تخطت أغلب مواد البناء الخطوط الحمراء بمجرد دخول قرار دخول منح رخص الاستيراد حيز التنفيذ، بحيث قفز سعر الإسمنت من 600 دينار للكيس الواحد ليبلغ سعره 900 أو أكثر في عدد من مواقع بيع مواد البناء، في وقت ارتفع سعر القنطار الواحد من الحديد ليتراوح بين 7800 دينار إلى 8000 دينار، بعد أن كان في حدود 5700 دينار، وقدرت هذه الزيادات بنحو 40 بالمائة. وإذا كان المواطنون تفاجأوا واشتكوا من هذه الزيادات، فإن أصحاب محلات بيع مواد البناء يبررون هذه الزيادات بقرار الحكومة توقيف استيراد هذه المواد، ما خلق نوعا من الندرة. لم تختلف أسعار مواد البناء المعروضة في مستودعات البيع عن بعضها، إذ شهدت التهاب كبيرا في أسعارها إلى درجة عزوف عدد كبير من المواطنين عن الشراء، طمعا في تراجعها خلال الأيام القادمة. وقد مكنتنا جولتنا لدى بعض أصحاب مستودعات بيع مواد البناء بالعاصمة، من الوقوف على هذه الزيادات في الأسعار، فببلدية الشراڤة التي يتواجد فيها عدد كبير جدا من هذه المحلات، فإن أغلبها كانت تبدو خالية على عروشها. وأرجع صاحب أحد المستودعات بحي "العمارة" هذه الزيادات إلى انخفاض العرض والاعتماد فقط على مواد البناء المصنعة محليا تطبيقا للقرار الحكومي بتوقيف استيراد هذه المواد. وأكد محدثنا أن سعر الكيس الواحد من الإسمنت يباع ب780 دينار بالنسبة للإسمنت من نوع "المتين"، فيما ارتفع سعر الكيس الواحد من نوع "الشامل" 760 دينار للكيس الواحد سعة 50 كلغ، بعدما كان سعره يتراوح في حدود 540 دينار، بحسب ما أكده محدثنا، الذي أضاف أن سعر الكيس الواحد قد يصل إلى الزبون ب800 إلى 900 دينار بسبب ارتفاع تكاليف النقل أيضا، جراء الزيادات في أسعار الوقود. وفيما يخص أسعار الحديد، فقد ارتفعت لتصل إلى 8 آلاف دينار للقنطار بمختلف أنواعها، حسب محدثنا، وقد ترتفع بقليل لدى أصحاب بعض المحلات الأخرى، في وقت أن أسعار الرمال عرفت بدورها ارتفاعا رغم أنها تستخرج محليا، حيث قفزت الأسعار من أربعة آلاف دينار لشاحنة رمل مثلا تجلب من وادي سوف وذات حمولة 18 طنا إلى 5600 دينار، أما رمال سطيف وتيزي وزو وبغلية فتباع ب4500 دينار، بعد أن كانت محددة ب2300 دينار، أي بزيادة فاقت ألفي دينار، هذه الزيادة الملحوظة في أسعار المواد وقفنا عندها أيضا لدى بعض تجار مواد البناء في تسالة المرجة. المشاريع السكنية والأشغال العمومية ستعرف تأخرا كبيرا وفي تعليقه على هذا الارتفاع، أكد عبد الحميد بوداود، رئيس المجمع الوطني للمهندسين، أن ذلك سيؤثر سلبا على وتيرة إنجاز المشاريع السكنية في الجزائر، بالإضافة إلى تأخر إنجاز مشاريع الأشغال العمومية الكبرى، من ذلك تأخر إنجاز مشاريع المطار الدولي والجامع الكبير. وتحدى بوداود الحكومة بإتمام هذه المشاريع في آجالها المحددة، مؤكدا أن الكميات المنتجة من مواد البناء لا تكفي لإتمام إنجاز مختلف المشاريع التنموية، خصوصا مادة الإسمنت، بحيث تملك الجزائر 12 مصنعا لإنتاج الإسمنت في الجزائر، منها 8 مصانع عمومية و4 خاصة، كما أنه تم تسقيف سعر الإسمنت عند 350 دينار منذ سنة 2009، متسائلا عن السبب الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل رهيب خلال الأيام الماضية، ليتجاوز سقف 800 دج. وأغلب هذه المصانع تنتج نحو 19 مليون طن في وقت أنه وبلغة حسابية، فإن مشاريع السكن المختلفة تحتاج إلى 18 مليون طن لإتمامها، لتضاف إليها المشاريع الأخرى. كما أشار رئيس المجمع الوطني للمهندسين إلى أن مشاريع البناء للخواص عبر عدد من المناطق، مهددة بالتوقف بسبب هذه الزيادات المفاجئة في أسعار مواد البناء.