كثرت حوادث اختطاف الفتيات وانتهاك أعراضهن فهل من عقوبة رادعة لهؤلاء الذئاب الذين لا يحفظون للدين حرمة ولا يرجون لله وقارا؟ هذا السؤال الذي كان محل خلاف بين العلماء، فالاغتصاب إذا تم على وجه المغالبة والقهر فلا بد من الأخذ على يد الجاني وردعه حتى يكون عبرة لغيره ومن ثم فإنه يطبق عليه حد الحرابة، أما إن تم الاغتصاب على وجه الخديعة فإنه يطبق حد الزنا ومع وجوب إقامة الحد فيجوز للحاكم أن يعزر الجاني بما يراه كافيا لردعه وأمثاله من المجرمين المنتهكين للأعراض المعتدين على الحرمات، وقد يصل التعزير إلى القتل على الأصح من قولي أهل العلم. يقول فضيلة الدكتور يوسف بن أحمد القاسم-: الاغتصاب والاختطاف إذا وقعا على جهة المغالبة بالفساد، فيجب على الفاعل حينئذ حد الحرابة، ولو وقع الاغتصاب والاختطاف في المدينة على الأصح من قولي أهل العلم. وكما أن المحاربة تتحقق بإزهاق الأنفس، وسلب الأموال، فهي تتحقق أيضاً بانتهاك الأعراض، وفي هذا يقول القاضي ابن العربي - رحمه الله- في أحكام القرآن (2/95) ما نصه: "ولقد كنت أيام تولية القضاء قد رفع إلي قوم خرجوا محاربين إلى رفقة، فأخذوا منهم امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معها فيها، فاحتملوها، ثم جدَّ فيهم الطلب، فأُخذوا، وجيء بهم، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين؟ فقالوا: ليسوا محاربين؛ لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج، فقلت لهم: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وإن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم، ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج."أ.ه هذا إذا كان على وجه المكابرة والمجاهرة، أما إن وقع الاغتصاب والاختطاف على وجه الخديعة، ثم وقع القتل، فيجب به حد الغيلة، وهو لا يسقط بعفو أولياء المقتول، كما هو مذهب المالكية، كما في المدونة (4/653) وإن وقع الاغتصاب أو الاختطاف على وجه الخفية، فإنه مع وجوب حد الزنا أو القصاص، يجوز أن يعزره الإمام بما يصل إلى حد القتل على الأصح من قولي أهل العلم.