارهم مع الحفاظ على طاقة بأسعار معقولة وآمنة لمواطنينا وللشركات”. وكان البيت الأبيض أعلن في بيان أن ترامب تحدث هاتفيا مع نظرائه في كندا والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا ”لتفسير قراره شخصيا” بالانسحاب من الاتفاقية. وعلّقت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بانسحاب من اتفاق باريس حول تغير المناخ يشكل ”نكسة عالمية”. وقالت الوكالة أن قرار ترامب يجعل دولة واحدة كبيرة تتخلى ”لكن أطراف فاعلة أخرى بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والصين والهند أكدت مجدداً رغبتها في تكثيف الجهود في مواجهة انقلاب الموقف الأمريكي على الاتفاق التاريخي”. يذكر أنّ اتفاقية باريس التي أبرمتها 190 دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في نهاية 2015 في العاصمة الفرنسية، باريس، قد حلّت محل بروتوكول كيوتو الذي سينتهي العمل به في عام 2020، والذي كانت الولاياتالمتحدة تقاطعه بسبب إعفاء الصين منافستها الاقتصادية من الالتزام ببنوده. وتهدف الاتفاقية إلى منع ارتفاع حرارة الأرض أكثر من درجتين مئويتين، من خلال خفض انبعاثات الغازات الدفيئة. وسيشكل الانسحاب الأمريكي من الاتفاقية تفككا فعليا بعد 18 شهرا على هذا الاتفاق التاريخي الذي كانت بكينوواشنطن في ظل حكم باراك اوباما، أبرز مهندسيه.