هل يجب على الإمام بعد أن يسلم من صلاته أن يستدير ليواجه المصلين ، أم أن هذا غير واجب؟ لا يجب هذا على الإمام، وإنما يستحب له بعد السلام أن يواجه المصلين، لما روي عن سمرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله ص إذا صلى صلاة أقبل عليهم بوجهه" (فتح الباري 2-313). وقالوا: يكره للإمام أن يظل على هيئته بعد السلام مدة طويلة؛ لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي ص كان إذا فرغ من الصلاة لا يمكث في مكانه إلا مقدار أن يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام" (مسلم). وأما الحنفية فإنهم فرقوا بالنسبة لهيئة الإمام بعد الصلاة بين الصلاة التي بعدها سنة، وبين التي ليس بعدها سنة، فقالوا: إن كانت الصلاة مما ليس بعدها سنة، كالفجر والعصر، فالإمام مخير إن شاء قام، وإن شاء قعد يشتغل بالذكر والدعاء، مغيراً هيئته مواجهًا للمصلين، أو منحرفًا عن مكانه، وإن كانت الصلاة مما تعقبها صلاة سنة فيكره له المكث قاعدًا، ولكن يقوم ويتنحى عن ذلك المكان ثم يتنفل. ووجه التفرقة هذه أن السنن بعد الفرائض شرعت لجبر النقصان، ليقوم في الآخرة مقام ما ترك فيها لعذر، فيكره الفصل بينهما بمكث طويل، ولا كذلك الصلوات التي ليست بعدها سنة. الحج أولى أم إرجاع الدين ؟ هل يجوز لي أن أذهب إلى الحج وأنا عندي ديْن أسدده إلى الدولة وإلى غيري؟ الأولى للمدين أن يؤدى دينه قبل أداء الحج، لأنه غير مستطيع، ولكن إذا حج مع وجود الدين فإن حجه صحيح. فيجوز الحج والعمرة للمدين ويقع عنه ويصح ويسقط عنه حجة الإسلام ، ولكن الأولى أن يؤدي دينه قبل أداء الحج ؛ لأن الله لم يكلفه بالحج والعمرة إلا عند وجود الاستطاعة لقوله تبارك وتعالى: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً"(سورة آل عمران 97). وقال العلماء: الاستطاعة تكون بالنفس أي يكون صحيحًا معافى من الأمراض ومن الشيخوخة ومن العجز ، هذه هي الاستطاعة البدنية والاستطاعة الأخرى الاستطاعة بالمال، بأن يكون مال الحج والعمرة فائض عن نفقته ونفقة أهله وديونه . حتى يذهب ويرجع إلى الحج، لكنه إذا حج مع وجود الدين فإن الحج يكون صحيحًا ويكون بذلك قد أدى فريضة الإسلام . لقب الحاج والتباهي به ما حكم من حج وأدى جميع المناسك لله تعالى، لكن في نفسه شيء كونه يتمنى أن يقول الناس له يا حاج ؟ جزاكم الله خيراً حج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن أحد منهم يُنادِي مَن حَجَّ بيت الله باسم حاج، وإنما كان يُنادِي بعضُهم بعضًا بأسمائهم التي عُرِفوا بها. وحج بيت الله المُحَرَّم الركن الخامس من أركان الإسلام، وهذا الركن مِثْلُه كمثل غيره من بقية أركان الإسلام، فقول الناس: يا حاجُّ لمَن حج بيت الله إنما هو تكريم له، ولكن لا ينبغي له أن يطلب من أحد تكريمه به؛ لأن مَن عبَد الله تبارك وتعالى مُخلِصًا لا يطلب جزاءه إلا من ربه عز وجل. أما الرجل الذي يحُج من أجل أن يقول الناس له: يا حاجُّ إنما هو لم يخلص إخلاصًا كاملًا لله سبحانه وتعالى. أما قول الناس: يا حاجُّ، إنما هو مُجَرَّد عادة من عادات التكريم، وليست مُوجِبةً، فيجوز أن يُنادي مَن حج بيت الله الحرام باسمه مُجَرَّدًا من كلمة حاج.