فجر قرار رئيس الجمهورية استحداث مجلس أعلى للشباب (المادة 173 الفقرة 3 من مشروع الدستور) حربا بين فعاليات شبانية في كواليس أحزابهم وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول من يمسك بزمامه وبمقاعده. مع العلم أن الرئيس هو الذي أمر بحل هذا المجلس قبل 16 سنة، بعد عام واحد من توليه الحكم. حتى قبل أن يرى النور، أشعل مقترح إنشاء المجلس الصراع، معيدا إلى العقول ما كان يعيشه في زمن الرئيس السابق اليامين زروال، بين مختلف الفعاليات الشبانية، بغرض التموقع والهيمنة عليه، فضلا عن إثارة مخاوف بأن يستولي "غير الشباب" عليه، مثلما يحذر منه الاتحاد العام الجزائري للشباب، في بيان له. كما يحذر الاتحاد من التسرع في تشكيل المجلس والابتعاد عن تمييعه بالصراعات الحزبية، داعيا إلى أن يكون المنتسبون إليه مستقبلا من "شباب يتمتع بالاستقلالية قادر على إحداث ثورة في المفاهيم والذهنيات". وتعول السلطة على هذه الهيئة الاستشارية، مثلما جاء على لسان مدير ديوان رئيس الجمهورية، أحمد أويحيى، خلال ندوته الصحفية، للإنصات للشباب الذي بات ضروريا لتحسس مشكلاته وتوفير حلولها من طرف ممثلين عنهم يأتون من كل مناطق الوطن، غير أن أويحيى لم يجب عن سؤال مهم وهو: لماذا حل الرئيس المجلس، وبعد 16 سنة قرر إحياء هيكل ميت في فترة صعبة، زادتها تعقيدا تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية الناجمة عن انكماش مداخيل البترول. درواز: عانيت كثيرا بسبب صراعات حمس والأفالان والأرندي يروي الذين عايشوا سنوات المجلس (1995-2000)، أن الصراعات المحتدمة بين ثلاثي أحزاب الموالاة آنذاك وهي الأرندي والأفالان وحمس، هي التي عجلت بإقباره، فضلا عن استغراق أعضائه في البحث عن الامتيازات والمهمات الخارجية، بل كانوا يعتبرون أنفسهم بمثابة سلطة موازية لمؤسسة البرلمان. ويذكر أول رئيس للمجلس الأعلى للشباب، عزيز درواز، تلك السنوات، مشيرا إلى أنه كان "مؤسسة استشارية توصل صوت الشباب إلى رئيس الجمهورية، عملنا على تقديم عديد المقترحات في تقاريرنا السنوية التي كانت ترفع إلى الرئيس اليامين زروال". وينوه درواز، في تصريح ل«الخبر"، بأن أهم إنجاز وقتئذ كان مقترح تقليص مدة الخدمة الوطنية إلى سنة ونصف، بدل 24 شهرا. وعن رأيه حول إعادة إحياء هذه المؤسسة، يسجل قائلا: "خسرنا الكثير من الوقت، 16 سنة كاملة ليست بالأمر الهين"، خلافا لمنتقدي المجلس آنذاك الذين أسسوا لحله في ماي 2000، بالتأكيد على فشله، حيث يؤكد درواز الذي استدعي في 1997 من طرف زروال لتولي منصب وزير الشباب والرياضة. وردا على سؤال حول صحة الكلام عن تأثير الصراع والتنافس بين المنظمات الشبانية الممثلة فيه، أشار درواز إلى أن المجلس كان مسرحا للنزاعات ومعارك التموقع بين التيارين الوطني والإسلامي، وخاصة بين الأفالان وحركة مجتمع السلم، مشيرا في هذا الصدد أن 60 بالمائة من المنظمات كانت تابعة لحمس، لكن رغم ذلك استطعنا تقديم أشياء كثيرة لأصحاب القرار تخص فئة الشباب". وعن مبرر التبذير وسوء تسيير هذه الهيئة، قال: "أتكلم عن فترة تواجدي في المجلس وهي سنتان، أشرفت خلالها على وضع هياكله وتدشين نشاطه ميدانيا، ما يقال عن التبذير وتحمل ميزانية الدولة أعباء لا طائل منها كلام ليس صحيحا، لأن الكادر المؤطر لهذا الهيكل الشباني كان يعمل ب12 إطارا فقط، ويبلغ نشاطه الذروة في فترة انعقاد الجمعية العامة السنوية يشارك فيها أعضاؤها ال 158". رسميا، تؤكد الحكومة على لسان وزير الشباب والرياضة، الهادي ولد علي، أن المجلس سيكون "فضاء للحوار وقوة اقتراح" تعزز مشاركة الشباب في مختلف مجالات التنمية، في إشارة ضمنية إلى تحميل مهمة التواصل مع الشباب وتعليق أي إخفاق لممثليهم من منظمات، أي بعبارة أخرى امتصاص الصدمات بدل السلطات العمومية والمحلية! وكان الرئيس بوتفليقة قد حل المجلس بناء على تقارير حول الأعباء المالية الناجمة عن نفقاته غير المؤسسة، إضافة إلى ما كان اتهامه بمحدودية التأثير، واقتصار نشاطه على إعداد تقارير سنوية لا ترقى لمستوى مخططات ومقترحات تخفف معاناة الشباب. المادة 173-3 يحدث مجلس أعلى للشباب، وهو هيئة استشارية توضع لدى رئيس الجمهورية. يضم المجلس ممثلين عن الشباب وممثلين عن الحكومة وعن المؤسسات العمومية المكلفة بشؤون الشباب. المادة 173-4 يقدم المجلس الأعلى للشباب آراء وتوصيات حول المسائل المتعلقة بحاجات الشباب وازدهاره في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي. كما يساهم المجلس في ترقية القيم الوطنية والضمير الوطني والحس المدني والتضامن الاجتماعي في أوساط الشباب.