يقدم هذا الكتاب "دول وعولمة: استراتيجيات وأدوار" الذي أعدته مجموعة من الباحثين والباحثات المهتمين بالتغيرات الطارئة على أدوار الدول في ظل العولمة، قضية سيادة الدول وما إذا كانت لاتزال الفاعل الرئيسي أم أن دورها قد همش لصالح سلطات أخرى اقتصادية وقانونية، ويكشف من خلال ما يطرحه من دراسات تجريبية وأبحاث نظرية حول بعض المفاهيم المرتبطة بالعولمة، كالحكم الصالح والخصخصة والتنمية المستدامة والتنظيم، عن أن الدول مازالت هي المحرك الأول لعملية العولمة، بل الفاعل الرئيسي للتنظيمات التي من شأنها الحد من الآثار غير المرغوبة لها. ويشير الكتاب إلى أن نبوءة نهاية الدولة التي تنبأ بها بعض الباحثين كنتيجة لزيادة حركات العولمة تبدو خاطئة، حيث إن دورها لم ينته، ولكنه تحور وتطور متخذا بعدا جديدا فيما يتعلق بأساليب التنظيم المطلوبة لمواجهة متغيرات العولمة، الأمر الذي يقتضي أن يتوافر للدولة القدر الكافي من المعرفة، بعيدا عن الممارسات البيروقراطية والضوابط القانونية التقليدية، وهو ما يتناوله الكتاب بالتحليل والبحث من خلال دراسات الحال المطروحة. والكتاب الذي ترجم عن الفرنسية وصدر عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة وهو ثمرة ملتقى أعد في جامعة جنيف في سبتمبر 1999م حول السياسات العامة والقانون في إطار العولمة، أعدته للنشر لورينا باريني حاصلة على الدكتوراه في العلوم السياسية وباحثة ببرنامج الدراسات جامعة جنيف كلية SES وترجمته نانيس عبد الوهاب وراجعه د.مجدي عبد الحافظ أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بجامعة حلوان، وهو عمل مهم في إطار هدفه المحدد الذي ينحصر في التحولات التي طرأت على القانون ودور الدول في إطار العولمة، وقد شارك فيه حشد من الباحثين والأساتذة المرموقين من فروع معرفية مختلفة تبدأ بتكنولوجيا علوم الحياة مرورا بالاقتصاد السياسي والعلوم السياسية وصولا إلى القانون وفلسفته وعلم الاجتماع وهم يمثلون فضاء جغرافيا واسعا يمتد من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا في أوروبا ليعبر المحيط إلي كولومبيا في أمريكا اللاتينية، ساهم هذا التنوع في التخصصات والجغرافيا في إعطاء صورة حية ومن زوايا متعددة لحقيقة العولمة بين الناس وعلى أرض الواقع وفي مجالات مختلفة من حياة البشر وإذا مثل هذا جانبا إيجابيا انعكس على ثراء البحوث والكتاب بعامة.