أنجزت باخرة "بابا عروج" التي صممت وفق تشكل البواخر القديمة بنمطها التقليدي الذي يعود للقرن ال 15 ميلادي من مادة النحاس والبرونز، وما زادها جمالا ورونقا تلك النافورة التي تسدي بأضوائها على المياه المتدفقة دوريا باتجاه مجاذيف الباخرة ال 12، فيما تم تهيئة مساحة المعلم للزوار الذين يجدون المتعة في التقاط صور تذكارية مع المعلم التاريخي لعاصمة الكورنيش، في حين يكتظ المكان ليلا بالسامرين والساهرين سيما في فصل الصيف حيث يكون من الصعب إيجاد مكان للجلوس على المقاعد الإسمنتية التي وضعت في مختلف الزوايا. المعلم هذا، والذي تجد صوره في كل المواقع الإلكترونية والهيئات العمومية والجمعيات والذي يرمز إلى ولاية جيجل إضافة إلى معالم أخرى، أعيد ترميمه في بداية التسعينيات نظرا لكونه أضحى يستقطب زوار الكورنيش من كل الأعمار والأجناس وأحد رموز المنطقة. بابا عروج التحم بالجواجلة .. وعلمهم عدة حرف.. ومنحهم عدة امتيازات ارتبط إذن الجواجلة بالقائدين التركيين عروج وخير الدين وهما أخوان تركيان من أهل جزر آرخبيل اليونان، حيث ولد عروج سنة 1437 وأخوه بعده بسنة من أب يسمى يعقوب بن يوسف كان يصنع الفخار بالجزيرة المذكورة، تفيد المصادر التاريخية أن أعيان وشيوخ قبائل جيجل بعد البطش والجور الذي لحقهم من الإسبان اتصلوا بالأخوين بابا عروج وخير الدين لإنقاذهم ومساعدتهم في طرد الإسبان، فلبيا النداء وتمكن القائدان بفضل مساعدة سكان جيجل من طرد الإسبان سنة 1514م، لتصبح جيجل إمارة تابعة للدولة العثمانية، وقد اتخذت كقاعدة لتحرير بجاية سنة 1515م، كما احتلوا سنة 1537 عنابة والقل واممتلكوا قسنطينة ودخلوا العاصمة حيث قاموا بتأسيس الحكومة التركية ونشر الجنود على بقية البلاد، وهكذا كانت جيجل مرة أخرى قاعدة انطلاق لتأسيس الدولة. وتشير بعض المصادر إلى أن بابا عروج توفي في إحدى المعارك الأولى لفتح العاصمة ليكمل المسيرة أخوه خير الدين بارباروس، هذا الأخير التحم كثيرا مع سكان جيجل وأعطاهم الكثير من المزايا منها عدم دفع الإشاوات والضرائب إلا بالقسط القليل جدا، وكذا فرصة تعليمهم الحرف التقليدية كصناعة الحلويات، الإطعام، اللباس، الحلاقة ... وغيرها، وهو ما يفسر تحكم "الجواجلة" اليوم في الجزائر في معظم الصناعات التقلديدية، كما سمح لهم القائد بارتداء اللباس التركي والتزوج من بنات الأمراء والأثرياء وكذا منحهم عقارات بالقصبة، ولايزال البعض يتوارثها أبا عن جد منذ عهد الأتراك، وقد عاشت قبائل جيجل ال 13 عيشة رغيدة بين أحضان القائد التركي الذي كان يثق فيهم ويصحبهم في كل معاركه داخل الجزائر وخارجها، وهكذا تولدت هذه الرابطة التاريخية بين الجواجلة والأخوين بابا عروج وخير الدين بارباروس.