بني مسجد "كتشاوة" في قلب العاصمة الجزائرية القديمة في سنة1021 هجري الموافق ل 1792 ميلادية أي في الفترة العثمانية ويبقى مسجد "كتشاوة" أحد المعالم التاريخية الراسخة في الجزائر وأقدمها في الحي العتيق "القصبة" التي تعود كل بناياتها إلى العهد العثماني باعتبار أن الجزائر من البلدان العربية التي تعاقبت عليها الكثير من الحضارات وهو ما جعل كل حضارة تترك بصمتها وهو ما يظهر للزائر في الجزائر. سمي ب "كتشاوة" نسبة إلى السوق التي كانت تقام في الساحة المجاورة للمسجد والتي تحول اسمها الآن إلى " ساحة الشهداء"، وكان الأتراك يطلقون عليها اسم "سوق الماعز، حيث أن كلمة "كتشاوة" بالتركية تعني : "keçi كيت" : ساحة و "شافا CHAVA" تعني عنزة. مسجد مخضب بدماء أربعة آلاف مصلي وبعد الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 تحول المسجد إلى كنيسة بعد أن قام الجنرال الدوق "دو روفيغو" القائد الأعلى للقوات الفرنسية الذي كان تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية الإستعمارية "دوبونياك" بإخراج جميع المصاحف الموجودة فيه إلى "ساحة الماعز" المجاورة التي صارت تحمل فيما بعد اسم "ساحة الشهداء" ، وأحرقها عن آخرها ، فكان منظرا أشبه بمنظر إحراق "هولاكو" للكتب في بغداد عندما اجتاحها. وقد قام الجنرال "دو روفيغو" بعد ذلك بتحويل الجامع إلى إسطبل ، بعد أن قتل فيه من المصلين ما يفوق أربعة آلاف مسلم كانوا قد اعتصموا فيه احتجاجا على قراره تحويله إلى كنيسة، و بقي كذلك لأكثر من قرن بالرغم مما جاء في وثيقة "استسلام" حاكم الجزائر في ذلك الوقت "والداي حسين" من أن السلطات الفرنسية تحترم الديانة الإسلامية وتتعهد بحماية ممتلكات السكان من السلب والنهب. ثم هدم المسجد بتاريخ 18/12/1832 م، وأقيم مكانه كاتدرائية، حملت اسم "سانت فيليب"، وصلّى المسيحيون فيه أول صلاة نصرانية ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر 1832 م ، فبعثت الملكة "إميلي" زوجة "لويس فيليب" هداياها الثمينة للكنيسة الجديدة، أما الملك فأرسل الستائر الفاخرة، وبعث البابا "غريغور السادس عشرة" تماثيل للقديسين. الشيخ "الابراهيمي" أول خطيب بالجامع بعد الاستقلال استرجعت السلطات الجزائرية بعد الاستقلال مسجد " كتشاوة" و أقيمت به أول صلاة جمعة بعد 130 سنة من تحويله إلى كنيسة في الثاني من شهر نوفمبر 1962، وكان الخطيب في ذلك اليوم العلامة الشيخ "محمد البشير الإبراهيمي" احد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. ولا يزال المسجد يحافظ على تاريخه ويصارع تقلبات الزمن حيث يتواجد في الواجهة البحرية للعاصمة الجزائرية فالداخل إلى حي القصبة العتيقة يتراءى له من بعيد المسجد الذي يتوسط ساحة الشهداء التي أصبحت اليوم سوقا تجاريا مفتوحا على كل المنتوجات المحلية الصنع. ويشدد القاطنون في حي القصبة العتيق أن المسجد يعد من أهم المعالم التي تتوسط العاصمة القديمة وأعطاها هويتها الإسلامية بالرغم من أن الاستعمار الفرنسي أراد أن يطمس هويته الإسلامية.