زارني في مقر الجريدة أحد رجال أعمال هذا الزمان ! وطلب مني أن أساعده في تكوين شركة مختصة في تجارة الإنتخابات والترشح والتصويت ! وقال لي هذا التاجر الفريد من نوعه: إنه يمكن أن يكون متعهد انتخابات•• تماما مثلما قام بتعهد حفلات ! وأن رجال السياسة لا يختلفون عن رجال الفن•• فكل نجم له ثمنه ! وأنه كان بإمكانه أن يوفر لوزارة الداخلية مترشحين نجوم على درجة عالية من القبول لأن يكونوا رؤساء للجزائر ! وأن الأمر لا يعد صعبا، فالمهم هو كيف تتم الصفقة بين المتعهد وبين وزارة الداخلية وبين النجم المترشح للرئاسيات ! وذهب الرجل بعيدا حين قال: إنه بإمكانه أن ينظم أيضا مهرجانات شعبية ناجحة ! والمهم هو المبالغ التي تدفع لتنظيم هذا الأمر ! وأنه بإمكانه أيضا أن يحمل الناخبين على الذهاب إلى صناديق الإقتراع والتصويت لمن يريد أن يصوت له ! والقضية تتعلق في النهاية بالثمن الذي يدفعه أو تدفعه وزارة الداخلية للمتعهد لإنجاز هذه المهمة ! وعندما أبديت اندهاشي مما يقوله هذا التاجر السياسي، أجابني بكل برودة: ولماذا يا أخي تعيب علي المتاجرة بالمرشحين للرئاسة ولا تعيب على حزب العمال والأحزاب الأخرى كراء النواب للمجلس الشعبي الوطني؟! أليست القضية في النهاية هي تجارة سياسية ؟! ألم يقل الرئيس بوتفليقة ومعه بلخادم أن النواب اشتروا مقاعدهم في البرلمان؟ إن الملايير التي تدفعها الدولة للأحزاب والجمعيات من أجل جلب المرشحين وجلب الناخبين لصناديق الإقتراع يمكن أن توفر الدولة نصف هذه المبالغ لو تعاملت مع متعهدي الإنتخابات واعتبرت الدولة المسألة تجارية بحتة وتحتاج إلى كفاءة في تسييرها•• بعيدا عن الرداءة السياسية! تسمرت في مكاني وأنا أسمع لهذا التاجر الغريب غرابة ما يحدث في الجزائر ! ثم قلت له: ولماذا اخترتني أنا بالذات لتحدثني عن هذا المشروع ؟! فقال: بكل بساطة•• لأنك بوق كبير وبإمكانه إيصال الفكرة لأهل الحل والعقد؟! وعندما غادرني، رحت أقلب الأمر من جميع أوجهه •• وقلت: لم لا؟! فكل شيء في الجزائر أصبح قابلا للبيع والشراء•• ثم رحت أركض وراءه لأبيعه قلمي !