انتقد قادة وسياسيون عرب وأوروبيون وأمريكيون لاتينيون مفهوم صراع الحضارات ووصفوه بالأطروحة الزائفة، مشددين في الجلسة الافتتاحية للدورة الثلاثين لمنتدى أصيلة الثقافي الدولي، على أن التفاعل الإيجابي بين الحضارات الإنسانية لم ولن يتوقف. وأعرب الملك المغربي محمد السادس في رسالة وجهها للمشاركين في ندوة "تحالف الحضارات في الفضاء العربي الأفريقي الإيبيرولاتينوأميركي" التي استهل بها الموسم، عن مناهضة بلاده لما أسماها "الأطروحة الزائفة" لصدام الحضارات، معتبرا أن الصدام لا يكون إلا بين الجهات، أما الحضارات فإن جوهرها التفاعل لما فيه خير الإنسانية جمعاء في نطاق احترام الخصوصيات والهويات والثقافات. كما دعا في الوقت نفسه إلى إنشاء مؤسسة تعنى بتعزيز النهوض بين الحضارات، طالبا من مؤسسة أصيلة المنظمة للمنتدى إعداد دراسة بهذا الشأن . أما رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو فقد أشاد بمبادرة تحالف الحضارات التي أطلقتها إسبانيا وتركيا وتبنتها الأممالمتحدة. وأضاف في خطاب قرأه بالنيابة عنه وزير خارجيته ميغيل أنخيل موراتينوس أن الهوة الحاصلة بين أتباع الديانات وأبناء الحضارات المختلفة مردها أسباب سياسية لا عقائدية، مشددا على تهافت منطق أصحاب نظرية صدام الحضارات القائل باستحالة التعايش بين أبناء بعض الثقافات. كما أيد الطرح نفسه رئيس الأمانة العامة الإيبيروأمريكية إيريكي إخليسياس الذي أكد أن التنوع الديني ليس المسؤول عن أعمال العنف التي تحصل في العالم، مضيفا أن مرد تلك الأعمال احتلال أراضي الغير في الشرق الأوسط، إضافة إلى الحيف والظلم الذي يسود العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية. من جانبه اعتبر وزير الثقافة الفرنسي السابق جاك لانغ أن أسوأ عائق يقف أمام تقارب الحضارات اليوم هو" إمبريالية الإدارة الأمريكية الحالية التي تركت في العالم حالة من الفوضى وانعدام الأمن"، مشددا على أن سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية في عهد الرئيس المنصرف جورج بوش "تسببت في تصاعد العنف وعودة التعصب وعدم التسامح" حسب تعبيره . وتتضمن فعاليات الموسم الذي يستمر طيلة شهر أوت الجاري بمشاركة عشرات السياسيين والمثقفين العرب والأجانب، ندوات أخرى حول "النخب والسلطة والديمقراطية في الوطن العربي" و"الإعلام في القرن الحادي والعشرين"، و"السينما والتلفزيون السياسي في الوطن العربي " . كما يشهد المنتدى الذي يعتبر أهم رافد للتنمية الشاملة لمدينة أصيلة الواقعة على شمال الضفة الأطلسية للمغرب تنظيم معارض فنية وقراءات شعرية وأمسيات موسيقية، وتوزع خلاله جائزة في الشعر الأفريقي وأخرى للرواية العربية بالإضافة إلى جائزة تشجيعية للشعراء العرب الشباب. أما وزير الخارجية المغربي السابق وعمدة المدينة محمد بن عيسى الذي يرأس أيضا منتدى أصيلة منذ إنشائه عام 1978، أن هذه التظاهرة السنوية التي تعد الأعرق من نوعها في المغرب، حققت هدفها الأول المتمثل في "جعل الثقافة وسيلة من أجل تحقيق التنمية ومنطلقا لها، حينما لا تتوافر الثروات الطبيعية المتعارف عليها اقتصاديا "، كما نوه إلى إسهام المنتدى في ما أسماه بتعبيد طريق لحوار بين الشمال والجنوب وبين الدوائر الثقافية داخل الجنوب نفسه.