أصبحت الهيدورة ضمن آخر اهتمامات الكثيرين، بحيث وغير بعيد من اليوم، كانت الهيدورة أو جلد الماشية المكسو بالصوف يحتل مكانة كبيرة عند مختلف الأسر الجزائرية، فكثير من النسوة يحرصن على اقتناء كبش وفير الصوف، بغية الحصول على جلد ممتلئ، بل وحتى أن الكثيرات من يطلبن جلود الأضاحي من الجيران الذين لا حاجة لهم بها، ويقمن بتمليحها وغسلها بغية استعمالها للفراش أو كديكور منزلي، غير أنها اليوم أصبحت ترمى في المفرغات العمومية بمجرد انتهاء عمليات الذبح. وقد أجمعت بعض السيدات ممن تحدثنا معهن، إن كانت في نيتهن التخلص من جلد الأضحية، أو الاحتفاظ بها، أين كان الإجماع على تراجع مكانة الهيدورة على اختلاف آرائهن بين من ترى أنها مسببة للحساسية والربو، ومن ترى أن وفرة البديل في الأسواق من أفرشة وزرابي جعلها تختفي من قاموس المفروشات، في حين أن البعض الآخر يرى أن مكانتها لا تزال محفوظة في القرى والمداشر أو في الصالون التقليدي أو صالون عرب الذي لا تزال بعض العائلات متمسكة به، فيما تقوم عائلات برمي الجلود فور الانتهاء من عملية الذبح، وهو ما أجمعت عليه غالبية السيدات اللواتي التقيناهن، حيث تقول نوال إنها لا تفكر في الاحتفاظ بجلد الأضحية بالنظر لعدم حاجتها به، موضحة أنها تقرف من غسل الدوارة والبوزلوف، فما بالك بغسل جلد الكبش الذي يكون نصفه ترابا ودما وشوائب، فيما ترى نسيمة أنها قد تستغل جلد الأضحية في نزع صوفها، إن كانت صوفها نظيفة وطويلة نوعا ما، أما غسله واستعماله ك الهيدورة فلن تفكر فيه مطلقا كون أنها لا تتقن حتى طرق تمليحه وتنظيفه بغية الحصول على جلد يليق للجلوس عليه أو حتى النوم عليه، في حين تقول نادية: في كل عيد أقوم برميها بمجرد انتهاء زوجي من عملية السلخ، أما في أحيان أخرى تكلفني إحدى جاراتي بالاحتفاظ بها فأضعها في كيس وأعطيها إياها فلا أطيق غسلها ولا حتى شم رائحتها وأعتقد أن القليل من يحتفظون بها في وقتنا الحالي . سيدات تتمسكن ب الهيدورة على عكس الأخريات، فإن الحاجة زينب من جيل الأمس، حدثتنا عن الهيدورة زمان، وكلها حنين لتلك الأيام، التي كانت العائلات تتهافت عليها وتتنافس على امتلاك أكبرها وأجملها وتقول: كنا نلح على الرجال على اختيار كبش كبير ويملك صوفا أبيض اللون وكثيف حتى نحصل على هيدورة كبيرة وجميلة، نقوم بغسلها بالصابون والجافيل لإزالة الأتربة والدماء العالقة بها ثم نقلبها من جانب الجلد ونضع عليها كمية من الملح ثم تترك لتجف في الهواء لنعيد تنظيفها من جديد ونضع كمية من الشب والفرينة والمايزينة، وذلك حتى تحافظ على منظرها الأبيض ولا تنكمش لنستعملها فيما بعد كفراش للنوم أو كديكور في صالة الضيوف ، أما حورية فتقول: زمان كانت الهيدورة تستخرج منها أشياء كثيرة فإذا كانت كبيرة وصوفها كثيف نستعملها للجلوس أو للفراش، أما إذا كان صوفها قليل نقوم بانتزاع الصوف وغسلها جيدا وتغليفها للحصول على وسادات أو أفرشة للنوم ، وتضيف المتحدثة قائلة: أما الجلد فنستعمله في صناعة الدربوكة أو البندير أو الدف لتزيين أفراحنا التي كانت تقام بهذا النوع من الأجهزة البسيطة . تنوع الزرابي والأفرشة أزاح مكانة الهيدورة بالمنزل أمام التطور الكبير الحاصل في سوق الأغطية والأفرشة التي اكتسحت أسواقنا ولم تترك مكانا لكل موروث ثقافي ك الهيدورة والتي لطالما زينت قاعات جلوس العائلات الجزائرية على اختلاف أحجامها وألوانها بين البيضاء والسوداء أو امتزاج الاثنين معا صانعة ديكور مميز ممزوج بألوان زرابي تقليدية قد صنعت من وبر وصوف الماشية من صنع أنامل ربات البيوت في ذلك الوقت، غير أن الكثير من سيدات اليوم لا يكلفن أنفسهن عناء غسل الجلد وتنقيته متحججات بتوفر الأسواق على كل المفروشات التي تتوفر بألوان وأشكال تتماشى والتطور الحاصل في الديكور، أما عائلات أخرى فلا تزال متمسكة بهذا النوع من الأفرشة التقليدية وتعتبرها من أصالتنا وعاداتنا الجميلة التي نفتخر بها، حيث لا تزال فاطمة متمسكة بهيدورات يفوق عمرها عشرين سنة ولا تزال على حالها، وتقول أنها تستعملها في قاعة للضيوف في ديكور عربي مميز، وتضيف أنه بالجهة المقابلة صالون مزين بأفرشة وزراب عصرية مختلفة الألوان غير أن الكثيرين يروقهم الصالون التقليدي والذي يريح أكثر للجلوس. الحساسية والربو حجة الكثيرات.. ومن جهة أخرى، ترى الكثير من السيدات أن فروة الكبش مسببة للحساسية والعطس الذييتضاعف مع الأشخاص المصابين مسبقا بالحساسية أو الربو، حيث تقول مريم وهي مصابة بحساسية وضيق في التنفس أنها بمجرد ملامستها للصوف إلا وتنتابها نوبة من العطس والحكة على مستوى الأنف مما جعلني أتفادى كل ما هو صوف ووبر حيواني، كما تضيف، حتى طبيبي نصحني بتجنبها واستبدالها بأنواع أخرى من الأغطية والأفرشة والتي لا تسبب تلك الأعراض، أما زهية فتقول: الهيدورة اليوم فقدت قيمتها عند نساء اليوم وأصبحن يتخلصن منها بمجرد انتهاء عملية الذبح متحججات في ذلك بأنها مسببة لأمراض الحساسية والتي لم نسمع بها في وقتنا أين كان الكل يستعمل الهيدورة ومختلف أفرشة الصوف في الفراش وحتى الغطاء، إلا أن الدافع الحقيقي تقول لدى الكثير من نساء اليوم هو التخلص من عناء غسلها وتنظيفها الأحياء تتحول إلى مكب مفتوح ل الهيدورات تحولت الأحياء السكنية صبيحة عيد الأضحى المبارك إلى مكبات مفتوحة ل الهيدورات ، بحيث وفور الانتهاء من عملية الذبح والسلخ تخلص كثيرون منها بإلقائها في مكبات القمامات، فيما وضعها آخرون بكيس أسود ووضعها بالأماكن المخصصة لجمع القمامة أو جمع جلود الأضاحي، حيث تكررت تلك المشاهد المؤسفة مباشرة بعد العيد عبر الأحياء حتى هناك من يتخلص منها بعد النحر مباشرة بإلقائها بسلة النفايات بالحي، وتتحجج نساء اليوم بكثرة الأعباء وضيق الوقت والعمل مما يجبرهن على إلغاء تلك العادة والتخلص من الجلد أو الصوف فور انتهاء عملية النحر، بحيث بات الأمر تقليد عادي يطبع يوميات عيد الأضحى، فجلد الأضحية مصيره القمامات بعد عملية النحر، لتتزين بذلك الشوارع والمجمعات السكنية بعشرات الهيدورات المنتشرة هنا وهنالك ناهيك عن انبعاث الروائح الكريهة منها جراء ارتفاع درجات الحرارة. جمع حوالي 900 ألف من جلود الأضاحي تم جمع حوالي 900.000 من جلود أضاحي العيد على مستوى الولايات النموذجية الست التي تم اختيارها للقيام بهذه العملية والتي تجاوزت الهدف المسطر، حسبما أفاد به بيان وزارة الصناعة والمناجم. ومست هذه العملية الأولى من نوعها والتي بادرت بها وزارة الصناعة والمناجم، ستة ولايات عبر التراب الوطني وهي الجزائر ووهران وسطيف وقسنطينة وجيجل وباتنة، يضيف ذات المصدر. وبالإضافة إلى الجلود التي تم جمعها، سيتم أيضا استرجاع حوالي 500 طن من الصوف سيوجه جزء كبير منها نحو التصدير. وأكد المهنيون أن النوعية الجيدة لجلد و صوف الماشية بالجزائر تستعمل في تصنيع منتجات فاخرة للعديد من العلامات الدولية. ومن شأن الجلود التي تجمع بعد معالجتها السماح للمهنيين بإرضاء حاجيات السوق الداخلي وأيضا تصدير نحو الخارج. وستقوم قريبا وزارة الصناعة والمناجم بتشكيل فريق عمل موسع مشكل من كل الأطراف الفاعلة من اجل التحضير لتوسيع العملية لتشمل كل ولايات الوطن ابتداء من عيد الأضحى 2019. وبالرغم من بعض النقائص المسجلة، نوهت الوزارة بالمشاركة الفعالة للمواطنين في هذا العمل المشترك الذي يساهم في الحفاظ على الصحة العمومية والبيئة فضلا عن دعم وتعزيز الاقتصاد الوطني. وأشار البيان إلى أن نجاح العملية لم يكن ليتحقق لولا وعي المواطنين بأهمية هذه العملية على جميع المستويات. يذكر أن هذه العملية تمت بمشاركة وإسناد دوائر وزارية عديدة على غرار قطاع الشؤون الدينية والأوقاف والداخلية والجماعات المحلية والبيئة والطاقات المتجددة والاتصال والبريد والتكنولوجيات السلكية واللاسلكية والرقمنة ومهنيون الجلود والصناعة وأيضا الجمعية الوطنية للدباغين، كما أكدت الوزارة أن هذه العملية لم تكن لتنجح دون المساهمة الفعالة للبلديات ومؤسسات التطهير والتنظيف والمساعدات المقدمة من طرف المؤسسات والتجار الذين لم يترددوا بتقديم مادة الملح وأيضا مشاركة الناقلين المتطوعين في نقل الجلود من مواقع الجمع. وأشار ذات المصدر، للدور الفعال الذي لعبته وسائل الإعلام في التحسيس والتوعية بأهمية هذه العملية وأيضا مشاركتها الحيوية في كل مراحل عملية جمع جلود الأضاحي، كما حيت الوزارة الوصية جهود كل المتعاملين والعمال والإطارات المسخرة للإشراف على هذه المبادرة وخاصة أنها لاقت تجاوبا واسعا من طرف المواطنين مقارنة بالسنة الماضية أين لم تلقى مبادرات جمع جلود الأضاحي تجاوبا من طرف المجتمع.