اختتمت أمس ببجاية، التظاهرات المخلدة للذكرى الخمسمائة لبناء قلعة بني عباس التي احتضنت في القرن السادس عشر ميلادي مملكة مستقلة واجهت بكل ما أتيح لديها من قوة الاحتلال الإسباني. تميز اليوم الأول من هذه الاحتفالات بإقامة معرض حول هذه الفترة الزمنية بالموازاة مع تنظيم زيارة موجهة عبر مدينة بجاية التي كانت على ارتباط وثيق مع الحياة في القلعة التي اشتهرت بحصن عبد القادر الذي استعمل كثكنة للجيش الإسباني. وأشار القائمون على تنظيم هذه التظاهرة الاحتفائية التاريخية بأن المعرض ثمرة عمل وبحث جماعي ساهم فيه كل من المركز الوطني للأبحاث ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ وجمعية مجموعة الأبحاث التاريخية ''جهيماب'' لجامعة بجاية و جمعية الدفاع عن القلعة. ويسعى هؤلاء الشركاء سنويا بتاريخ 5 ماي من أجل إحياء وإعادة بعث ذاكرة هذه القلعة وكل الأحداث التي عاشتها في تلك الحقبة الزمنية والتي أضحت بفضلها منطقة بجاية فضاء جغرافيا فريدا من نوعه من حيث دوره العسكري والسياسي والاقتصادي والصناعي سيما إثر احتلال الاسبان ''بوجي'' عام 1510 حسب توضيحات البروفيسور عيساني رئيس جمعية ''جهيماب''. وذكر هذا المتخصص بالنفوذ الذي كانت تتمتع به مملكة بني عباس والتي امتد ملكها إلى غاية أبواب الصحراء جنوبا وإلى المغرب الأقصى غربا بأدائها دورا فعالا في النزاع القائم آنذاك بين الإمبراطوريتين الإسبانية والعثمانية. وفي سرده لأحداث تلك الحقبة الزمنية المثيرة قال السيد عيساني أن القلعة اكتسبت قوتها إثر تقهقر أمراء بني حفص التابعين لسلطة تونس آنذاك واستقرارهم بالمناطق الداخلية للولاية قبل أن يعلنوا تأييدهم للسلطة العثمانية ضد الأسبان وشاركوا بعساكرهم في المواجهات العسكرية. وكانت المساهمة العسكرية للقلعة في هذا النزاع جد حاسمة ابتداء من عام 1545حيث تكبد الأسبان الذين لقوا تأييدا من طرف قبائل السعاديد بالمغرب الأقصى بعد احتلال تلمسان والجزائر العاصمة هزائم ثقيلة عززت تواجد الأتراك بالمنطقة وساعدت على تحديد معالم الحدود الجزائرية مع المغرب. ويعود الفضل في ذلك كله للسلطان عبد العزيز الذي مهد الطريق لخليفته أحمد أمقران الذي واصل عمله إلى غاية سنة 1600 حيث كون مملكة مزدهرة. وقد بقيت قلعة آث عباس وآث مقران الشهيرة قائمة إلى أن سقطت عام 1871 تحت نير الاستعمار حسب ما جاء في مذكرات المؤرخ الفرنسي لابين. للتذكير فإن الاحتفائية المتزامنة مع شهر التراث شهدت تنظيم نشاطات فكرية وترفيهية عديدة بمنطقة القلعة التي استفادت مؤخرا من عملية ترميم.