نقلت بعض وكالات الأنباء أن عددا من الكتاب العرب حضروا وزاروا أجنحة معرض الكتاب الفرنسي هذا العام الذي قاطعه العرب والمسلمون بسبب دعوة إسرائيل كضيف شرف، بحذر ومن دون رغبة بالإعلان عن ذلك، في الوقت الذي غابت فيه أجنحة الدول العربية الدائمة الحضور في المعرض. وبرز هذا التكتم، حسب ذات المصادر، خاصة لدى الكتاب من المشرق العربي حيث طلب كل من ذهب إلى المعرض إلى جميع من عرف بعدم إشاعة الأمر، وكان لدى عدد من الكتاب والناشرين الذين قدم بعضهم من لبنان ومصر خوف من أن يعلنوا عن حضورهم ضمن فعاليات المعرض الذي اختتم فعالياته الأربعاء الماضي. ووقع عدد من الكتاب كتبا في ترجمات فرنسية لأعمالهم كما هو الحال عند دار "آكت سود" حيث وقع علاء الأسواني روايته "شيكاغو" الصادرة بالفرنسية قبل أشهر. وبعد أن صرح الأسواني أنه ذاهب إلى المعرض قبل انطلاقته في 13 مارس، عدل عن الإدلاء بتصريحات بعد أن تعاظم الجدل حول ذلك وعكسته وسائل الإعلام العربية. لكنه أكد أنه مؤيد تماما لما ورد في رسالة الكاتب الإسرائيلي اهارون شابتاي الذي رفض الدعوة الفرنسية، وكان شبتاي الوحيد الذي رفض الدعوة من بين الكتاب الإسرائيليين الأربعين المدعوين وبينهم عربي إسرائيلي واحد هو سيد قشوع. وأثار حضوره ضجة أيضا لكونه يمثل دولة إسرائيل من طرف بينما ارتفعت أصوات في فرنسا تتساءل: لماذا لم يحضر كتاب عرب آخرون من الذين يكتبون بالعبرية؟ وبعث شبتاي الذي يعتبر صوتا نادرا في إسرائيل برسالة إلى وزارة الثقافة الفرنسية أكد فيها أن "دولة تستمر في الاحتلال وترتكب كل يوم مجازر بحق المدنيين لا تستحق أن تدعى لأي أسبوع ثقافي". ورأى أن ذلك "ضد الثقافة وعمل بربري متنكر بزي الثقافة ويعبر عن دعم فرنسا لإسرائيل". غير أن عددا من الناشرين والكتاب العرب في باريس اعتبروا المقاطعة نوعا من سلاح فاشل وأكدوا ضرورة البحث عن حلول أخرى بما فيها الحضور في قلب المعرض والمشاركة في فعالياته. في المقابل نقل كتاب لبنانيون وناشروهم التوقيعات المفترضة إلى وكالة السياحة اللبنانية، حيث وقع نديم عبود كتابه حول تجربته كمسعف في الصليب الأحمر اللبناني خلال سنوات الحرب ووقع ايف دمبكلي كتابه بالفرنسية "المغامرات الكوكبية لتاجر شرقي" وهو نوع من سيرة ذاتية. من ناحيتها عبرت الناشرة تانيا حجي توما مهنا صاحبة دار "تاميراس "إمكانية الفصل بين السياسة والثقافة لكن مع الأسف لا نستطيع وحين يكون هناك بلد في المنطقة ينتهك حقوق الإنسان يمتزج الثقافي بالسياسي في حين أن كل ما هو حول الثقافة يجب أن يتحول الى رسالة سلام". وتساءلت الناشرة عن الجدوى الفعلية للمقاطعة لكن المواقف الأكثر وضوحا وجذرية هذه المرة أتت من جهة المغرب العربي. فقد رأت الكاتبة التونسية فوزية زواري في مقالة نشرتها مجلة "جون افريك" أن مقاطعة المعرض مشروعة، مؤكدة أن "دور الكاتب هو الوقوف الى جانب المستضعفين في الأرض والشعب الفلسطيني مستضعف والدولة الإسرائيلية لازالت تغذي الاستعمار من هنا فمقاطعة المعرض مشروعة". أما الكاتب المغربي باللغة الفرنسية طاهر بن جلون فكان له موقف مغاير تماما. وقد وصف في لقاء تلفزيوني مقاطعة المعرض من قبل العرب والمسلمين بأنه "جريمة بحق الثقافة". كما تدنت نسبة الحضور إلى ثمانية بالمئة بالمقارنة مع 2007 وفق ما نقلته صحيفة "لوموند" الصادرة الخميس عن سيرج ايرول رئيس النقابة الوطنية للكتاب الذي أشار أيضا الى أن هذه الدورة شهدت أكبر نسبة مسروقات من معرض كتاب فرنسي. وبلغت السرقة أوجها يوم الإعلان المجهول والخاطئ عن وجود قنبلة داخل المعرض، ما أدى إلى إخلائه على جناح السرعة واستغل عدد من الزوار الأمر لسرقة الكتب في وقت انخفضت فيه القيمة الشرائية للمواطن الفرنسي بنسبة كبيرة.