انطلقت امس السبت بالجزائر العاصمة أشغال الندوة الدولية حول"حق الشعوب في المقاومة"كحالة الشعب الصحراوي و بتنظيم من اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي. و يشارك في الندوة أكثر من 70 مقاوما من الصحراء الغربية و مناضلي حقوق الإنسان و ممثلي جمعيات مساندة للقضية الصحراوية قدموا من عدة دول لمختلف القارات.و يحضر أشغال الندوة التي ستستمر يومين ممثلو لجان المساندة لكل من فرنسا وايطاليا و اسبانيا و الهند و موريتانيا و روسيا و المكسيك و الشيلي والمجر و النمسا و نيجيريا و اليابان و السويد و تيمور الشرقية وكذا جامعيين من لبنان و الولاياتالمتحدةالأمريكية و كذا مناضلين من فلسطين و نكاراغوا و جنوب افريقيا. كما حضر الجلسة الافتتاحية رئيس الحكومة للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عبد القادر طالب عمر على رأس وفد صحراوي هام. و على هامش هذا الملتقى أكد الوزير الأول للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية عبد القادر طالب عمر في كلمة ألقاها في افتتاح هذا اللقاء ان اختيار حالة بلاده موضوعا للندوة الدولية حول"حق الشعوب في المقاومة"من شأنه إبراز الحقائق للرأي العام. و قال الوزير الأول الصحراوي إن انعقاد الندوة مع"انطلاق الأنشطة السياسية على المستويات الدولية و الوطنية و بهذا الحضور النوعي والمتميز من شأنه أن يساهم في إبراز الحقائق للرأي العام الدولي و يعرف بمعاناة الشعب الصحراوي تحت الاحتلال".وأضاف ان في هذا الوقت بالذات"يزج النظام الملكي في المغرب بكل الأوراق الهادفة إلى أخفاء صورته الحقيقية البشعة باعتباره قوة احتلال قمعي غاشم ممارسا في ذلك شتى أنواع التضليل والمغالطات والتزوير وقلب الحقائق مسخرا لذلك كل الإمكانيات والوسائط التي يملكها". و عبر عن اقتناعه ان الندوة"ستساهم في استجلاء الحقائق والرد على الأضاليل والدعاية الكاذبة للمحتل وحلفائه خاصة بمشاركة عدد معتبر من النشطاء الحقوقيين الصحراويين القادمين من المنطقة ومعظمهم خبر شتى صنوف القمع والتنكيل الوحشي"مضيفا أنهم يشكلون"شهادات حية ناطقة بمعاناة الشعب الصحراوي تحت الاحتلال".إن شهادات المشاركين في الندوة –كما قال– "تضاف إلى ما قدمته منظمات دولية ذات تأثير عالمي كبير من شهادات و أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية".و أكد الوزير الأول بهذه المناسبة ان القمع لم يقتصر على الصحراويين بل طال بعض المدافعين الأجانب عن حقوق الإنسان.وأشار إلى ان المغرب"ظل يرفض أي مسعى يهدف إلى إيجاد ميكانيزم لمراقبة حقوق الإنسان بالمنطقة المحتلة رغم النداءات الدولية المتكررة و استعداد جبهة البوليساريو المطلق لتطبيق تلك الآلية في اللجوء والمناطق المحررة حال إقرارها".و أوضح السيد طالب عمر ان عدد المختطفين"مجهولي المصير"حتى الآن بلغ أكثر من 500 شخص مدني مفقود و 151 أسير حرب عسكري في حين لا زال البعض في غياهب سجون الاحتلال لمواقفهم الوطنية المؤيدة لحق تقرير المصير و الاستقلال. كما بلغ عدد السجناء حاليا 41 معتقلا سياسيا موزعين –كما جاء في كلمة الوزير الأول– على السجون التالية : السجن الأكحل 02 تيزنيت 13 آيت ملول 05 اينزكان 04 تارودانت 02 مراكش 03 القنيطرة 02 بن سليمان 01 سلا 07 عكاشة 02 .و بهذه المناسبة حيا الوزير الأول الصحراوي الحركة التضامنية العالمية مع الشعب الصحراوي و خص بالذكر المجتمع المدني الاسباني الذي سجل مواقف مشرفة لنصرة القضية الصحراوية. غير انه عبر عن أسفه “لموقف الحكومة الإسبانية المتجاهلة لما يجري في الصحراء الغربية من انتهاكات لحقوق الإنسان و المتهاونة في تحمل مسؤولياتها في تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.كما أشار الي ما وصفه بالدعم اللا محدود الذي يتلقاه النظام الملكي في المغرب من حاميته فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي مما يشجعه على التمادي في غيه و إدارته الظهر للمشروعية الدولية.و دعا في هذا السياق “أحرار العالم و شرفائه من جمعيات حقوقية و صحافة ومحامين و سياسيين و رجال الفكر و مختلف مكونات المجتمع المدني ليكونوا شهود عدل على معاناة الشعب الصحراوي تحت نير الاحتلال المغربي و لينقلوا شهاداتهم للعالم بأسره ليساهم كل ذلك في رفع الحصار الإعلامي عن المنطقة”. أما على الصعيد السياسي فسجل طالب عمر أن المغرب “لم يبد أية نية في التقدم صوب الحل السلمي و هو الذي عرقل كل جهود التسوية حتى الآن”.وذكر في هذا الصدد برسالة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة السيد كريستوفر روس “التي بعث بها إلى أصدقاء الأمين العام فيما يخص الصحراء الغربية” و التي –كما قال– “توضح بجلاء عرقلة المغرب لمسار المفاوضات برفضه نقاش مقترح الجبهة (جبهة البوليساريو) و محاولة فرض مقترحه المسمي (الحكم الذاتي) كقاعدة وحيدة للحل”. و شدد القول بأن هذا المنطق “مرفوض دوليا ومرفوض من قبل الشعب الصحراوي لأنه ببساطة لا يشكل الإطار الأمثل للحل الديمقراطي الذي يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بنفسه”.و أضاف الوزير الأول أن المغرب “يضع العراقيل أمام وضع آليات لمراقبة حقوق الانسان” مجددا القول ان كفاح الشعب الصحراوي “يستمد مشروعيته وعدالته من اتساقه مع المواثيق الدولية المطالبة بالحل السلمي المبني على حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها بعيدا عن أي إكراه أو ضغوط”. و سجل أيضا ان “المغرب الذي يحكم المنطقة بلغة النار و الحديد بقوة عسكرية قوامها أكثر من 160 ألف جندي و يسيجها بجدار دفاعي ملئ بالألغام والأسلاك الشائكة طوله أكثر 2000 كلم لا يخجل من الادعاء بأن الصحراويين يتمتعون بالحرية ويناصرون أطروحته الاستعمارية”.و خلص إلى القول بان “النظام المغربي الذي يتبجح بإعمار المنطقة وتنميتها والمساهمة في ازدهارها الاقتصادي هو ذاته الذي ينهب ثرواتها الطبيعية ويشوه بنيتها الديمغرافية بجلب المستوطنين المغاربة من الشمال للتضييق على سكان الأرض الأصليين وتحويلهم إلى معدمين في وطنهم الغني بخيراته”. كما أكد المسؤول السابق لمديرية المستخدمين العسكريين للمينرسو العميد ايسيجبويوتا اوكيتي ان المقاومة السلمية للشعب الصحراوي تعرف “قمعا وحشيا”.و في تدخله دعا الي تمديد صلاحيات المينورسو في أراضي الصحراء الغربية من أجل مراقبة حقوق الإنسان بالمنطقة.و للإشارة فان السيد اوكيتي ينتمي الي فوج من القوات الجوية النيجيرية و كان قد عين مسؤولا على مديرية المستخدمين العسكريين للمينورسو سنة 2004.و قدم المسؤول شهادته على “تدمير قوات الأمن المغربية لمنازل الصحراويين بالعيون المحتلة” و كذا “قمع التجمعات الشعبية الصحراوية” مستدلا في هذا الشأن بتجمع النساء و الأطفال الذي نظم سنة 2005. و قال اوكيتي ان تدمير المنازل بالعيون المحتلة ذكره ب “التجمع الإجباري للشعب الزنجي من طرف نظام الابرتايد خلال سنوات 1950′′.و أضاف ان “احتجاج الشعب الصحراوي على الوضع استقبل بقمع شديد إذ استعملت القوات المغربية الضرب و كذا البيلدوزير لهدم المنازل”.من جهته أكد سمير عمر برمجي رئيس اللجنة الهندية للتضامن مع الشعب الصحراوي على دعم الشعب الهندي للشعب الصحراوي في الدفاع عن قضيته العادلة، مضيفا أن معاناته هي نفسها معاناة الشعب الفلسطيني الذي لا يزال هو الآخر يعاني من ويلات الاحتلال الإسرائيلي وندد بالمعاملة السيئة للشعب الصحراوي من قبل النظام المغربي. وأكد برمجي على الأهمية التي تكتسيها هذه الندوة باعتبارها منبرا للصحراويين يوصلون من خلاله معاناتهم وصوتهم للعالم، وحشد الدعم للقضية الصحراوية، مطالبا بتنظيم مثل هذه اللقاءات في كل أنحاء العالم لمزيد من الدعم لها والضغط على الأممالمتحدة من أجل إيجاد حل عادل وسريع ودائم للقضية الصحراوية وفقا للقوانين الدولية. ومن جانبه،اعتبر الجامعي الأمريكي ستيفان زوناس ان مشروع الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب للصحراء الغربية “سابقة خطيرة”.و قال الجامعي الامريكي المساهم في كتاب صدر حديثا حول قضية الصحراء الغربية خلال الندوة الدولية حول حقوق الشعوب في المقاومة ان “حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره حق إنساني أساسي”.و أضاف ان مشروع المغرب المتمثل في الحكم الذاتي كبديل هو سابقة خطيرة بالمنطقة تمس حق تقرير المصير الذي أقرته المجموعة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية.و قال في هذا الشأن ان “تبرير الاحتلال العسكري لبلد ما سيحدث سابقة خطيرة تمس بالاستقرار” مشددا ان “قضية الصحراء الغربية هي حالة مقاومة شعب من اجل تقريرمصيره”. و قد عرض الجامعي مقارنة بين “احتلال العراق للكويت” و احتلال المغرب للصحراء الغربية مؤكدا على ضرورة ان يتحرك المجتمع الدولي لمساندة الصحراويين من اجل استقلالهم مثلما فعل مع الكويت.و سجل زوناس ان رغم القمع الهمجي المغربي فان الصحراويين أبقوا على مقاومتهم من اجل الحرية بشكلها السلمي.و بعد ان سجل لجوء المغاربة في كل الأحوال إلى العنف ضد كل تظاهرة صحراوية سلمية” اكد ان امل الصحراويين الوحيد يبقى في الاراضي المحتلة.غير انه شدد على ان أي مقاومة سلمية تحتاج إلى دعم المجموعة الدولية مضيفا انه إذا تمكن الشعب الصحراوي من الاستقلال دون هذا الدعم فسيكون ذلك سابقة تؤكد ان مقاومة شعب اعزل يمكنها ان تنتصر.و في السياق ذاته اكد رئيس اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي محرز العماري ان الجزائر باحتضانها هذه الندوة “تؤكد موقفها الثابت العلني و المنسجم مع حق الشعب الصحراوي في المقاومة من اجل الاستقلال”. واعتبر عماري أن مشاركة هذا العدد من الحقوقيين والممثلين للمجتمع المدني والسياسي من مختلف أنحاء العالم بالإضافة الى الإعلاميين لهو رسالة لضرورة مواصلة المقاومة.وتتمثل الأهداف الأساسية المرجوة من هذا الملتقى الدولي حسب محرز عماري في توجيه رسالة تقدير لحركة المقاومة الشعبية بالصحراء الغربية وإبراز الطابع السلمي لهذه المقاومة وفضح القمع المنظم والممارس ضد المدنيين بصفة عامة وضد المدافعين عن حقوق الإنسان بصفة خاصة ،إلى جانب التأكيد على دعم حق الشعب الصحراوي قي تقرير المصير عبر استفتاء نزيه وحر طبقا لكل لوائح الأممالمتحدة. ويحضر هذه التظاهرة الدولية ما يقارب 80 ناشطا حقوقيا من الصحراء الغربية للإدلاء بشهاداتهم حول انتهاكات حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية من بين هؤلاء الناشطة الحقوقية سلطانة خية التي فقدت إحدى عينيها في عام 2007 جراء تعرضها لقمع وحشي من قبل الشرطة المغربية والتي تعتبر حضورها في ندوة الجزائر تحديا لهذه الممارسات . ومن جهته الناشط الحقوقي حمادة الإسماعيلي ينقل المعاناة والإضراب عن الطعام الذي يشنه ثلاثة معتقلين حقوقيين بسجن سلا بالمغرب مطالبا بضرورة الإفراج الفوري عنهم أو المحاكمة العادلة.من جانبه أشار بيار قالون النائب في الغرفة البرلمانية البلجيكية عن أهمية الدور المنوط بالأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي في حل القضية الصحراوية. وتجدر الإشارة إلى أن الوفد الجزائري الذي يقوده السفير إدريس الجزائر قد لفت مجددا الانتباه بشان انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية خلال النقاش العام للدورة ال 15 للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان لمنظمة الأممالمتحدة التي تجري أشغالها في جنيف إلى غاية الفاتح من أكتوبر 2010، معربا عن قلقه إزاء وضعية حقوق الإنسان التي ما تزال مأسوية في هذا الجزء من المعمورة نتيجة بالدرجة الأولى للعراقيل التي تحول دون ممارسة الشعب الصحراوي لحقه الشرعي في تقرير المصير.