شهد صالون الصناعات التقليدية والفنية، المختتمة فعالياته أول يوم أمس، تنوعا وزخما في المنتوجات الجزائرية للعديد من ولايات الوطن، تميز بمجموعة من التحف التقليدية المتقنة في صناعتها وأهمها ''الفخار'' وهو من الصناعات التقليدية التي كانت ولازالت تحتل الصدارة ويشهد لها الزمن الماضي بمكانتها التي فرضتها في ظل التميز والإبداع الذي صنعته أيادٍ تفننت في إعطاء الصنعة التقليدية حقها، وما هم إلا شباب أحبوا المهنة وحافظوا على طابعها الأصيل وتفننوا في إدخال لمسات جديدة. أخذت صناعة الفخار اتجاهات عديدة في ظل وجود شباب أعطوا الصنعة قيمتها وأدخلوها عالم الصناعات التقليدية المعصرنة من خلال ما تفننت بهم أياديهم ومواهبهم وأنتجت تحفا تبقى على ممر الزمن خالدة خلود المادة الأولية المصنوعة منها. وإذا كانت الحرفة تقتصر في زمن على صنع أوانٍ فخارية للطهي أو للأكل وحتى تحف للزينة لكنها محدودة وعلى حسب معرفتم للصانع، فإنها اليوم تأخذ لمسات جديدة أدخلها شباب امتهنوا الصنعة وأحبوها وتفننوا في إنتاج تحف تكاد للوهلة الأولى لا تصدق بأنها صنعت من الطين. عبد اللطيف وحمزة أخوان احترفا صناعة الفخار وأنتجا تحفا فنية رائعة لا تكاد للوهلة الأولى تصدق أنها صنعت من الطين، فكل قطعة من القطع المعروضة كانت لها دلالتها الخاصة وزمنها الذي يحكي أصالة كل قطعة فنية. وبالرغم من صغر سنهما وكبر الصنعة وعراقتها، إلا أن ذلك لم يثن من عزيمتهما ولم يوقفهما عن تفجير إبداعهما وتفننهما عند ملامسة كتلة الطين منذ الوهلة الأولى إلى إخراج قطعة فنية تترجم ما أرادا صنعه وما أرادا إظهاره للغير. مارسا هذه الصنعة لمدة عام فقط، لكن الناظر إلى تحفهم الفنية يحس أن هذا الإبداع وليد سنوات عديدة ومن أيدي صناع مهرة، لكن في الحقيقة هما شابان في مقتبل عمرهما فقط. يقول عبد اللطيف في هذا الصدد: ''عندما تحب أن تعمل أو أن تصنع شيئا فإنه ليس بالضرورة أن تتوفر لديك كل الإمكانيات أو مكان عمل واسع، ولكنك تستطيع أن تصنع ما تحب وما تريد أينما كنت وأيا كانت هي إمكانياتك''. ويضيف: ''أحببت الصنعة وأن ألامس الطين وأصنع به ما كان يجول بخاطري عندما كنت صغيرا وكان أخي الأكبر يصنع تحفا فنية رائعة للبيت من مزهريات للزينة وأوانٍ منزلية وغيرها من التحف التي مازالت لليوم خالدة، ومنذ ذلك اليوم دخلت عالم الصنعة وأنشأت أنا وأخي ورشة صغيرة ننتج فيها كل ما هو جميل''. تحف فنية باللون الفضي والبرونز أمتعت الحاضرين أبدع عبد اللطيف وحمزة في جعل الطين مصدرا لصنع تحف فخارية رائعة أسرت الحاضرين وخطفت الأضواء من بقية التحف الأخرى، وجعلت منها صورة فنية رائعة رسميت بيد فنان موهوب وذواق للجمال والإبداع، بزخرفات وبنقوش مميزة زادت من التحفة رونفا أعطاها ميزة خاصة، وزاد من جمالها وأكسبها قيمة فنية رائعة. فبين ديكورات للصالون من مزهريات للورود وجذوع أشجار وبيوت صغيرة، أبدع الصانع في إنتاج تحف فنية مادتها الأولى الصلصال وأساسها اليد التي أبدعت في تلك الإنجازات الرائعة. وفي هذا الصدد يقول عبد اللطيف: ''نستمد الأفكار في إنجاز القطعة من الطبيعة بألوانها الخلابة، وأحيانا أخرى نكون عفويين في ذلك أي نترك إنجاز تلك القطعة على طبيعتها إلى أن تأتي الفكرة لإنجاز تحف مغايرة للأولى''. وأضاف أنه لا يستغرق وقتا كبيرا في الإنجاز لأنه أتقن ذلك وأحب عمله ولأنه صار يكتشف الجديد ويبدع في إنجاز ما هو أروع كل ما تقدم به الزمن في هاته الصنعة. وعن المشاكل التي تواجه ورشتهم الصغيرة يقول: ''نطمح أنا وأخي أن نملك ورشة عمل كبيرة لكي نوسع منتوجاتنا، ونطمح أيضا في ترقيتها لما لا خاصة وأن أعمالنا بات لها صدى كبير عند الناس وبات لدينا الكثير من الزبائن الوفيين''. وعن الجديد الذي أضافه عبد اللطيف أو بالأحرى لمستهم الخاصة يقول إنهما أضافا لوني البروز والفضة على تلك التحف الفنية مما أعطاها لمسة فنية رائعة، فلا تكاد تعرف أن تلك القطعة مادتها الأولية هي الطين بل وكأنها مصنوعة من النحاس وما يعجبك أكثر الدقة في اختيار اللون النحاسي البراق والفضي اللماع، وما زاد الصنعة جمالا هو اختيار أشكال فنية رائعة جمعت لتشكل نافورة للمياه بلون البرونز تستعمل كديكور لقاعات الجلوس أو غير ذلك أعطت لعبد اللطيف وحمزة الحرفيان اللذان سعيا للحفاظ على صنعة ''الفخار'' كتقاليد كانت ولازالت راسخة وباقية في مجتمعا، ميزة خاصة بهما عن باقي الصناعات التقليدية الأخرى بدليل اقتناء الزوار للكثير من التحف الفنية التي أبدعت يداهما في صنعها. رسومات وألوان تحكي جمال الصحراء العميقة برسومات من عمق الصحراء وبألوان الرمل الدافئة ومن الطبيعة استمد مبدع آخر في صنع الفخار لمساته في إنجاز تحف فنية مميزة تجعلك تعيش ذلك الزمن الذي أراده الصانع، هم الإخوة ''بوبكر'' الذين جعلوا من الطين والرمل يحاكي جمال تلك التحفة الفنية، فصنعوا من الطين أشكالا مميزة. وتنوعت المعروضات من مزهريات صغيرة وكبيرة تأخذ اللون الذهبي والفضي وبزخرفات متنوعة ترجع غالبا إلى رسومات مستمدة من صحرائنا العميقة كالرجل الأزق والنخيل وحتى الواحات الموجودة هناك، وبين حامل للأقلام والشموع ذات اللون الذهبي مزخرف برسومات رائعة أيضا، وأضاف عليه الصانع لمسة من الرمل أضفى على القطعة ميزة أخرى زادت من جمالها. ومن جهة أخرى نجد لوحات فنية على شكل صحون أخذت اللون الأسود وتميزت برسومات بربرية جد رائعة، أضفت عليها الألوان الزهرية جمالا أخاذا. وما ميز ما قدمه الإخوة ''بوبكر'' في منتوجاتهم إضفاءهم للون الأسود والرمادي على أشكال صنعت من الطين ترجعك إلى زمن مضى وفي عصور سابقة، تمثل معظمها في مزهريات غريبة الشكل، وأشكال أخرى على شكل قرون باللون الأود والرمادي وهو ما أضفى جمالا مميزا على منتوجاتهم. ولأن الإبداع كان واضحا على كل المنتوجات المعروضة يؤكد صانعها أن الورشة لا تستطيع تلبية كل متطلبات الزبائن حتى أنها تسوق للمحلات وذلك لوفرة المنتوج أيضا.