تنطلق يوم غد فعاليات الطبعة ال 22 لصالون الجزائر الدولي للكتاب، إلى غاية 5 نوفمبر المقبل، بمشاركة 900 ناشر جزائري وأجنبي، يمثلون إحدى وخمسين دولة، من بينها سبعا وتسعين دارا عربية. ويستقطب الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، كل سنة، أكثر من مليون ونصف مليون زائر، ليصبح أحد أهم وأبرز المواعيد الثقافية بالجزائر، وموسم الدخول الادبي كما يسميه البعض، حيث كل الكتاب إلا القليل منهم يحضرون طوال السنة لإصدار جديدهم الأدبي موازاة مع صالون الجزائر للكتاب. ويُعد الصالون، الذي يستقطب قراء من مختلف التوجهات الإيديولوجية، بمثابة فرصة سنوية فريدة للقارئ الجزائري لاقتناء المُنتج الأدبي والفكري العربي، بحكم أن المكتبات الجزائرية، على قلتها، لا تتوفر على جديد الإصدارات العربية، على خلاف الإصدارات الفرنسية. كما يحرص الناشرون الجزائريون، الذين تكاثروا خلال السنوات الأخيرة بشكل ملفت للانتباه، وبلغ عددهم أكثر من ألف ناشر، بعد تخصيص الحكومة ميزانية خاصة بنشر ودعم الكتاب عبر صندوق دعم الإبداع الأدبي والفني، والمركز الوطني للكتاب، إضافة إلى ما يخصصه الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة للنشر. ومن نتائج هذا الحراك أن عدد الروايات الصادرة عن دور النشر الجزائرية بلغ هذا العام أكثر من مائة وعشرين رواية، بعد أن كان العدد لا يتجاوز في وقت سابق العشرين رواية في السنة باللغتين العربية والفرنسية. وككل سنة يُصر محافظ الصالون، حميدو مسعودي، وهو المدير العام للمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، التابعة لوزارة الثقافة، على تقديم إجمالي الكتب الممنوعة التي تحفظت عليها لجنة القراءة نظرا لعدم تماشيها مع القانون الداخلي للتظاهرة، وقد بلغ عدد تلك العناوين هذا العام أكثر من مائة وثلاثين عنوانا. وقال مسعودي، خلال ندوة صحفية بالمكتبة الوطنية الجزائرية، إن ”قانون المعرض الصادر سنة 2003 سيطبق بحذافيره، حيث يمنع الكتب التي تروج للفتن والطائفية والإرهاب. وتحدث عن إقصاء 25 دار نشر عربية وجزائرية بسبب ”عدم التزامها” في الطبعة السابقة بقانون المعرض. وتعرف التظاهر هذا العام حضور نخبة من الكتاب والمثقفين العرب، على غرار الروائي العراقي المقيم في بروكسل علي بدر، والروائية السورية لينا هويان الحسن، والروائي والإعلامي محمد علي الزين، والروائي المصري وحيد الطويلة، والناقدة الأردنية رزان إبراهيم التي تقدم محاضرة حول راهن الرواية العربية. ويُصر منظمو النشاط الثقافي المُرفق للصالون، والذي يمتد على مدى تسعة أيام، بمعدل ثلاثة نشاطات أدبية وفكرية في اليوم، على توجيه الدعوة للكتاب الجزائريين المقيمين في الولايات الداخلية، وللأصوات الأدبية الجديدة، بعد أن كان الأمر يقتصر خلال السنوات الماضية على مثقفي الجزائر العاصمة، وعلى الأسماء الروائية المكرسة، وبالأخص على الكتاب والروائيين باللغة الفرنسية. وضمن هذا السياق وجهت الدعوة لكل من الروائي عبد الوهاب عيساوي الحاصل مؤخرا على جائزة ”كتارا” للرواية غير المنشورة، وللروائي سعيد خطيبي الحائز بدوره على جائزة ”كتارا” للرواية المنشورة، عن عمله ”أربعون عاما في انتظار إيزابيل”، والناقد بشير ضيف الله، صاحب جائزة ”كتارا” للبحث الأكاديمي. وعلى خلاف السنوات الماضية كذلك يحتوي البرنامج على ندوة فلسفية يشارك فيها نخبة من المفكرين الجزائريين، أمثال محمد شوقي الزين، اسماعيل مهنانة، عمر بوساحة، نورالدين جباب، وبشير ربوح. علما أن الدراسات الفلسفية الجزائرية تعرف منذ بضع سنوات كثافة كبيرة من حيث النشر والاهتمام، كما تم اعتماد الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية التي يرأسها الأستاذ عمر بوساحة، والتي تعرف نشاطا كثيفا بحكم افتتاحها مكاتب بمعظم المدن الجزائرية. كما يحتوي البرنامج الثقافي للصالون عدة ندوات أدبية للأسماء المكرسة على غرار الروائية أحلام مستغانمي، واسيني الأعرج، الحبيب السايح، مرزاق بقطاش، والمرحوم الطاهر جاووت، إضافة لندوة حول ”عودة الروح للقصة القصيرة”، بإشراف الدكتور سعيد بوطاجين، وندوة أخرى حول ”ابتكار الشخصية الروائية” يشرف عليها أمين الزاوي، فيما خصص يوم 1 نوفمبر، الذي يصادف كل سنة ذكرى اندلاع حرب التحرير سنة 1954، لتنظيم ندوة حول موضوع ”تشريح الاستعمار”، ترمي إلى إظهار الوجه البشع واللاإنساني للاستعمار الفرنسي في الجزائر، والذي ارتكب جرائم تندرج ضمن خانة جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، دون أن تقدم الحكومة الفرنسية أي اعتذار للشعب الجزائري، في وقت تسعى عدة جمعيات ومثقفين لافتكاك هذا الاعتذار رسميا. وحرصا من محافظة الصالون على إبراز البعد الإفريقي للثقافة الجزائرية، ينظم في كل دورة جناح خاص بإفريقيا يحمل اسم ”روح الباناف”، في إشارة إلى المهرجان الثقافي الإفريقي، كما تم اختيار جنوب إفريقيا لتكون ضيف شرف الطبعة الجديدة، على أن يتم استضافة الصين خلال الدورة القادمة.