واحدة من أشهر ماشطات قسنطينة المعروفة ب"الماشطة سماح"، زارتنا بمقر الجريدة بقسنطينة، وكان معها الحديث عن هذه العادة الفنية والتقليد المكلف الذي كان سائدا حتى إبان الحقبة الاستعمارية، وقبلها السيدة "خالد فيروز" هي المشرفة الأولى على ماشطة سماح، هذا الأخير هو اسم ابنتها وفنانة في اللباس التقليدي بمختلف ألوانه ومدارسه، تقول أن الفكرة جاءتها منذ سنوات لتحترف اليوم مرافقة العروسة بداية من الحمام إلى غاية خروجها في الموكب، ثم ترافقها أيضا حتى في بيتها الجديد، وطيلة هذه الرحلة تقدم لها سبع لبسات وتزينها بالماكياج، وتحضر لها تسريحة الشعر وتمنحها أساور وحلي لتبدو فعلا عروسة أنيقة ومغرية على حد قولها• وتفيد السيدة فيروز، أن مهمتها تقتضي عدم السماح لأي كان التقرب من العروسة بخصوص إعدادها وتحضير فساتينها وزينتها، فلها الكلمة الأولى و الأخيرة، و كل الثقة توضع فيها قبل البدء، وهي تراعي خصوصيات وشكل وجسد كل عروسة لتختار لها ما يناسبها، ويخرج عليها - كما تقول - وبين هذا وذاك، تعرض عليها فساتين وجبات قسنطينية وتلمسانية وعاصمية وقبائلية، وشاوية، أو قفطان مغربي وحتى هندي، وتساعدها في عملها ابنتها، كما أن هناك من العرائس من يفضلن ارتداء ألبسة مختلفة وسبع تبديلات في يوم واحد• الماشطة النشطة حتى داخل مكتبنا، عرضت علينا نماذج قمة في الأناقة والجمال، قالت أنها جد سعيدة بحرفتها هذه التي باتت تلقى الاستحسان من يوم لآخر، على اعتبار أن من يخضعن لزينتها يخبرن أخريات فيتم الاتصال بها حتى صارت اليوم من الصعب عليها أن تلبي كل الطلبات، وهي تدعو إلى ولوج هذا الفضاء الفني من قبل أخريات، كما أنها سعيدة كونها أعادت بعث عادة وفن كاد أن يختفي نهائيا، وكونها قسنطينية تحب خصوصيات وفنون هذه الولاية الضاربة في أعماق التاريخ• وعن بدايتها أوضحت "فيروز"، أنها كانت تمتهن الخياطة وتختص في اللباس التقليدي، وجاءتها الفكرة لتكون ماشطة، وهكذا كانت الانطلاقة ومنها النجاح• وفي ما يتعلق بما تحوزه من ملابس وحلي، قالت السيدة "فيروز"، أن كل لبسة اشتريتها من بلادها الأصلية في الغالب وتم اللباس والذهب، وبالتالي العروس لا تحتاج إلى أي شيئ من لوازمها، وهناك بعض الفتيات المقبلات على الزواج تفضلن وضع حليها ولباسها، وهنا دوري يكمن في الحفلة ووضع الماكياج وتسريحة، فأمها تضعها في يد أمينة لتتكفل مولات العرس بالمدعوين والضيوف• أما ديكور العروس وقعدتها، وأطباق الحنة صناعة تقليدية وسينية الحنة والحلاقة واللباس فهو للماشطة "فيروز"، ولأن العصر يتطلب ذلك صارت تتكفل اليوم بكل العرس جانبه الفني طبعا، فبالإضافة إلى تحضير وتزيين العروسة، تقوم بمساعدة ابنتها المقبلة على شهادة البكالوريا الموسم المقبل، بإعداد الهدوة والديجي والتصوير، ولمن تريد حتى تنظيم الموكب واستقدام سيارات آخر طراز، وبالتالي كل مستلزمات الفرح في جانبه الفني والجمالي، وبالطبع ذلك يكلف مبالغ تتراوح بين 5 و7 ملايين في اليوم الواحد، وتقوم لذوي الدخل الضعيف تخفيضات ومساعدات كبيرة مع منحهم لباس تقليدي واحد، ولا تجاوز السبع لبسات وأشياء أخرى فالمهم بالنسبة لها صنع الفرجة والأناقة• الماشطة سماح، حضرت معارض عديدة بقسنطينة وعنابة وغيرهما، وأقامت أفراحا بولايات مختلفة، وبخصوص عدم خوفها من حدوث سرقات لحليها، ردت أن العروسة ملزمة بعدم تضييع أي شيئ والحمد لله، تقول لم تحدث سابقة من هذا النوع•