أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سريعاً انتقادات دولية واسعة إثر إعلانه انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، فقد اعتبرت الصين هذا القرار "انتكاسة للعالم"، فيما دعا قادة أوروبيون إلى عدم التراجع عن الاتفاق و"بذل المزيد من الجهود". ولقي قرار ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ تنديداً عالمياً، من الأوساط السياسية والاقتصادية على حد سواء. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، عازلاً الولاياتالمتحدة عن الساحة الدولية وباعثاً صدمة بين الدول ال194 الأخرى الموقعة على هذا النص التاريخي. وجاء رد الأوروبيين سريعاً وقاطعاً، حيث قال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جنتيلوني والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك نادر، إن الاتفاق لا يمكن التفاوض بشأنه مجدداً وناشدوا حلفاءهم تسريع الجهود لمكافحة تغير المناخ. وتعهدوا ببذل المزيد لمساعدة الدول النامية على التكيف. ودعا رئيس الوزراء الإيطالي إلى عدم التراجع عن اتفاق باريس حول المناخ. وكتب على موقع تويتر: "يجب ألا نتراجع.. إيطاليا ملتزمة خفض الانبعاثات والطاقات المتجددة والتنمية المستدامة". واعتبر المفوض الأوروبي للتحرك حول المناخ ميغيل أرياس كانيتي، مساء الخميس، أن العالم "يمكنه أن يواصل التعويل على أوروبا" لقيادة التصدي للاحتباس الحراري، وذلك بعد إعلان انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق باريس. وقال كانيتي في بيان، أن "اتفاق باريس سيستمر. يستطيع العالم أن يواصل التعويل على أوروبا في قيادة العالم لمكافحة التبدل المناخي"، مبدياً "أسفه الكبير لقرار إدارة (دونالد) ترامب الأحادي". فيما قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: "رغم أن قرار الولاياتالمتحدة محبط سنظل متأثرين بالزخم المتزايد حول العالم لمكافحة تغير المناخ والتحول لاقتصادات ذات نمو نظيف". اعتبرت وكالة أنباء الصين الجديدة، الجمعة، أن انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاقية باريس "انتكاسة للعالم"، مؤكدة عزم الصين والهند والإتحاد الأوروبي مضاعفة الجهود من أجل تطبيق الاتفاقية. وأوردت الوكالة الرسمية في افتتاحية بعنوان "الانسحاب الأمريكي من اتفاقية باريس انتكاسة عالمية" وأن خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية أمر "مؤسف للجميع تقريباً"، ولو أنه "لم يكن مفاجئاً على الإطلاق". وتعتبر المكسيك من الدول الرائدة في مكافحة التغير المناخي، وقد وصفت الالتزامات في اتفاق باريس للمناخ بأنها "واجب أخلاقي" وقالت في بيان وقعه وزير الخارجية والبيئة المكسيكيين "سوف نستمر بتعزيز التعاون الدولي بدون قيود حتى نرى الاتفاق وقد طبق بالكامل". وأشار البيان إلى أن التغير المناخي "حقيقة لا تقبل الجدل مبنية على دلائل علمية"، مضيفاً أن "التحرك لخفض التغير المناخي واجب أخلاقي". وأكد الرئيس المكسيكي أنريكه بينا نييتو أيضاً دعمه للاتفاق، وكتب في تغريدة، أن "المكسيك تحافظ على دعمها والتزامها باتفاق باريس". الولاياتالمتحدة ودعم قادة جمهوريون بالكونغرس الأمريكي ترامب. وأشاد ميتش مكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ بترامب "لتوجيهه ضربة كبيرة جديدة لاعتداء إدارة أوباما على الإنتاج المحلي للطاقة والوظائف". فيما انتقد ديمقراطيون خطوة الرئيس، حيث وصف زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر القرار بأنه "أحد أسوأ التحركات السياسية التي اتخذت في القرن الحادي والعشرين بسبب الضرر الهائل لاقتصادنا وبيئتنا". وقال السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز الذي سعى لنيل بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة العام الماضي: "في هذه اللحظة، التي يسبب فيها تغير المناخ بالفعل ضرراً مدمراً حول العالم، ليس لنا الحق أخلاقياً في أن ندير ظهورنا لجهود ترمي للحفاظ على هذا الكوكب للأجيال القادمة". فيما عبر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أسفه الشديد لقرار خلفه، وقال في بيان: "أعتبر أن على الولاياتالمتحدة أن تكون في الطليعة. ولكن حتى في غياب القيادة الأمريكية، وحتى لو انضمت هذه الإدارة إلى حفنة صغيرة من الدول التي ترفض المستقبل، أنا واثق بأن ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستكون على قدر (المسؤولية) وستبذل مزيداً من الجهود لحماية كوكبنا من أجل الأجيال المقبلة". خيبة أمل في الأوساط الاقتصادية كما أعرب العديدون في الأوساط الاقتصادية عن خيبة أملهم مشددين على الضرورة الملحة للتحرك حيال الاحتباس الحراري. وسارع رئيس مجلس إدارة شركة "تيسلا" للسيارات الكهربائية إيلون ماسك المدافع بشدة عن مصادر الطاقة المتجددة، إلى الإعلان عن قراره الخروج من مختلف مجالس أرباب العمل التي تقدم النصح لدونالد ترامب. وكتب على تويتر: "التغير المناخي حقيقي. الانسحاب من باريس ليس جيداً من أجل أمريكا والعالم". وحذا حذوه رئيس مجلس إدارة "ديزني" بوب إيغر. وكتب لويد بلانكفين الرئيس التنفيذي لمجموعة غولدمان ساكس على تويتر: "قرار اليوم نكسة للبيئة والموقف الرائد للولايات المتحدة في العالم". وفي رسالة إلكترونية لموظفي آبل، عبر الرئيس التنفيذي للشركة تيم كوك عن خيبة الأمل وقال إنه تحدث مع ترامب، الثلاثاء، لمحاولة إقناعه بالبقاء في اتفاقية باريس. وقال "لم يكن ذلك كافياً". وقال جيف إيميلت الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك إنه محبط، مضيفاً "تغير المناخ حقيقة. يجب على الصناعة الآن أن تقود ولا تعتمد على الحكومة". وتجمع مئات الأشخاص أمام البيت الأبيض للإعراب عن غضبهم. وكان هدف الولاياتالمتحدة كما حددته إدارة أوباما السابقة يقضي بخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 26 إلى 28 في المائة بحلول العام 2025 مقارنة مع 2005. ويتحتم على الرئيس الأمريكي ال45 عملياً تفعيل المادة 28 من اتفاقية باريس التي تسمح للموقعين بالانسحاب منها. وبحسب الآلية الواجب إتباعها، فإن هذا الانسحاب لن يدخل حيز التنفيذ قبل 2020. غير أن ترامب أوضح في كلمته أن الولاياتالمتحدة ستتوقف "منذ اليوم" عن تطبيق بنود الاتفاقية "غير الملزمة". وبمعزل عن الصدمة الناجمة عن هذا الإعلان، فهو يثير مخاوف فعلية بشأن التمويل، سواء لاتفاقية الأممالمتحدة للمناخ التي يؤمن الأمريكيون 23 في المائة من ميزانيتها، أو للمساعدات الدولية للدول الفقيرة على غرار "الصندوق الأخضر".