وقد انتظرت الحكومة طويلا قبل أن تفكر في مراجعة قانون عمره أكثر من 41 عاما، إذ كانت تعتمد على الأمر رقم 66-211 المتعلق بوضعية الأجانب في الجزائر، وأبقت عليه رغم انفتاحها على المجتمع الدولي خاصة في المجال الاقتصادي، قبل أن يثبت العمل الأمني الميداني أن مجموعات المهاجرين غير الشرعيين غالبا ما يلجئون إلى الإجرام من احتيال وتزوير وتجارة ممنوعة، لتأمين عيشهم بسبب عجزهم عن العمل القانوني لافتقارهم لوثائق الإقامة. ومقابل الإجراءات الردعية والعقابية التي حددت في تعديلات القانون، فإن النص لم يفتقر للمرونة لتنظيم إقامة الأجانب، من ضمنها الحماية العادلة للأجانب الذين يقيمون بطريقة قانونية والحاملين لصفة مقيم، وحماية أملاكهم وفقا للمادة 67 من دستور 1996. ويلزم نص القانون على الأجنبي الراغب في الإقامة في الجزائر، باكتتاب في تأمين السفر، وتمنح بطاقة مقيم مدة صلاحيتها سنتان للأجانب الراغبين في تثبيت إقامتهم الدائمة بالجزائر، وتعمل السلطات وفقا لنفس القانون، على تكييف مدة الصلاحية مع مدة التكوين أو مدة عقد العمل عن طريق إمكانية تسليم بطاقات مدة صلاحيتها أقل من سنتين، على غرار ما هو معمول به في الدول الأخرى، ويتمكن الأجنبي المقيم بالجزائر بصفة منتظمة من الاستفادة من بطاقة إقامة، صلاحيتها عشرة سنوات، إذا ثبت أنه أقام في الجزائر لمدة سبع سنوات، وذلك بهدف تسهيل إقامة الأجانب لمدة أطول. وبالمقابل، يستفيد المقيم الذي غادر الجزائر لمدة قد تصل إلى سنة من الاحتفاظ بالإقامة دون أن تسقط عنه، إضافة إلى تقليص مدة التصريح بتشغيل الأجنبي من 30 يوما إلى 48 ساعة، بعد تعديل المرسوم المتعلق بعمل الأجانب. وستستحدث طبقا لنفس القانون التأشيرات البيومترية (بصمات و صور) على مستوى السفارات والقنصليات، كما تلتزم مصالح الأمن بكشف البصمات وأخذ صور للأجانب على مستوى المراكز الحدودية، بهدف حصر الهجرة غير الشرعية. وللمهاجرين غير الشرعيين، ستخصص مراكز استقبال لإيوائهم المؤقت، في انتظار اتخاذ الإجراءات اللازمة لإبعادهم خارج الحدود، أو إعادة نقلهم إلى بلدانهم الأصلية، ويتخذ قرار وضع الأجنبي في هذه المراكز من طرف الوالي المختص إقليميا لمدة 30 يوما قابلة للتجديد، في انتظار استيفاء إجراءات إبعاده إلى الحدود أو ترحيله إلى بلده الأصلي. أما الإجراءات العقابية الهادفة إلى القضاء على نشاط شبكات الاتجار بالبشر أو المتورطين في استغلال الأجانب من خلال تشغيلهم بشكل سري، فقد تضمن القانون المعدل -المتضمن 52 مادة- عقوبات تتراوح بين سنتين وعشر سنوات سجن، وأكثر بالنسبة لكل شخص يقوم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتسهيل دخول أو تنقل أو إقامة أو خروج أجنبي من التراب الجزائري، بصفة غير قانونية، وتتضاعف العقوبات إذا ارتكبت المخالفة المذكورة مع حالات حمل السلاح، أو ارتكاب المخالفة من طرف أكثر من شخصين، ويكون عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين تم إدخالهم أكثر من شخصين، حيث تصنف حينها المخالفة تحت بند الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ويعاقب بموجب القانون مؤسسات النقل الجوي أو البحري، التي تقوم بإنزال أجنبي فوق التراب الجزائري قادم من دولة أخرى، وهو مجرد من وثائق السفر، بغرامات مالية تصل إلى 80 مليون سنتيم. وتطرق القانون الجديد الذي استثنى نهائيا البعثات الدبلوماسية المعتمدة في الجزائر، إلى مسألة الزواج المختلط، وجرم أي زواج يتم بهدف الحصول على الإقامة في الجزائر، وفرض عقوبة بالسجن بين سنتين و5 سنوات، وغرامة مالية تصل 50 مليون سنتيم ضد من يقوم بعقد زواج مختلط من أجل الحصول على بطاقة مقيم.