قوبلت حادثة "رجم" بوش بحذاء من طرف الصحفي العراقي منتظر الزايدي، في أمريكا وأوربا باللامبالاة، واعتبرتها كوندوليزا رايس أنها صورة من صور الحرية في العراق الجديد.. عراق ما بعد صدام. لكنها في العالم العربي الذي يعاني الكثير من الإحباط اجتماعيا وسياسيا، قوبلت بالتهويل، واعتبرها الإعلام العربي مفخرة للعرب وللصحافة العربية، وتلقاها الشارع المتعطش للفرح ليصنع منها الحدث، ويخرج الآلاف في مظاهرات مؤيدة لمنتظر، وجعلت من الحدث عملا بطوليا غير مسبوق. وأضافت شيئا من البهجة على الناس، وذكرتهم بلحظات الفرح والنشوة التي عرفها الشارع العربي عندما قصفت صواريخ صدام تل أبيب في حرب 1991. صحيح أن الحادثة من منظور القانون هي تهوّر وعمل يعاقب عليه القانون لكن للقانون وللسياسات منطقها، الذي لا علاقة له بمنطق الشعوب المضطهدة المغلوبة على أمرها، الشعوب الحالمة بمن يرفع لها كرامتها وينفض عنها قرونا من الغبار والذل. صحفي مغمور يتحول بين عشية وضحاها إلى رمز لأمة بأكملها، قال إنه حضّر لاستقبال بوش بطريقة غير مسبوقة، طريقة سيدخل بها التاريخ، وقد تحققت له أمنيته، ودخل فعلا التاريخ الذي خرج منه بوش أول أمس منكسرا مبهدلا. فكم منا تمنى لو أن بوش لم ينحن أمام الحذاء العراقي، وأصابه هذا في وجهه، كيف كان سيخرج بوش من العراق ودماؤه تنزف.. وعينه مفقوءة؟ كم منا من تمنى ذلك؟ نعم نحن أمة متعطشة لشيء من الكرامة، لشيء من الفرح، ولو كان ذلك بطريقة غير حضارية. لابأس، فليس من الحضارة ما فعله جنود بوش بسجون أبو غريب.!