قدم الجزائريون، بمسيراتهم الشعبية السلمية المطالبة بالتغيير والإصلاحات السياسية، درسا لكل الأطراف الداخلية والخارجية بأن درجة الوعي لديهم فاقت كل التصورات وأنهم حريصون على أمن واستقرار بلادهم، فيما تكفلت مصالح الداخلية بالرد على المشككين من خلال إقرارها بسلمية المظاهرات رغم حوادث الشغب المعزولة في العاصمة، والتي أكدت أنه لا علاقة لها بالمتظاهرين. وسجل العديد من الملاحظين في الداخل والخارج الوعي الكبير الذي اتسم به المتظاهرون في العديد من مناطق الوطن أمس الاول، حيث التزم الآلاف بممارسة حقهم الدستوري في التظاهر والتعبير عن رأيهم بدون تجاوزات وخروقات، بعيدا عن الفوضى والتخريب، ما جعلهم يقدمون صورة حضارية عن الشعب الجزائري المحب لوطنه والمتمسك بمكتسبات الأمن والاستقرار. مشاهد الشباب والنساء وحتى الأطفال وهم يسيرون بكل هدوء في شوارع معظم مناطق الوطن والجزائر العاصمة التي يُعتبر فيها التظاهر ممنوعًا منذ عام 2001 وفي العديد من مناطق الوطن ومن دون تخريب، أثبتت أنهم قادرين على ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر والتعبير عن رأيهم بكل سيادة، بعيدا عن الفوضى والتخريب. وأظهر المحتجون سلوكًا حضاريًا، بعدما نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لمواطنين ينظفون الشوارع والطرقات من الأوساخ وقارورات المياه التي رميت من طرف بعض المتظاهرين، بينما قدم آخرون الورود لرجال الشرطة الذين أمنوا المظاهرات بطريقة احترافية وراقية. الفيديوهات والصور التي تم تداولها على نطاق واسع أدهشت وسائل الإعلام التي وقفت عاجزة أمام وصف السلوك الحضاري للمحتجين، حيث ابان هؤلاء عن وعي كبير بالمقارنة مع مواطني دول اخرى تتغنى بالحضارة والديمقراطية، وفي مقدمتها فرنسا، التي عرفت عمليات تخريب وفوضى بسبب مظاهرات ما يسمى السترات الصفراء مؤخرا. ويؤكد العدد الضئيل من الموقوفين خلال المظاهرات عبر التراب الوطني ما سبق سرده حول درجة الوعي الكبيرة التي تحلى بها المحتجون أمس الاول، حيث أوقفت مصالح الأمن الوطني خلال المظاهرات التي جرت يوم الجمعة 45 شخصا، وفق بيان للمديرية العامة للأمن الوطني. بدوي يشيد بسلمية مسيرات الجمعة وقام وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة الإقليمية، نورالدين بدوي، رفقة المدير العام للأمن الوطني ووالي ولاية الجزائر العاصمة، بزيارة بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا ، ث بمستشفى الأمن الوطني (les glycines) للاطلاع على حالة المواطنين ورجال الأمن الذين تعرضوا لجروح متفاوتة خلال أعمال الشغب التي شهدتها العاصمة عقب مسيرات الجمعة. وحيا بدوي بالمناسبة المواطنين على سلميتها، حيث عبروا عن آرائهم بكل حرية في جزائر القيم والحرية والديمقراطية. كما ترحم على روح الفقيد حسان بن خدة ، إبن قامة الثورة التحريرية بن يوسف بن خدة، الذي توفي مساء الجمعة، مؤكدا أن التحقيقات الطبية الشرعية ستوضح اسباب وظروف وفاته. وتقدم وزير الداخلية بتحية خاصة لرجال الأمن على إحترافيتهم طوال النهار في التعامل مع هاته المسيرات وسعيهم الدائم لحماية الأفراد والممتلكات العامة والخاصة، موجها الشكر كذلك إلى العائلة الطبية على وقوفها في هاته الظروف إلى جانبهم وإلى جانب مواطنينا لتقديم رعاية صحية جيدة للمصابين.