ما زالت قضية ضرب الصحفي العراقي لبوش بحذائه، تثير ردود الفعل في الشارع العربي، فمنهم من قال فيها شعرا ومنهم من اعتبر منتظر الزيدي بطلا يستحق أن ينصب رئيسا على كل الأمة العربية، وما إلى ذلك من التعليقات المرحة التي تصدر لحظة الفرح. لكن أهل نابلس بفلسطين رأوا في الزايدي ما كان يراه الفراعنة في نهر النيل، حين يأتيهم كل خريف محمّلا بالطمي وبشائر موسم فلاحي خصب، فقد قرر النابلسيون في فلسطين أن يهبوا الزيدي عروسا محملة بالحلي، تماما مثلما كان يرمي المصريون القدامى أجمل بناتهم هبة إلى النيل. مثلما قال الحجاج عن المصريين.. يجمعهم الطبل وتفرقهم العصا، ها نحن أمة يجمعنا نعل نتن وتفرقنا المصالح والجبن. كان لا بد من رمية حذاء لنعرف درجة الإحباط التي بلغناها، وكم نحن مقهورون، وكم نحن في حاجة إلى شيء من البطولة لتعيد لنا شيئا من العزة التي فقدت على يد حكامنا. لا ادري إن كان سيهتم أولي الأمر منا إلى حالهم والشارع العربي يصنع له من الزيدي صلاح الدين جديد، ويعيد له مجد حطين وعمورية. ويفجر ملكة الشعر في صدور من كانوا في حاجة إلى بطل يلهمهم، بطل يساعدهم على التغلب على مكبوتاتهم، يجلسهم على أريكة الطبيب النفسي ويقودهم بهدوء إلى البوح بعللهم وبانكساراتهم. ومن يدري قد يخرجون في الغد إلى الشارع وهم أكثر ثقة بالنفس، ومن يدري قد يقوون على طرد جلاديهم الجاثمين على مصيرهم، قد يقودون ثورة نعال، ويتحرروا من الخوف، ثم من المصير المحتوم.. فمن يدري، قد تفجر رمية حذاء نتن طوفان الرفض في الشارع العربي.. ألا يقول المثل الجزائري " كيف تجي تجيبها شعرة وكيف تروح تقطع السلاسل". قد تنهض أمة من سباتها تحت وقع حذاء...