انتقد المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي الطاهر بومدرة الإجراء القضائي المتعلق بوضع الأحداث المنحرفين أو الجانحين في السجن، واعتبره إجراءا سلبيا يتسبب في احتكاك الأحداث أكثر بعالم الإجرام مما يجعلهم مرشحين لارتكاب جرائم أكبر من تلك التي أدخلتهم إلى المؤسسات العقابية. أوضح الطاهر بومدرة، أمس على هامش الدورة التكوينية لقضاة الأحداث المنظمة بإقامة القضاة، أن إصلاح الأحداث المنحرفين أوالجانحين يتحقق من خلال اعتماد إجراءات بديلة عن وضعهم في السجن ومتابعتهم جنائيا على غرار الأشخاص البالغين، وذلك بالتركيز على محاولات إعادة الحدث الجانح إلى الوسط الطبيعي وهو الأسرة أوالمدرسة، وجعل السجن أو مراكز إعادة التربية والتأهيل آخر حل يلجا إليه القضاة في التعامل مع هذه الفئة الهشة. وأشار إلى أن احتكاك الأطفال بالمجتمع الإجرامي يدفعه الى المزيد من العنف والإجرام. وأضاف المتحدث أن مسؤولية إجرام الأحداث تتحملها على حد سواء الأسرة والمدرسة التي تفشل في أداء الدور المنوط بها وتصنع مجرمين بغير قصد. وأكد نفس المصدر على ضرورة معاملة الحدث وفق حاجته للحماية والرعاية النفسية، محذرا من عواقب معاملته كمجرم قد يستحيل إصلاحه مستقبلا، خاصة أطفال الإرهابيين الذين يحتاجون- حسبه - لرعاية وإجراءات خاصة تمنع حملهم وصمة العار التي من شأنها عرقلة مساعي إدماجهم في المجتمع. وفي السياق ذاته، اعتبر المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي أن الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر في العشريتين المنصرمتين، أثرت بشكل كبير على شريحة الأطفال وتسببت في ارتفاع معدل الجنوح والإجرام لديهم، مؤكدا على ضرورة إعطاء الأولوية لإعادة تأهيل الأحداث الجانحين أوالمنحرفين من خلال مراجعة النصوص التشريعية ووضع الآليات الضرورية لذلك، منها مراكز الرعاية وحماية الأحداث والتركيز على الجانب التربوي في إصلاحهم. وإن كان المتحدث قد أثنى على التجربة الجزائرية في التعامل مع الأحداث المنحرفين أو الجانحين من خلال المحاكم الخاصة، إلا أنه أشار إلى بعض النقائص الواجب استدراكها من خلال مراجعة بعض القوانين. واقترح المتحدث تدعيم التنسيق بين مصالح الشرطة والقضاء والدرك الوطني والنيابة العامة بهدف تفادي المتابعة القضائية ضد الأحداث، وحل مشكل الجنح أو الجرائم التي يرتكبونها بالتراضي مع الضحية. من جهته، قال المدير العام لإصلاح السجون مختار فليون، أن عدد الأحداث المسجونين بلغ 600 حالة موزعة على مركز في سطيف وفديل، وجناح خاص بسجن الحراش. وقال إن هؤلاء هم مسبوقون قضائيا، فيما يوجد عدد آخر منهم على مستوى مراكز الرعاية لوزارة التضامن الوطني. وتخصص الدورة التكوينية، التي تستمر إلى غاية نهاية الأسبوع ويستفيد منها قضاة الأحداث وإطارات من الضبطية القضائية للشرطة والدرك الوطنيين، لدراسة محاور قضاء الأحداث والعدالة الإصلاحية للأحداث، بالإضافة إلى الضمانات الممنوحة للحدث في خطر معنوي ودور فرق حماية الأحداث في التعامل مع هؤلاء. ويشارك في الدورة خبراء دوليون يعرضون تجاربهم في هذا المجال.