أن تعرف البلاد برلمان المقابر، فهذا أمر طبيعي في جزائر الموت المتواصل ! .. وأن تعرف الحياة السياسية أحزاب المقابر، فذاك أيضا من الأمور الطبيعية، لأن كل الأحزاب لا تملك أي رصيد سوى رصيد المقابر .. رصيد الشهداء ! لكن في المدة الأخيرة ظهرت ممارسات جديدة يمكن أن نطلق عليها إسم "أصدقاء المقابر" !.. أقول هذا لأنني لم أفهم ما قاله العيادة في المقبرة للواء خالد نزار .. وما قاله خالد نزار في المقبرة للعيادة إلا في سياق "صداقة المقابر" ! هل يعقل أن يطلب إرهابي تائب من لواء متقاعد أن يتوسط له لدى مسؤول كبير في الجيش دون أن تكون له علاقة بهذا اللواء ؟! .. وهل بإمكاننا أن نتصور نوعية هذه العلاقة؟!.. اللهم إلا إذا كانت علاقة من نوع الزمالة في التقاعد، فاللواء نزار تقاعد عن الإستئصال والعيادة تقاعد عن الإرهاب !.. وهل للمواطن أن يتصور نوعية الحديث الذي يمكن أن يقوله العيادة للمسؤول العسكري الكبير لو نجح في إقناع نزار بترتيب موعد له مع هذا المسؤول الكبير؟!.. وهنا يطرح سؤال مهم : هل فعلا توجد علاقة بين كبار الإرهابيين وكبار المسؤولين في الجيش ؟! وإذا كانت هذه العلاقة موجودة فلماذا لا تظهر للرأي العام إلا في المقابر ومع المتقاعدين ؟! أغلب الظن أن كبار الإرهابيين التائبين يتصيدون جنازات كبار الضباط لحضورها قصد التدليل على أن هناك علاقة بين هؤلاء والضباط الكبار !.. والهدف هو الهف السياسي والأمني ومحاولة تبييض الصورة ! بهدف استغلالها لاحقا في جلب المنافع ! ومن هنا يمكن أن نفهم لماذا كان عدد الإرهابيين التائبين في جنازة الجنرال إسماعيل العماري أو فضيل شريف يعادل أو يزيد عدد الضباط الحاضرين ؟! لقد كان رئيس الحكومة الحالي أحمد أويحيى على حق حين رفض مصافحة أحد التائبين، قائلا له : "أنت بالنسبة لي إرهابي وتبقى كذلك حتى ولو تبت".. لأن المقابر لا تقيم الصداقات بين الإرهاب والسلطة !