مبادرة جمع الهيدروة في مهب الريح تتخلى اغلب العائلات عن جلود الأغنام أو ما يسمى ب الهيدروة ، حيث باتت هذه الأخيرة مصدر إزعاج للكثيرين بما يكفي للإلقاء بها في مكب القمامات، امتدادا إلى بيعها وربح أموال من ورائها إلى ما غير ذلك من حجج تحول دون الاحتفاظ بها واستعمالها لأغراض مختلفة. الهيدروة آخر إهتمامات العائلات الجزائرية أصبحت الهيدروة في الفترة الأخيرة أقل اهتمام من ذي قبل، حيث باتت الكثير من العائلات الجزائرية تستغني عنها مقارنة بما مضى من زمن قريب، أين كانت هذه الأخيرة محط اهتمام النساء على العموم، إذ كانت الهيدورة جزء من البيوت الجزائرية التي لا تخلو من الهيدروة ، حيث كانت تستعمل لخدمات متعددة على غرار استعمال صوفها في حشو الأفرشة والوسائد التي تستعملها العائلات في حياتها اليومية، إلى استعمالها في حشو أفرشة ووسائد العرائس والتي تكون جزءا من جهازها، إلى استعمالها في التزيين بالصالونات والغرف، عن طريق غسلها وتخليصها من الشوائب وتنظيفها جيدا لتبدو ناصعة البياض، ومن ثم استعمالها كفراش للزينة أو حتى استعمالها في الجلوس عليها، إذ كانت تمثل مناسبة عيد الأضحى المبارك أو حتى المناسبات السعيدة والولائم، فرصة لجمع وللحصول على الهيدروة لاستخدامها لمختلف الأغراض، ليختلف الأمر خلال الوقت الحالي، أين باتت هذه الأخيرة أقل اهتمام من طرف ربات البيوت واللواتي بتن يستغنين عنها خلال عيد الأضحى المبارك، والذي طالما كان مناخا خصبا يكثر فيه الهيدورات بسبب الأضاحي التي لا تخلو من البيوت، امتدادا إلى غيره من المناسبات التي ينتج عنها الهيدورات ، غير أن الأمر اختلف في الوقت الراهن، أين باتت الهيدروة لا تعني الكثير لدى الأغلبية من النسوة وربات البيوت، أو لا تعني شيء لأخريات، وذلك لعدم إعطائها حيزا من الاهتمام على غرار الأشياء الأخرى المقترنة بالأضحية، كون أن الهيدروة تتطلب عناية خاصة ووقتا وجهدا وهو ما لا يتوفر عند أغلب النساء لظروف محددة ومعقولة تتمحور حول انشغال أغلبهن بالحياة العملية. وقد تعددت الظروف والدوافع والتي تحول دون استعمال ربات البيوت للهيدورة والاستفادة منها كما جرت العادة في الماضي، فكثيرات من النساء وباعتبارهن عاملات وموظفات، فلا يتسنى لهم الوقت الكافي للقيام بتهيئة وتجهيز الهيدورة واستعمالها لمختلف الأغراض ، وهو ما تتحجج به الأغلبية من النساء العاملات، إذ أن الوقت الضيق وما تفرضه الحياة من مشاغل متعددة لا تتيح لهم فرصة الاعتناء والاهتمام بأمر الهيدروة واستعمالها لأغراضها الخاصة، حيث تقمن الأغلبية بالتخلص منها والاستغناء عنها دون تفكير أو محاولة الإبقاء عليها، إذ بمجرد نحر الأضحية والحصول عليها يتم وضعها بأكياس بلاستيكية ليكون مكانها القمامة. وترى أغلب ربات البيوت أن الهيدروة مضيعة للوقت والجهد، لما تتطلبه من عناية فائقة واهتمام بالغ من ناحية تنظيفها وتخليصها من الأوساخ المتراكمة بها وإزالة الشوائب عنها وتجفيفها إلى ترطيبها والتي تتطلب أياما متتالية لتكون جاهزة، إذ يقمن بالتخلص منها دون تكليف أنفسهن عناء الإبقاء عنها ومحاولة الاستفادة منها لما تتطلبه من هذا وذاك من أمور تنظيف وعناية ومراحل لتكون جاهزة، إذ بمجرد التفكير بالمراحل التي تمر بها الهيدروة لتكون جاهزة يغني الكثيرات عن الاحتفاظ بها أو حتى التفكير بالأمر، ليكون مصيرها الإلقاء بها في القمامات، فيما تقوم أخريات بالتصدق بها لأشخاص يتقنون الاهتمام بها واستعمالها في محلها ولا يترددون في الاعتناء بها واستعمالها في حياتهم اليومية. ويرجع أشخاص آخرون التخلي عن الهيدورة للأمراض المتعلقة بالحساسية والتنفس، إذ أن الهيدورة تمثل للكثيرين مصدر إزعاج لما تسببه هذه الأخيرة من حساسية للمرضى، حيث لا يحتمل الكثيرون الروائح القوية الناتجة عنها، والتي تتطلب الوقت للزوال، كذلك الأمر في حال استعمالها كصوف لحشو الوسائد والافرشة، حيث يوجد الكثيرون ممن يتحسسون من الصوف ولا يحتملونه مطلقا، إذ يمثل لهم كل ما هو مصنوع من الصوف والناتج عن الهيدروة مصدر إزعاج ومسببا للحساسيات والمشاكل التنفسية، ليكون الأمر من بين الأسباب الرئيسية التي تمنع الكثيرين عن الاحتفاظ ب الهيدروة واستعمالها لأغراض مختلفة ليتم التخلص منها تلقائيا. وإذا كانت بعض الأسر الجزائرية تتخلص من الهيدروة برميها، فإن أخرى تقوم بتجريدها من صوفها، وصنع وسادات أو أفرشة، وهو الرأي الذي لمسته السياسي عند العديد من المستجوبات، حيث حدثتنا السيدة كريمة عن مصير هيدورتها ، قائلة: حقيقة كنت متعودة على تنظيفها وتحويلها إلى فرشة للجلوس، ولكن شيئا فشيئا استغنيت عنها لا سيما مع ما يؤمنه السوق اليوم من تنوع في الأفرشة وبأثمان وأشكال مختلفة، وعليه فعوض أن أقوم برميها أقوم بوضعها في كيس بلاستيكي مدة من الزمن، ثم أقوم بإزالة الصوف، فأرمي الجلد وأغسل الصوف، وأحولها إلى وسادات أو أفرشة من الصوف أزين بها قاعة الجلوس، فالصوف كما تعلمون كنز لا يفنى ، بينما حدثتنا الآنسة باية مشيرة إلى أنها تعتبر أنه من الخطأ رمي الهيدروة على اعتبار أن هناك الكثير من الحلول للاستفادة منها، ولعل من أهم هذه الحلول تقول: نحن مثلا في المسيلة لا نقوم مطلقا برمي الهيدروة وإنما بعد ذبح الأضاحي نقوم بجمع الهيدورات من العائلات التي لا ترغب في الاحتفاظ بها، ثم نقدمها لشخص يعمل بالمسجد الذي يقوم ببيعها لبعض الأشخاص الذين ينشطون في مجال الجلود، وبمالها يتم تجهيز المسجد ببعض الحاجيات ، وتضيف: حقيقة فقدت الهيدروة مكانتها ببعض العائلات الجزائرية خاصة بالعاصمة، ولكن ببعض المداشر والدشور لا تزال محافظة على مكانتها، خاصة أيام البرد، حيث تتحول إلى مدفأة متحركة . مبادرة جمع الهيدروة في مهب الريح و في ظل هذا الواقع الذي تعرفه هذه الاخيرة بالنسبة لدى الجزائريين عمدت جمعية التجار والحرفيين الجزائريين بجمع الهيدروة بدل رميها في المزابل وهو ما كشف عنه الحاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية، في اتصال ل السياسي . وحسب ذات المتحدث، فأن مبادرة جمع الهيدروة لم تلقى استجابة من طرف الجهات المعنية، رغم جمع عدد معتبر من الهيدورات والتي تجاوزت 600 ألف هيدورة ، وأضاف المتحدث بأن قيمة هذه الهيدورات يبلغ حوالي مليار دينار.