بعد قرنين من سقوط الدولة العثمانية وخروج آخر جندي تركي من العالم العربي، يعودُ الأتراك عبر بوابة التلفزيون هذه المرة، ليدخلوا بيوتنا ويحتلوا قلوبنا وعقولنا، وفي هذه النسخة ليس ثمة جنود انكشاريون ولا بشوات ولا أغوات، هناك فقط "القوة الناعمة"•• ممثّلاتٌ جميلات وممثلون وسيمون وقصصٌ عاطفية تثير الأحاسيس المرهفة والدموع القابلة للانفجار في أية لحظة•• إنها المسلسلات التركية التي باتت حديث الساعة من خليج العالم العربي إلى محيطه!• (سعودي يطلق زوجته لغرامها بمهند•• رولا تخطف مهند ب120 دولارا•• أتراك لا يأبهون لنور ومهند وخليجيون يبحثون عن لميس بتركيا إرضاء لزوجاتهم•• بحرينية تمهل زوجها أسبوعا ليصبح نسخة من مهند•• mbc بلس•• قناة جديدة للمسلسلات التركية•• 200 سعودية غيّرن أسماءهن إلى لميس و500 مولود باسم يحيى•• الجزائريون يطلقون أسماء مهند ولميس ويحيى على أولادهم•• لميس•• نور•• مهند•• ويحيى•• حلم كل طفل•• أسماء مقترحة للجيل الجديد••!!!)• هذه بعض العناوين التي قرأتها وأنا أتصفح بعض المواقع والصحف العربية خلال يوم واحد فقط، ما ترك عندي انطباعا بأن تلك المسلسلات وأبطالها باتوا في المرتبة الأولى من اهتمامات الرأي العام العربي• ولكن الملفت للانتباه هو أن مصدر كل تلك الأخبار يكاد يكون واحدا، وهو شبكة "أم بي سي" السعودية التي تبثّ المسلسلات التركية المدبلجة، وتضم الشبكة مجموعة من القنوات الفضائية وعددا من المجلات والمنشورات والمواقع الالكترونية، وتتناقل مختلف الصحف والمواقع والوكالات تلك الأخبار فور ورودها دون أن تتأكد من مدى صحّتها• إن كانت تلك الحكايات محض اختلاقات فهي تهدف ولا شك إلى لفت الانتباه إلى هذه الأعمال الدرامية وزيادة متابعيها لزيادة المداخيل في قناة تستحوذ على حصة الأسد من الإشهار في العالم العربي، وإثارة نقاشات سطحية حولها، أما إن كانت تلك الأمور حقيقة فهي تؤكد مرة أخرى ما اصطلح عليه بموت العقل العربي• لقد قرأت عشرات المقالات وسمعت وشاهدت عشرات التقارير حول الموضوع حتى استهلك، رغم أنني لم أشاهد سوى مسلسلين اثنين، ولا شك أنني لن أستغرب إن رأيت قريبا قناة عربية متخصصة في متابعة أخبار مهند وشلّته وإثارة نقاشات وحوارات حول تأثير الدراما التركية على المجتمعات العربية الضائعة!•