عندما يخطر اسم الحجاز تعبق معه أطياب روحية تحول الأجساد الى أنوار شفافة، وتنفجر من الألسنة منابع الصلاة، وتنهمر على الأفئدة أمطار الرحمة وأضواء الجمال وتصعد الابتهالات والأدعية كأبخرة من فرط الشوق والحنين، المكان الذي تغسل فيه الذنوب، وتطهّر فيه القلوب ويعود فيه الإنسان كيوم ولدته أمه طاهرا زكيا بريئا على فطرته التي فطره الله عليها أول مرة، تأتي السعودية لتنمق عاصمة الثقافة العربية الجزائر، ولكنها تأتي بالموروث الثقافي والحضاري كله لأنها مهبط الوحي ومنبت رسول اللّه، وبيت اللّه ودار هجرة نبيه، اليوم يتألق قصر الثقافة بكل أبعاد السماء وزخارف الأرض باحتضانه افتتاح الأسبوع الثقافي للملكة العربية السعودية· أرض الحجاز قائمة بيننا وفينا في صلواتنا في ارتفاع الآذان في الصلاة، والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، تضيق مساحات السطور وتقصر الأحرف والجمل عن التعبير وكيف لا وهذه الأرض الطيبة برسول الله والمقدسة ببيت الله تحتويها الأحرف والجمل· من البيت العتيق الى دار الهجرة على تراتيل وتلاوة القرآن الكريم حيث يسبح الحصى وتسيل القلوب محبة وتذوب الأفئدة شوقا الى هذا الثرى الطيب، المملكة التي تحضر ببعدها الثقافي العربي الإسلامي بكل أطياف العرب التاريخية من اسماعيل الى محمّد، ومن الحجاز الى نجد ومن القبائل التي كانت تسكن الصحراء الى المساجد التي أصبحت تنير العالم وتزفّ له البشرى فمن ذا يستطيع القبض على أمجاد هذا الوطن وفيه قبر الرسول ومسجده وأصحابه، وفيه بيت الله العتيق، إلا أن السنة الثقافية التي زفت فيها الجزائر عروسة زيّنت بحلل الفنون ودرر الإبداع وأعباق التاريخ فجمعت العرب في خيمتهم مرددة لكل قادم حللت أهلا ونزلت سهلا"· المملكة العربية السعودية الشجرة التي ستظل بظلها كل العرب رفيعهم ووضيعهم تنزل ضيفة وفي حقائبها المجد كله والتاريخ كله والحضارة كلها لأنها المكان الذي فيه اكتمل الإنسان النموذجي الكامل في شخص الرسول عليه الصلاة والسلام· ولهذا الجمهور العاصمي على موعد اليوم مع افتتاح أسبوع غير الأسابيع السابقة لأنه يمثل تاج العرب وسنمهم وسدرة منتهاهم حيث يرفع الستار على نشاطات ثقافية بافتتاح المعارض بقصر الثقافة، مستهلا بالفنون التشكيلية، التصوير الفوتوغرافي النحت، النخلة والتمور، الحرمين الشريفين، كما يتم حفل الافتتاح بحضور وزراء الثقافة العرب وتكون الأمسية رطبة بالموسيقى والغناء وعروض الفنون الشعبية ورطابة الكلمة الطيبة· أما اليوم الثاني من الأسبوع فيتميّز بالعلاقة الطيبة التي تربط الجزائر بالسعودية وتتجسد هذه الرابطة التاريخية في محاضرة تحتضنها جامعة الجزائر تحت عنوان "الثورة الجزائرية والمملكة العربية السعودية" يلقيها الدكتور عبد الله العثيمين والأستاذ محمد الدوسري· كما تحتضن قاعة الموفار فيلما عن الحرمين الشريفين وعرضا مسرحيا، بينما تنشط بالمدرسة الوطنية لإطارات الحماية المدنية ندوة حول "الشهيد أحمد رضا حوحو والعلاقات الثقافية بين الجزائر والسعودية"· كما لا يقتصر الأسبوع الثقافي السعودي على الجزائر العاصمة بل تمد نشاطاته الى الباهية وهران، حيث يحتضن المسرح الجهوي عبد القادر علولة مسرحية تحت عنوان "حالة قلق" وفي سينماتيك وهران يعرض فيلم سينمائي، كما تحتضن مدينة بونة عنابة عرضا لمسرحية "رصاصة الرحمة" بالمسرح الجهوي عز الدين مجوبي بالإضافة الى عرض سينمائي· ويستمر الأسبوع الثقافي السعودي الثري في نشاطاته الثقافية، حيث يحتضن نادي "فرانتز فانون" برياض الفتح حفل توقيع كتاب "ذاكرة الجزائر في ديوان الشعر السعودي"، بالإضافة الى المشهد الأدبي في المملكة السعودية، وتتوالى العروض والنشاطات الثقافية الأخرى، المسرح، السينما، الموسيقى، الفلكلور بكل من بوزريعة، وهران، عنابة، جامعة الجزائر، قصر الثقافة الى غاية يوم السبت الفاتح من ديسمبر 2007، حيث يختتم هذا الأسبوع·