مفهوم الوطن وما ارتبط به من الوطنية ساد لفترة زمنية، لكن مفهوم المواطنة ظل غائبا ومغيبا، ولا وطنية من دون المواطنة، ولا مواطنة من دون حقوق الإنسان المقننة والمحمية. كنا نرى الوطنية في الاستقلال التام عن الخارج، وأساسا عن القوة الاستعمارية فرنسا، سياسيا واقتصاديا وثقافيا. لقد تأكدنا اليوم أن المواطنة التي تفضي إلى حرية الناس، هي وحدها الكفيلة بتحقيق كل الغايات.. فالحاكم قوي بقوة المواطنين الأحرار.. وضعيف بضعفهم وبتشدده عليهم.. نال .. نجدها ضمن حروف كلمة المواطن، وقد رددنا كثيرا أن الوطن استعاد استقلاله عام 1962، لكن بعضنا يقول أنه ضيعه بعد ذلك .. وعلى كل قارئ أن يضع التاريخ الذي يراه الأنسب لضياع هذا الاستقلال.. إن كان يرى ذلك صحيحا!! أطل .. وهي تجعلنا نقول أن صبح المواطنة أطل، مع استعادة البلاد لاستقلالها ومع الكثير من النصوص والتشريعات، لكنه غاب عمليا، ونحن اليوم، وعلى الرغم من التشدق بالديمقراطية أقل مواطنة .. اسألوا الزائرين للبلديات وباقي الإدارات الحكومية عن المعاملة التي يعاملون بها، واسألوا أي مواطن عن رأيه في دخول مخفر للشرطة وشعوره قبل الدخول، وعن شعوره والشرطي يطلب منه أوراق سيارته و..و.. ؟!! طال .. فعلا لقد طال انتظار الإصلاح الإداري، وطال انتظار إصلاح منطق تعامل إدارات الدولة مع المواطنين، إنه منطق يجعل المواطن متهم حتى يثبت براءته..(!!)، إنه منطق لا أغرب منه فهو يطالب المواطن أن يثبت أنه على قيد الحياة (!!) ويهتم بطوله ولون شعره ولون بؤبؤ عينيه..!! إنها بقايا الإدارة البوليسية الاستعمارية.