جاء للدوحة للمشاركة في تجمع جماهيري ضخم أشرف عليه الشيخ القرضاوي لنصرة أهلنا في غزّة... نسي قضية أخاه وقال إن شغله حاليا هو الذهاب لغزّة ولو ماسحاً لأرضية أحد القوارب... كما اعتبر أخاه لا شيئا أمام بطولات بوحيرد وبن مهيدي... فالرجل يتكلم عن الجزائر بلغة أبنائها... * * * منتظر لا يساوي شيئا أمام بطولات بوحيرد وبن مهيدي * * منتظر جرح بسيط بينما غزّة جرح عميق في قلوبنا في هذا الحوار الذي جمعنا به بعد سلسلة من التصريحات ل"الشروق" عبر الهاتف، أكد عدي، شقيق منتظر الزيدي قاذف بوش بالحذاء، عن الكثير من الأشياء التي تخص أخاه كرفضه لمحامي صدام والمساومة التي تعرض لها وعدم اتخاذ السيستاني لأي موقف، وكيف كان منتظر لحظة قذف بوش، والطرق التي كان سيستعملها لضرب بوش، كما كشف حصريا ل"الشروق" عن قائمة الذين اعتدوا على منتظر... * * الشروق اليومي: محاكمة منتظر أجلت إلى 15 يناير الجاري في انتظار حكم محكمة الاستئناف بشأن الاتهامات التي ستوجهها إليه، هل عندكم أسباب لهذا التأجيل؟ * * عدي الزيدي: نعم... المحامون هم من طلبوا تأجيل محاكمة منتظر الزيدي حتى يتمكنوا من تغيير صيغة القانون الذي يحاكم به موكلهم، فمنتظر سوف يحاكم وفق المادة 223 التي تنص على أن من اعتدى على رئيس جمهورية أو قام بقتله يعاقب بالحبس الشديد الذي تتراوح مدته بين 7 إلى 15 سنة، أما المادة 227 فتنص على الإهانة، لذلك المحامون متمسكون بهذه المادة، لأن منتظر لم يعتد لا بالضرب ولا بمحاولة القتل. أما المحكمة فهي متمسكة بالمادة 223 التي تنص على الاعتداء والشروع في القتل. * * س: هل تلقيتم تطمينات من الحكومة حول إمكانية إطلاق سراحه بعفو خاص أو هناك نية في هذا السياق؟ * * ج: لا يا أخي لم نتلق أي اتصال من الحكومة ونحن بدورنا لم نقم بالاتصال بها حتى لا يفسّروا ذلك بتنازلنا أو استهجاننا لتصرف ابننا منتظر وتلقيت نصائح من بعض السياسيين بأن أذهب بعائلتي إلى رئيس الوزراء فقلت لهم بأني أتشرف بالذهاب إليه لكن ليس في الوقت الحالي حتى لا يقرأ تصرفنا بأنه استجداء للرأفة بمنتظر لأنه في أعيننا رجل شجاع. * * س: وكيف هي حال منتظر ووضعه الصحي بالسجن؟ * * ج: أوضاعه الصحية في تدهور مستمر لأنه تعرض للتعذيب الشديد لمدة يومين كالصعق بالكهرباء والضرب بقضيب حديدي وقاموا بقلع أحد أسنانه ويعاني من نزيف داخلي بعينه وأكثر من ست إلى سبع غرز بأنفه وقاموا بإطفاء السجائر في أذنيه وفي رقبته مع تواجد كدمات كثيرة في جسده وخصوصا على يده اليمنى التي قذفت بوش بالحذاء، وأنا أطالب عبر منبركم الحر هذا منظمة أطباء بلا حدود والأمم المتحدة والصليب الأحمر أن يوفدوا لجنة لتقصي الحقائق أو لجنة طبية لفحص منتظر وتحديد درجات عجزه... وخروجي من العراق الآن هو بهدف المطالبة بهذه الأشياء، فمطلبي الأول هو رفع دعوى على جورج بوش ومحاكمته ورفع دعوى على الحرس الخاص للمالكي، نظرا لما اقترفوه في حق منتظر، وإن اقتضى الأمر سأرفع دعوى حتى على الحكومة العراقية. والمطلب الثاني، وهو المهم، يتعلق باللجنة التي يتوجب عليها فحص منتظر لتحديد درجات التعذيب الذي تعرض له حتى لا تميّع قضية منتظر إلى غاية شفائه من جروحه... * * س: ومن قام بعمليات تعذيب منتظر هل هم الحرس الخاص للمالكي؟ * * ج: نعم... الحرس الخاص للمالكي هم من قام بذلك ويوجد لديّ أسماء بعضهم لك (يُخرج ورقة من جيب سترته) وهم: حيدر مجيد شقيق المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء ياسين مجيد، وفارس حامد عبد الكريم العجرش، ونوري خلص، وزياد العجيلي، وحسين القطبي، ورياض حسين، وحسن الخفاجي، ومهدي قاسم... أما الشيء المضحك والمبكي في نفس الوقت والذي كان أثره بالغا في نفسية منتظر، أنه تلقى أول ضربة من مراسل صحفي اسمه حسين الكردي وهو من تلفزيون كردستان والتي أثرت في منتظر نفسيا أكثر من تأثير التعذيب عليه. * * س: بالنسبة للتعذيب هل تعرض له أثناء إلقاء القبض عليه في الحادثة أم في السجن أم أثناء التحقيق؟ * * ج: قاموا بتعذيبه من أول وهلة ألقي فيها الحذاء حيث تعرض للضرب بإحدى الغرف وأسر لي الصحافيون الذين حضروا المؤتمر بأنهم كانوا يسمعون صرخات منتظر وهو يصرخ بصوت عالٍ لمدة عشر دقائق ليختفي الصوت فجأة وأجابني منتظر بأنه حول في تلك الأثناء إلى مكان أكثر تعذيبا وأكثر شراسة. * * س: قيل إن منتظر قام بتحرير اعتذار لجورج بوش تحت تأثير التعذيب ما موقع هذه المعلومة من الصحة؟ * * ج: لا لم يقم بتحرير اعتذار لبوش ولكن تحت تأثير التعذيب حرر اعتذارا لنوري المالكي قال فيه إنه لم يكن بنيته إهانة الحكومة العراقية مهما حصل ومهما كان يشرف عليها عراقيون ولا أستطيع ضرب عراقي بالحذاء ولو كان صغيرا وكل همّي كان ضرب جورج بوش بحذائي، وأنا دخلت إليه في السجن وسألت حول صحة اعتذاره لبوش فنفى لي ذلك نفيا قاطعا وقال لي إنه لو عادت عقارب الساعة إلى الوراء سأقدم على نفس الفعلة بحقه ولكن إن أحسّت الحكومة العراقية بأني أهنتها بفعلتي تلك فأنا أعتذر منها لأنّا عراقيون مهما كان بيننا من خلافات. * * س: بما أنك بصدد القيام بحملة للدفاع عن أخيك، هل تلقيت تهديدات لإرغامك على التراجع وما هي طبيعتها إن وجدت؟ * * ج: تلقيت تهديدات كثيرة وهي من قبل أناس مجهولين وإن سمحت لي سأقرأ على مسامعك بعض الرسائل التي وردتني (يمسك هاتفه النقال) كهذه التي بين يدي والتي تقول: »والله ستندمون على فعلتكم الشنيعة أيها البعثيون«، رغم أننا لم نكن يوما بعثيين. وهذه التي تقول »يا قومتجية النبي كان يطعم اليهودي لأنه ضيف فكيف تقومون بهذا مع ضيفنا الكريم« وقومتجية معناها أننا قوميون وأنا على يقين بأن بوش ليس بضيف. * * س: وكيف تفسر عدم صدور أو اتخاذ السيستاني لأي موقف في قضية منتظر؟ * * ج: أنا ناشدت آية الله السيستاني أكثر من مرة وقلت بأنه رجل كبير في العراق وله كلمة مسموعة ويستطيع بحرف واحد إخراج منتظر من السجن ولكن تراني متعجبا من هذا الصمت ليس من أية الله السيستاني، ولكن الصمت كان من لدن كل المراجع واستغرب إصدارهم لمواقف في الانتخابات وفي أشياء أقل أهمية من قضية منتظر ونحن نأمل وننتظر موقفا من أية الله السيستاني في قضية منتظر لأنه أحد أبنائه وأنا على يقين بأنه كان مسرورا وفخورا به لأنه يعتبر كذلك بوش شيطانا أكبر. * * س: ولكن بماذا تفسر عدم اتخاذه لأي موقف وهو معروف بمواقفه المعادية للاحتلال حيث كان من المفروض أن يكون أول وأشد المؤيّدين لمنتظر؟ * * ج: في اعتقادي أنه لا يريد إحراج الحكومة العراقية لأنه كما يعتبر منتظر أحد أبنائه فالحكومة كذلك مشكلة من أبنائه ويريد أن تكون القضية بين أيدي القضاء وفقط. * * س: لماذا قام منتظر برفض محامي صدام للمرافعة عنه؟ * * ج: أنت تعلم أن منتظر يتواجد تحت الضغط وتحت حكم الدولة فهل تنتظر أن يطالب بذلك ولو حصل فسوف تحرّف قضيته، خاصة وأنهم ادّعوا بأنه بعثي، ولو قام بذلك فسيقولون بأنه بعثي وهو ما لا يريده أخي حتى أن هناك محامين من التيار الصدري أبدوا استعدادهم للترافع عنه ورفض ذلك وهم مشكورون كلهم على وقفتهم هذه. * * س: ألا يتواجد من بينهم محامون من خارج العراق بما أننا سمعنا بأن هناك مبادرة من المحامين العرب في هذا الصدد؟ * * ج: أنا تمنيت وناشدت بأن يتقدم محامون من خارج العراق للمرفعة عن منتظر ولكن لا جدوى. أما المبادرة التي تتحدث عنها فكيف تأتي وهم لم يقوموا حتى بالمجيء إلينا أو الاتصال بنا فهم كثيرو الكلام قليلو الأفعال كالمنظمات التي تستهجن وتندد بما يحصل لمنتظر عبر وسائل الإعلام ولكن لا توجد واحدة من بين هذه المنظمات اتصلت بنا أو حاولت معرفة أحواله، فعندما كنت جالسا مع منتظر وهو يروي لي ما حصل له من تعذيب كان يتواجد معنا شخصان من وزارة حقوق الإنسان العراقية يدونان ما تعرض له فأنا أتمنى أن أسمع لهم صوتا لأنهم لم يتكلموا ولو ببنت شفة رغم أنني تمنيت منهم أن يخرجوا لوسائل الإعلام ويصرحوا بما تعرض له منتظر، إلا أن ما كتبوه أرادوا أن يبقى مجرد حبر على ورق. * * س: هل يمكن أن تسرد لنا طباع منتظر في طفولته وإلى أي تيار كان ينتمي؟ * * ج: منتظر لم يكن ينتمي لأي تيار ومنذ صغره وهو يتسم بالهدوء إلى درجة عدم احتجاجه لو سلبت منه حاجته، لدرجة أننا كنا نطلق عليه اسم الجبان بصراحة لاتّسامه بالهدوء والرزانة ونضج في ظروف جد صعبة للعائلة حيث كان يدرس في الإعدادية ويعمل في آنٍ واحدٍ بمحل للمرطبات وهذا قبل سقوط نظام صدام فلم يكن له طريق غير البيت والمدرسة ومكان العمل وبعد سقوط النظام اتجه إلى الإعلام بالرغم من انه خريج جامعة التكنولوجيا ولكن مارس الإعلام من باب الموهبة فهو لم يكن لا يمينيا ولا يساريا ولا شيوعيا أو بعثيا فهو مستقل ولديه أصدقاء من كل الأطياف السياسية وكان يحب الجميع، كما كان يتناول الاعتداءات التي تتعرض لها المدن العراقية بألم كبير وبمصداقية عالية بغض النظر عن التيار الذي تنتمي إليه هذه المدينة ودليل ذلك استبشار كل أطياف الشعب العراقي بما فعله منتظر ووقوفهم إلى جانبه. * * س: وكيف كان مزاجه قبل الحادثة هل كان مضطربا أو أعطاكم الإحساس بأنه مقدم على فعل ما؟ * * ج: لا أبدا... فأنا رأيته قبل الحادثة بدقائق كان هادئا وجاء إلى البيت من القناة وغيّر ملابسه وألقى علينا التحية ثم خرج لم يكن يبدو على وجهه أي شيء غير عادي ولم يكن عصبيا أو مرتجفا وكان أكثر من طبيعي وأسرّ لنا بأنه سيذهب إلى مؤتمر صحفي ولم يذكر لنا ما كان ينوي فعله تماما لأننا لم نكن على علم بمجيء بوش إلى العراق ولكن لما رأيت منتظر في الصور لاحظت أنه كان مكشرا لأنيابه فمنتظر يبلغ 28 سنة من العمر وطوال حياتي لم أره بتلك الصورة التي شاهدته عليها وكأنه كان يريد افتراس بوش. * * س: وكيف كان إطلاعكم على الحادثة هل كان على المباشر أم سمعتم بها دقائق بعد وقوعها؟ * * ج: لم نسمع بها إلا بعد حوالي ساعة من وقوعها واتصل بي صديقه من القناة وقال لي بأن أخاكم ضرب بوش بحذائه وكنت أعتقد بأنه بصدد المزاح فقط ولم أصدقه لكن بمجرد مشاهدتي للتلفزيون ذهلنا بما فعله. * * س: بما أنك تكلمت مع أخيك بعد الحادثة، ألم يكن ينتظر أو يتوقع قتله بعدها؟ * * ج: منتظر قال لي بالحرف الواحد »كنت أنوي رمي حذاء واحد على بوش لما قال قبلاتي للشعب، إذ تذكرت الفتاة عبير الجنابي التي تبلغ 14 سنة واغتصبت وقتلت هي وعائلتها، وتذكرت القرآن الكريم الذي تطلق عليه النار ومصائبهم وجرائمهم في العراق، وتذكرت المتحف العراقي الذي سلبت منه حضارة وادي الرافدين، ففكرت في البصق في وجه بوش ثم في ضربه بالقلم ثم نظرت إلى حذائي وفكرت في ضربه به وقمت بالتقرب من بوش وأنا أتوقع قتلي من الحرس الخاص لبوش فنطقت الشهادتين وألقيت الحذاء، ولكن لما أخطأ الحذاء ولم يتعرض لي الحرس الخاص قمت برمي الحذاء الثاني، وكنت أفكر في حذاء ثالث أنزعه من أرجل أحد الصحافيين لولا تعرضي للضرب من الصحافي الكردي. * * س: خلال مشاركتك في تجمع نصرة غزّة بملعب نادي قطر بالدوحة، أبديت رغبة في التوجه لغزّة؟ * * ج: أكيد، فيوم أمس كانت لي عدة جلسات مع أشخاص في إطار قضية منتظر الزيدي فتركتهم للمشاركة في الاعتصام من أجل غزة لمدة 3 ساعات وكان بودي أن أتكلم مع الناس الذين جاؤوا وأن أقول لهم بأن منتظر هو فداء لغزة، فمنتظر هو شخص واحد وجرح بسيط في قلوبنا، أما في غزة فيموت المئات وتتشرد العائلات وتهدم البيوت فغزة هي جرح كبير وعميق في قلوبنا وإن شاء الله سأذهب إلى غزة وسأترك قضية منتظر وقمت بالاتصال بالإخوة الذين سيقومون برحلة عبر الباخرة إلى غزة وأكدت لهم بأني مستعد إلى خدمة الباخرة حتى لو تطلب مني ذلك مسح الباخرة في سبيل الذهاب إلى غزة. * * س: وهل من كلمة للشعب الجزائري الذي تضامن بقوة مع منتظر؟ * * ج: أضيف لك معلومة وهي أن الشروق كانت أول صحيفة خارج العراق تتصل بي يوم الحادث، ثم توالت الاتصالات من الأخ مصطفى فرحات وكان اتصاله بغرض الاطمئنان على منتظر قبل أخذ المعلومة الصحفية، على عكس باقي الصحافيين. واتصل بي في العديد من المرات للاطمئنان على منتظر ولم يأخذ أو يطلب أي معلومة صحفية. * أما بالنسبة لقضية الجزائر فهي كقضية العراق فنحن بلد واحد وتاريخ واحد، فالجزائر فعل بها الاحتلال ما فعل وضحت بمليون ونصف المليون شهيد كما يضحي العراق الآن بالملايين من شهدائه، فبرأيي الجزائر أكثر بلد عربي إن لم أقل في العالم يحس بمعاناة العراقيين وأنا إن شاء الله لن أتوانى في الذهاب إلى الجزائر وتلبية دعوتها وتقبيل تراب الجزائر لأنها عانت ما نعانيه الآن وأيضا أنادي وأقولها مجددا أين يظهر ما قدمه منتظر لو قارناه بما قامت به جميلة بوحيرد وعبد القادر الجزائري والعربي بن مهيدي وحسب رأيي فهؤلاء لايزالون خالدين ولم يموتوا ولكن التي ماتت هي الأنظمة العربية.