يحتل الحرف العربي مكانة رفيعة في أعمال الفنان الإيطالي كرم سيباستيانو كاناريلا المقيم بالمغرب منذ مدة طويلة. وفي معرضه المقام بالمركز الثقافي الإيطالي بالرباط من الفاتح سبتمبر إلى نهايته، يقدم الفنان الصقلي المنشأ عام 1942، مجموعة من الأعمال واللوحات تعكس شغفه بالحرف العربي والقرآن الكريم والسنة الشريفة والحضارة الإسلامية في صقلية. ويفسر كاناريلا هذه المكانة بتعرفه المبكر على التراث العربي الإسلامي وهو في الثالثة من عمره بجزيرة صقلية الموجودة جنوب إيطاليا، قائلا "بما أنني ولدت في صقلية، فتحت عيني منذ وقت مبكر على الميراث الإسلامي في هذه الجزيرة، وقادني هذا التأثر إلى الاهتمام بالحضارة وكتابة المصحف كله". وبعد فترة من الدراسة، اختار الفنان الصقلي الاشتغال بالتراث الإسلامي بعد اعتناقه الإسلام مبتدئا بالقرآن الكريم والحديث الشريف ورموز دينية، فأنجز عدة لوحات عن الملك جبريل عليه السلام ونبي الله نوح عليه السلام. كما أنجز 1300 لوحة عن القرآن الكريم و45 لوحة عن الحديث يستلهم فيها النصوص ومعبرا عن معانيها في لوحات تجريدية. وقد حقق كاناريلا شهرة عالمية وعربية بمعارضه المتنقلة بين فيرساي وباريس ولندن وموناكو وروما، حتى جاءت سنة 1991 حيث شارك بمعرض ناجح بالقاهرة حاز فيه على إعجاب النقاد. وفي سنة 1995 استضيف بالمملكة العربية السعودية لتقديم لوحاته. ويرى جيورجيو ساليرنو، مدير المركز الثقافي الإيطالي بالمغرب، أن كاناريلا يعد نموذجا ناجحا في التقارب الثقافي بين الدول الأوروبية والدول العربية الإسلامية وفي تحاور الحضارات. وأضاف في حديث "للجزيرة نت" أن مثل هذه النماذج تسهم في تمتين الروابط الثقافية والتاريخية وتصلح ما تفسده السياسة. وحسب شهادة الناقد الفني عبد الله الشيخ التي وردت في كراسة حول الفنان فإن كاناريلا المتعلق بعقيدته الإسلامية، يجسد العلاقات المتشابكة مع الفضاء المعاش، وبانغماره بين الخطوط المتحولة وانبهاره باللغة المدهشة للألوان والرموز، يفتح كاناريلا مقاربة رمزية غير مسبوقة تحيي تراث الأجداد المنشغل بالتعبير عن أكبر شيء ممكن بأقل شيء ممكن، وإعطاء قيمة للمكان الذي ننتمي إليه. وفي المغرب نظم كاناريلا كثيرا من المعارض بالدار البيضاء والرباط ومدن مغربية أخرى. وفي 1997، أنجز لوحات للعائلة الملكية في ذكرى رحيل الملك السابق الحسن الثاني بمسرح محمد الخامس.