تعتبر تيمڤاد، والتي عرفت بمدينة الآثار الرومانية، المدينة الوحيدة من مدن الرومان المحافظة على هيئتها وتصميماتها الأولى في قارة إفريقيا إلى الآن. حيث وصفها تقرير اليونسكو بالمستعمرة الرومانية القوية والمزدهرة. تقع مدينة تيمڤاد الأثرية على بعد 36 كيلومتر شرق ولاية باتنة، و418 كيلومتر شرق الجزائر العاصمة، بناها الرومان في سنة 100 ميلادية في عهد الإمبراطور تراجان لأغراض عسكرية ودفاعية، ولكنها ما لبثت أن تحولت فيما بعد إلى مركز حضاري وتاريخي. المدينة بنيت على شكل لوحة شطرنج أمر تراجان ببنائها على شكل لوحة شطرنج مقسمة إلى طريقين رئيسيين تخترقهما طرق فرعية موازية لهما تشكل عند تقاطعها مربعات، وخُصصت المربعات لبناء المنازل، إلا أنه ومع تطور المدينة تم هدم الأسوار التي كانت تحيط بها ليحل محلها أحياء جديدة يضمها جدار كبير. وظهرت أحياء سكنية جديدة وشيدت المعابد خلال النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، وبعدها بُنيت العديد من المنشآت كالسوق والعديد من المساكن الأكثر رفاهية، ليمثل القرن الثالث الميلادي أوج الحضارة المعمارية والفنية لمدينة تيمڤاد، إلا أنه ومع قدوم الاحتلال الوندالي إلى المدينة في القرن الخامس الميلادي بدأت المدينة في التدهور، واستمرت هذه الحالة خلال الاحتلال البيزنطي، وبعد الفتح الإسلامي اكتسبت المدينة أسماء أخرى مثل عطاي ونيكة. ولم تعود المدينة إلى الأذهان مرة أخرى إلا مع تنقيب الفرنسيين عنها في عام 1880 بعد أن غمرتها الأتربة ليتم اكتشاف المدينة الأصلية في عام 1962، واعتبرتها منظمة اليونسكو إرثاً ثقافياً عالمياً. ويتسم تصميم الرومان لتيمقاد بالجمال والفخامة، فالمدينة يمر فيها شارعان رئيسيان ينتهي كل منهما بباب ضخم مصنوع من الحجارة الرومانية المنحوتة بأجمل النقوش والرسوم، ويزينه عدد من الأعمدة التي لازالت تحتفظ ببهائها إلى الآن، ويمثل هذان البابان البوابات الرئيسية للمدينة والتي قد تقف عندها في اندهاش وذهول من ضخامتها وجمالها بالإضافة إلى تناسقها. نقوش الجدران شاهد على نمط معيشة الرومان ويمكنك أن تشاهد العديد من الآثار الرومانية الجميلة في هذه المدينة ومنها (الفورم) الساحة العمومية في وسط المدينة، والمعروفة بساعتها الشمسية الضخمة المكونة من خطوط طويلة متعامدة تحدد الوقت بانعكاس أشعة الشمس عليها، ويحيط بالساحة المجلس البلدي ومعبد الإمبراطور وقصر العدالة، بالإضافة إلى السوق العمومي الذي يضم مجموعة من المحال التجارية التي تجد على أبوابها وجدرانها العديد من النقوش التي تؤرخ لها والتي تعتبر شاهد على نمط معيشة الرومان وحياتهم اليومية. ولك أن تعلم أن دورات المياه الرومانية كانت واحدة من الأماكن الرئيسية في الحياة اليومية في الإمبراطورية الرومانية، وقد كانت علامة من علامات الحضارة والرفاهية في العهد الروماني القديم، ويمكنك أن تستدل على هذا الأمر من خلال التصميم والتنظيم وكذلك التناسق الهندسي الذي يبدو جلياً في الكثير منها والبالغ عددها 14 دورة مياه. المكتبة العمومية ثاني مكتبة رومانية في العالم آنذاك شُيد ”قوس تراجان” في القرن الثاني الميلادي تخليداً لانتصارات تراجان ولا يفوتك أن تزور ”المكتبة العمومية” التي تتكون من ثمانية أرفف، وكانت ثاني مكتبة رومانية في العالم آنذاك، ويمكنك زيارة ما يسمى ”قوس تراجان” الذي شيد في القرن الثاني تخليداً لانتصارات تراجان، والذي يعتبر من أجمل الأقواس التي عرفتها الامبراطورية الرومانية. وخلال زيارتك لتيمقاد ستتمكن من مشاهدة ”مبنى الكابيتول” المبني على منصة يمكن الوصول إليها عبر درج شيد خصيصاً لهذا الغرض.ويعتبر ”مسرح المدينة” من أشهر معالمها التي ستجذب أنظارك، باعتباره صرحا ثقافيا تقام عليه الحفلات والمهرجانات المختلفة التي يأتي إليها الكثير من الزوار، ولعل أشهرها مهرجان تيمڤاد الدولي ونظراً لتدهور حالته عملت منظمة اليونسكو على بناء مسرح جديد يضاهي المسرح الروماني، وبالفعل تم الانتهاء من بنائه في عام 2010.