القلة القليلة من رجال الإعلام الحاضرين بالمؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأمريكي جورج بوش المندحر بحذاء منتظر الزيدي، كانت تعلم الغرض من زيارة بوش إلى العراق في الظرف الحالي، ومن بين هؤلاء الصحفي الشاب منتظر الزيدي صاحب حادثة الحذاء سليلة حادثة المروحة، ولمن لا يعرف حادثة المروحة هي تلك التي وقعت على ارض جزائر الثوار وبقصر الداي حسين يوم جاء القنصل الفرنسي إلى القصر طالبه الداي الإسراع في تسديد الديون التي على بلاده للجزائر المقدرة ب 20 مليون فرنك فرنسي، فأساء القنصل الفرنسي الرد وهو ما جعل الداي يأمره بالخروج مطرودا إلا انه تعنت فضربه بالمروحة، اتخذت حينها ذريعة لاحتلال الجزائر. فبعد كل الهزائم التي تكبدها الجيش الأمريكي على ارض الرافدين حين دخلها محتلا بذريعة إضفاء الديمقراطية وإزالة أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وقد روجت الإدارة الأمريكية وحلفائها وزمرة من العملاء وقتها أن الشعب العراقي سوف يستقبلهم ويودعهم بالورود و سيغادرون العراق حالا، لكن لم يحدث لا ذاك ولا ذاك وظل الشعب العراقي يئن تحت وطأة الاحتلال الأمريكي ينتظر خروجه إلا أن اتفاقية الإذعان بددت كل الآمال، فتأكدوا أن كل تلك الوعود والعهود أكاذيب وتظليل أدى إلى احتلال بلادهم إلى اجل غير مسمى، خاصة وأنهم رأوا صاحب الوعد يهم بمغادرة البيت الأبيض ويسلم شارة شرطي العالم لأخر لا يقل سوءا عنه وكما يقال عندنا في الجزائر '' أولاد الكلبة كلهم كلابس. لقد عرفت فترة استلام بوش لشارة شرطي العالم بأسوأ الفترات ربما وعلى جميع الأصعدة، وهو ما جعل وسائل الإعلام العالمية وعلى رأسها الإعلام الأمريكي يقوم بانتقاده النقد اللاذع، والحملة الشرسة المرفوعة ضده هذه الأيام دليل على ذلك بعد أن ترك بلاده والعالم يسبح في جملة من المشاكل السياسية والاقتصادية لقد قام الشاب الصحفي منتظر الزيدي بضرب بوش بحذائه على الوجه لعدم التزام بوش بوعوده وسلسلة أكاذيبه على الشعب العراقي، بل وزاد وتمادى عندما عاد إلى العراق ليودعه بزيارة يكون منتظر الزيدي قد رآها زيارة سخرية واستفزاز، بعد أن ترك العراق يسبح في حرب كان في غنى عنها. والغرض الحقيقي من زيارة بوش هي رسالة أراد أن يتركها إلى خليفته باراك أوباما وهي عدم مغادرة العراق ومواصلة ابتزازه، وكذا طمأنة العملاء، كما أراد من زيارته هذه أيضا تلميع صورته وترك بصماته على ارض الرافدين، وإظهار انه الأقوى للعالم، على أنه دخل العراق ولم يتخل عن مشروعه فيها، وخرج منها في زيارة وداع الأبطال وتركها بسلام وهو غير مسؤول إذا ما لحق بها سوء لاحقا بعد أن كشفت اتفاقية الإذعان أن مصير بلاد الرافدين ليس في أمان. لقد اعتقد الكثير ممن لم يتابع حادثة الحذاء، أن الصحفي الشاب قام بذلك ردا على كلام يكون قد بدر من بوش لكن الحقيقة أن منتظر الزيدي فاجأ العالم وبوش المندحر حين رشقه بالحذاء ووابل من الشتائم ووصفه بالكلب مباشرة بعد دخوله إلى القاعة قبل أن يتفوه بأي كلمة للصحافة ،وهو ما يؤكد على أن الصحفي منتظر الزيدي كان يترصد قدوم بوش من لحظة إلى أخرى وجاهز للرمي بعد أن قرأ جيدا مغزى زيارة بوش، واكتشف مكر وخداع الرعاع، لذلك أراد له بحذائه الوداع ربما ليشفي قليلا من غليله وغليل الملايين من العرب والمسلمين، فمن قال أن الورود تتحول إلى أحذية وشرطي العالم يفقد شارته يوما بهذه الطريقة المهينة ليس له وحده بل للإمبراطورية الوهمية التي أهينت بحذاء مقاس 44 مع اعتلاء الحاكم 44 الجديد بالمناسبة تهانينا للحاكم الجديد الذي سيجد حذاء منتظرالزيدي اللامع في انتظاره وهاجس دقاته يجوب أروقة البيت الأبيض السؤال هل سيعمل باراك اوباما في فترة حكمه هذه على تلميع صورة بلاده لتبلغ ولو قليلا لمعان حذاء منتظر الزيدي أم انه سيطيح بحظها هو الأخر كما يقول العراقيون في كلامهم بحذاء آخر اكبر مقاسا و بالتالي السقوط الحر الذي أصبح وشيكا ومنتظرا؟