أشار الباحث والمؤلف محمد عبد الله الدوسري عضو نادي تبوك الأدبي في التمهيد النظري الذي وضعه لكتابه "ذاكرة الجزائر في ديوان الشعر السعودي "إلى أن مناسبة إقامة الأيام الثقافية السعودية في الجزائر كانت فرصة لعرض أهم الأعمال التي تمخضت عن مواقف المثقفين السعوديين من القضية الجزائرية والتي ظهرت من خلال الدعم المادي بالحث على البذل ومساعدة الجزائريين للتصدي للاستعمار إلى جانب تدعيمهم لها عن طريق المقالات والقصائد والنثر . وقد استوقفت الباحث محمد عبد الله الدوسري القصائد التي تناولت القضية الجزائرية ،والتي عكف على جمعها و دراستها لاختيار ابرز القصائد التي عمد أصحابها الى التعريف بالقضية الجزائرية و التي ضمنها في كتابه .حيث اعتمد في اختياره لها على عدة عوامل منها المستوى الفني للقصيدة ونوع أسلوب الشعر المختار سواء كان عموديا التزم فيه الشاعر وحدة القافية أو ما نهج منه في شعر التفعيلة . وقد عمد محمد عبد الله الدوسري في عرض كتابه إلى تقديم مهاد نظري تطرق من خلاله إلى عرض ارتباط الشعر السعودي بالقضية الجزائرية منذ بدايتها وتدعيمها ماديا ومعنويا وهو ما ظهر حسبه ،من خلال متابعة المثقفين السعوديين على وجه الخصوص لأخبار الجزائر و تقصي كل ما يرد حولها في الصحف والإذاعات ،مضيفا إلى ان الشعراء في تلك الفترة كانوا يناجون الجزائر في قصائدهم باستخدام "وطني" و"موطني " وهو ما يدل حسبه على تنامي الشعور القومي آنذاك . كما قام الدوسري بعرض أهم النتائج التي توصل إليها من خلال دراسته لجانب من هذه القصائد من حيث المبنى والمعنى ، حيث توصل إلى ان معظم القصائد جاءت مباشرة في طرح مواضيعها في استخدام اللغة الخطابية والإنشائية ،إلى جانب حضور الصورة الشعرية التي كانت اقرب للبوح الوجداني لأنها اعتمدت على البعد العاطفي للتعبير عن معاناة الجزائريين والتعاطف معهم والسخط على الاستعمار . ومن خلال ما ورد في مقدمته أوضح الكاتب أنه وجد صعوبة في تصنيف هذه القصائد لان كثيرا منها تعبر عن أكثر من جانب فهناك قصائد تهتم بالتحفيز على التبرع للثورة ولكنها تتشعب لتصوير معاناة الجزائريين ، إلا انه حاول القيام بذلك بالاعتماد على أكثر الجوانب التي تضمنتها القصائد ، ليقوم بتقسيمها حسب مواضيعها إلى ثماني محاور وهي يوم الجزائر ،حماسيات ،مناجاة الجزائر وثورته ،أوراس ،بكائيات ،الآخر المستعمر في مرآة الذات والتاريخ والثورة ،أفراح النصر ومن خلال التعرض للقصائد المختارة نجد ان الشعراء تفاوتوا في إظهار معاناة الجزائريين فمنهم من اتجه إلى تصوير فضاعة الاستعمار ومنهم من خصصها لدعم القضية الجزائرية والحث على البذل المادي مثل قول الشاعر حمد بن سعد الحجي في قصيدة "صدى يوم الجزائر" "يوم الجزائر "قد اطل كأنه عبد يصافحه الورى تقبيلا يوم به أهل المكارم والنهى بذلوا النفيس مع الدقيق جميلا وهناك من اتجه للحديث عن المجاهدة "جميلة بوحيرد "ليصف معاناتها وشخصيتها مثل قصيدة جميلة للشاعر سعد البواردي في قوله جميلة كم أنت في خاطر الشرق دنيا جميلة كم أنت في خاطر السجن دنيا البطولة إلى جانب من تناول القضية الجزائرية من مختلف الجوانب والتي استمرت حتى بعد الاستقلال