دخلت مباراة المنتخب الفلسطيني أمام نظيره الأولمبي الجزائري، التي جرت مساء اليوم بملعب 5 جويلية الأولمبي، التاريخ من أوسع أبوابه، وكتبت بأحرف من ذهب، قبل وخلال وحتى بعد التسعين دقيقة القانونية، بأن الشعب الجزائري هو رائد الشعوب المساندة للقضية الفلسطينية ودائم التضامن مع الأشقاء في غزة وفي كل فلسطين، من أجل إعلاء رايتها في القدس. لأول مرة في تاريخ الكرة الجزائرية، يضع الجمهور الجزائري منتخبا فوق منتخب بلاده، ولم يتعلق الأمر بمنتخب عادي، إنما بمنتخب يعتبر الجزائريون أرضه موطنهم، وشعبه أشقاءهم.. شعب يقاسمونه محنته كل يوم أمام همجية المحتل الإسرائيلي. وكانت أصدق عبارات المساندة والتضامن من خلال المباراة الكروية التاريخية التي جرت في إطار ودي، أن وقفت كل الجماهير التي غصت بها مدرجات الملعب الأولمبي، وقفة رجل واحد لنصرة الفلسطينيين رياضيا وسياسيا، ما تجلى في رايات فلسطين الكثيرة التي فاق عددها الرايات الجزائرية وهي ترفرف بعزة وفخر، وكأن المباراة جرت في غزة وليس بالجزائر. ولن تمحو الذاكرة إطلاقا من الأذهان الحدث التاريخي الذي صنعه الجزائريون، وهم يناصرون، خلال التسعين دقيقة، المنتخب الفلسطيني، من باب التضامن معهم وللتعبير بصدق عن وقوفهم إلى جانبهم. فقد التهبت المدرجات مع كل لقطات تشكيلة المدرب الجزائري لمنتخب فلسطين، نور الدين ولد علي، و«انفجر" الأنصار الجزائريون فرحا بالهدف الوحيد الذي أمضته فلسطين في الدقيقة 62 عن طريق محمد أبو مهية. وكان للتفاعل القوي للجماهير الجزائرية، القادمة متدافعة من كل ربوع الجزائر لكتابة أجمل صفحات التاريخ بين البلدين، أقوى رسالة لأشقائهم على أنهم مع فلسطين قلبا وقالبا ومعها أيضا ظالمة أو مظلومة. فلسطين، هذا المنتخب الذي يعيد إلى أذهان كل الجزائريين تاريخ منتخب جبهة التحرير الوطني، بنجومه الذين اختاروا التعريف بالقضية الجزائرية والدفاع عنها، من خلال المباريات التي كانوا يقيمونها خارج الجزائر إبان حرب التحرير، حقق أهدافه الرياضية والسياسية من مباراته الودية بالجزائر، وخرجت معه قضيتها منتصرة من أرض الجزائر، على مرأى من كل شرائح المجتمع الجزائري ومن شرائحه السياسية أيضا. وقد شد هذا الموعد الكروي التاريخي اهتمام الرياضيين والمسيرين، على غرار محند شريف حناشي، رئيس شبيبة القبائل، والوزراء مثل عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة، والسياسيين في صورة لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، وحضر أيضا المدرب الفلسطيني الشهير والمعروف في الجزائر، منصور حاج سعيد،. وسمحت فلسطين للعائلات الجزائرية بالقدوم إلى الملعب بكل ثقة، وهي مقتنعة بأن ما ستجده بالملعب صورة مغايرة لما تشهده كل ملاعب الجزائر، بفضل فلسطين التي نجحت وحدها في تسويق أجمل صورة عن الملاعب الجزائرية.. وتأتى التحول الكبير في سلوكيات الجماهير الجزائرية من درجة الاحترام الذي يكنه شعب الجزائر العاشق للكرة لفلسطين، فجعل من المباراة عرسا ومنحها دلالات وأبعادا، وجعل ضيف الجزائر يعلو مقامه وشأنه ببلده.