وحسب مصادر دبلوماسية، فإن الرئيس "بوتفليقة" يكون قد أعطى موافقته المبدئية للمشاركة في قمة باريس، التي ينتظر أن تعطي إشارة انطلاق مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، غير أنه في المقابل لا ينوي البقاء في العاصمة الفرنسية لحضور تظاهرات 14 جويلية، حيث يرغب الرئيس "نيكولا ساركوزي" أن يحضرها هذه السنة كل رؤساء الدول والحكومات الذين يشاركون في قمة الاتحاد من أجل المتوسط• ولا ندري إن كانت رغبة "بوتفليقة" هذه تخضع لارتباطه برزنامة داخلية كونه برمج استقبال المتفوقين في شهادة البكالوريا في نفس موعد قمة باريس، أم هو موقف مبدئي بالنظر إلى عدم تقدم ملف اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية بأي خطوة رغم إصرار الجزائر على ذلك• وفي كل الحالات، فإن الملف التاريخي الجزائري - الفرنسي يبقى ملفا ثنائيا بين البلدين قد لا يكون هو المحدد الرئيسي لقبول الجزائر بمشروع الاتحاد من أجل المتوسط أو رفضه• وحتى إن كان له ولمختلف القضايا العلاقة في العلاقات الجزائرية - الفرنسية وزن في تحديد الموقف الجزائري من التكتل الجديد، فهذا الموقف لن يتحدد بشكل لا رجعة فيه يوم 13 جويلية القادم ولا في اليوم الموالي• ويمكن فهم العناصر التي ستتحكم أكثر في الموقف الجزائري من الاتحاد من أجل المتوسط في تصريحات رجلين شريكين في التحالف الرئاسي الحاكم عندنا طيلة تولي "بوتفليقة" رئاسة الجمهورية تقريبا• والرجلان طبعا هما رئيس الحكومة "عبد العزيز بلخادم" أولا، الذي أعاد إلى النقاش في الساحة الوطنية كافة المواقف الجزائرية التقليدية كمساندتها للقضية الفلسطينية ورفضها كل أشكال التطبيع مع إسرائيل وضرورة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية ومسألة حرية تنقل الأشخاص ••• حيث ربط "بلخادم" انضمام الجزائر لمسعى الاتحاد من أجل المتوسط بإيجاد حلول لهذه الملفات "لكن الذي لا يعرفه الكثير من المواطنين هو أن الدولة الجزائرية فيها رجال يعتبرون صراحة أن التضامن مع الأشقاء لا يمنع الجزائر من البحث عن مصالحها"، هذا ما قاله أويحيى في آخر الأسبوع الماضي بصفته "شخص في الدولة وليس كزعيم في الأرندي" على حد تعبيره• واعتبر أويحيى صراحة كذلك أن "مبرر مقاطعة مشروع الاتحاد من أجل المتوسط بدعوى وجود النظام الصهيوني فيه يحتاج إلى تفسير•••" والتناقض القائم بين خطابي أويحيى وبلخادم يعبران في الحقيقة عن الازدواجية التي ظلت تحكم المواقف الجزائرية تجاه كل القضايا المصيرية• وبدلا من فتح نقاش عام والسماح لجميع الجزائريين بالتعبير عن مواقفهم تجاه أي قضية تطرح في الساحة، فإن الحكومة الجزائرية تفضل في كل مرة التحفظ والتردد في اتخاذ القرارات، وغالبا ما يأتي الحسم في وقت متأخر أو غير مناسب على الأقل• ولا يستبعد أن يكون جواب بوتفليقة بعبارة "لكل مقام مقال" تعبيرا عن نفس الازدواجية ونفس التردد، لتنتهي الحكومة في الأخير بالانضمام إلى الاتحاد من أجل المتوسط دون تحقيق أي مصالح من ذلك•