لازالت الحكومة تحاول إقناع الرأي العام بفعالية التدابير التي اتخذتها سنة 2015، للتقليص من فاتورة الواردات، معلنة تحكمها في فاتورة العديد من المواد الاستهلاكية والأولية، غير أن الأرقام الأخيرة للجمارك جاءت مخالفة لتصريحات وزراء حكومة سلال، لتكشف أن تراجع الواردات بنسبة 12,08 بالمائة، يعود بالدرجة الأولى إلى انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية، ماعدا الأدوية التي تراجع حجم وارداتها بأكثر من 5 آلاف طن، ما تسبب في خلق ندرة غير مسبوقة في جميع أنواع الأدوية، خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة. وكان السوق الوطني قد سجل، خلال السنة الماضية، انقطاع تزود الصيدليات بالعديد من الأدوية، التي قررت الحكومة التخفيض من وارداتها أو الامتناع عن استيرادها، والتي تخص بالدرجة الأولى أمراض ارتفاع ضغط الدم والقلب والأنيميا، وحتى بالنسبة لسرطان الثدي، ليكون المرضى أول ضحايا سياسة التقشف المعتمدة من طرف الحكومة، لمواجهة أزمة انهيار أسعار النفط. ومن أهم المواد والسلع التي تباهت الحكومة بتقليص فاتورتها، الإسمنت والسكر والحبوب، إلا أن أرقام الجمارك لسنة 2015 تشير إلى ارتفاع حجم واردات الإسمنت ب600 ألف طن، حيث استوردت الجزائر 6 ملايين و600 ألف طن، السنة الماضية، مقابل 6 ملايين طن سنة 2014، غير أن الفاتورة انخفضت بنسبة 24,09 بالمائة، بعد أن انتقلت قيمة مشتريات الإسمنت من 3,3 مليار دولار في 2014، إلى 2,5 مليار دولار سنة 2015، نتيجة انخفاض أسعار الإسمنت في الأسواق العالمية. فاتورة الحبوب هي الأخرى انخفضت جراء تراجع الأسعار بما معدله 3,14 بالمائة، رغم ارتفاع حجم الواردات من 12 مليون طن إلى 13,67 مليون طن، بفاتورة بلغت 3,4 مليار دولار، مقابل 3,54 مليار دولار سنة 2014. من جهته، ارتفع حجم واردات السكر إلى مليون و934 ألف طن، مقابل مليون و926 ألف طن خلال سنة 2014، لتتراجع الفاتورة من 861 مليون دولار إلى 714 مليون دولار. على عكس هذه المواد، سجل حجم واردات الجزائر من الأدوية تراجعا محسوسا، بمنع دخول 5 آلاف طن من الأدوية، لتتراجع مشتريات الجزائر من الأدوية فقط، دون احتساب المواد الصيدلانية، من 29 ألف طن إلى 24 ألف طن فقط، وتتراجع قيمة الفاتورة من 2,4 مليار دولار إلى 1,8 مليار دولار خلال سنة 2015، ما يمثل انخفاضا بمعدل 22,53 بالمائة. إلى جانب التقليص من واردات أدوية العديد من الأمراض المزمنة، سجلت أرقام الجمارك تراجع مشتريات الجزائر من المواد الصيدلانية، بما فيها الكواشف المستعملة في تحليل الدم، بنسبة 5,35 بالمائة، زيادة على انخفاض فاتورة الأدوية الموجهة للطب البيطري بما معدله 18,14 بالمائة.