أعطيت مؤخرا إشارة انطلاق الأبحاث والدراسات لترميم منبع توجة، أحد المعالم التاريخية والأثرية التي تزخر بها ولاية بجاية، من طرف جمعية جهيماب التي يترأسها البروفيسور جميل عبساني من جامعة عبد الرحمان مديرة ببجاية، والمعهد الوطني للأبحاث في ما قبل التاريخ، وما قبل الإنسان الذي يترأسه الدكتور حاشي، إلى جانب المشاركة الفاعلة للدائرة الأثرية لبجاية، وبالتنسيق مع السلطات المحلية لبلدتي بجاية وتوجة التي تبعد عن مقر الولاية ب 25 كيلومترا، والهدف من الدراسات ذاتها، هو الوصول إلى نسبة معتبرة من إعادة المنبع إلى سالف عهده، بعدما فعلت التقلبات الجوية ويد الإنسان فعلتها فيه، وسمحت المبادرة ذاتها بالتقاء الباحثين والمختصين لأول مرة حول المشروع الرائد في الولاية، من شأنه أن يكتب له النجاح حسب القائمين عليه، لتوفر الكفاءات العلمية وعدم استحواذ طرف دون غيره، كما كان يحدث سابقا، باعتماد مبدأ تعدد الاختصاصات وتنسيق الجهود لإعادة الهيبة المفقودة للمنبع الذي يعود تاريخ إنشائه إلى الحقبة الرومانية لمدينة بجاية، التي كانت تسمى حينها بصالدي• طريقة إنشاء المنبع الروماني كما يحلو لأهالي توجة تسميته، اعتمد فيها المهندسون الرومان على الهندسة المدنية، وحرصوا على ترك بصمتهم في المعلم بكتابات على الصخور وأطراف المنبع خلدت إنجازهم، ما سمح بالتعرف على الصعوبات التي واجهتهم في حفر القناة عام 137، وتم تزويد مستعمراتها القريبة، أي مدينة بجاية حاليا، والتي شيدها الإمبراطور أكتاف عام 26 و27 قبل الميلاد، فالإنجاز العلمي المسبوق بشق الطريق في مسار صعب عبر التضاريس الوعرة والمسالك الجبلية الصعبة التجاوز، على مسافة 25 كيلومترا، لازال الباحثون لحد الساعة لم يجدوا تفسيرا لهذا النجاح، رغم غياب الوسائل المساعدة لتحقيقه، مقارنة بعصرنا الحالي حيث يملك العلماء التكنولوجيا، على غرار جسر تيحنايين بطول 300 متر، بالإضافة إلى تمكن المهندس العسكري أوقوست نونيوس داتوس، الرأس المدبر للمشروع من شق نفق بطول 560 متر في جب اغيل لحبيب، مما مكن حسب المختصين من ضمان قوة ضخ ب 60 لترا للفرد وخلال 24 ساعة على 24 ساعة في ظروف عادية، لمجموع سكان عاصمة الحماديين في تلك الحقبة 86 ألف نسمة، وفي ظل غياب سياسية سياحية واضحة بالولاية فيما يخص السياحة الثقافية، بالنظر إلى جهل معظم سكان بجاية لهذا المعلم التاريخي الهام في حياتهم، فإن المنبع الروماني يبقى محل اهتمام الباحثين، إذ اختاره المدير السابق للدائرة الأثرية لبجاية السيد جرمون، كموضوع لرسالة الدكتوراه التي يحضرها بجامعة سيينا بايطاليا، والذي يتناول فيها المشاريع المستقبلية كإنشاء متحف بتوجة حيث ستعرض الآثار التي تم الاحتفاظ بها، من صخور وكتابات، بالإضافة إلى إعادة الديكور الذي كان المنبع عليه من صور وأصوات لخرير المياه، لإعادة رواية قصة المنبع الروماني لتوجة لزوار المتحف، الذي سيرحل بهم مدة الزيارة إلى أحقاب غابرة في تاريخ عاصمة الحماديين•