تجددت محاولات أحزاب المعارضة لتصدر واجهة الأحداث في الجزائر، وبعد أن غاب دورها قبل 22 فيفري في التأثير على توجهات الجزائريين، وحتى في الدفاع عن رؤاهم وبرامجهم السياسية، تسعى العديد من التشكيلات السياسية المحسوبة على هذا الطيف إلى توظيف الحراك الشعبي لتمرير مطالبها الخاصة في مختلف الجوانب. وفي السياق، تسعى العديد من الشخصيات المعارضة في الفترة التي تلت استقالة الرئيس بوتفليقة، إلى تمرير عدد من مطالبها السياسية ونظرياتها الاقتصادية، من خلال استغلال نتائج الحراك الشعبي. وهنا طالب رئيس جبهة العدالة والتنمية المعارض، عبد الله جاب الله، بنزع كل من تسببوا في الأزمات والكوارث الكبرى خلال السنوات الأخيرة، وأشار جاب الله إلى أن الشعب نظّم مسيرات من أجل ذهاب الكل، قائلا إنه كرّرها في أكثر من مسيرة. أما حركة البناء الوطني، من خلال رئيسها عبد القادر بن قرينة، فتطالب بتغيير طريقة مراقبة الانتخابات السابقة التي تجاوزها الزمن واستعملتها الإدارة والقوى غير الدستورية للتزوير. بدوره، يدعو المعارض ووزير الاتصال والدبلوماسي الأسبق، عبد العزيز رحابي، إلى تأطير الحراك الشعبي في شكل جمعيات وأحزاب سياسية، حتى يكون تمثيلهم حقيقي كقوة اقتراح في المرحلة القادمة. وتفاعل نشطاء الحراك الشعبي بالسلب مع مقترحات ودعوات أحزاب المعارضة، وتم ادراجها في سياق محاولة ركوب موجة الحراك لتحقيق مآرب شخصية بعيدة عن تطلعات الشعب الجزائري الذي دعا صراحة إلى رحيل الكل، بما فيهم الاحزاب المعارضة، والتي اعتبروا انها باتت غير مؤثرة في الجزائريين نظرا لسقطاتها العديدة خلال السنوات الأخيرة وعدم ثباتها على مواقفها، حيث كانت غائبة تماما قبل الحراك الاجتماعي. محللون سياسيون، قالوا إن من خرج للشارع مواطنون ليس لهم أي أجندة سياسية وأناس تلقائيون، وأي محاولة للسطو عليهم سيقابلها رد فعل غاضبة، وأضافوا: أحزاب المعارضة دعوا للاحتجاجات لكنهم غابوا عنها، وبالتالي فَقَدوا كل مصداقية ليس أمام الجزائريين فقط، بل حتى أمام أتباعهم . وحسب مراقبين، فقد تجاوز المواطنون المعارضة وتركوها في حالة من التردد والفوضى، لأن ما كانت تسعى إليه كان أقل من حيث المطالب الشعبية التي خرجت دون أي خلفية حزبية، وهنا اعتبر هؤلاء أن ركوب الموجة بالنسبة لاحزاب المعارضة لا يعني دعم التظاهرات أو الدفاع عن مطالب المحتجين، بل انتظار نتائج الحراك الشعبي من منطلق أن كل ما هو ضد السلطة يمكنه أن يستثمر فيه حتى يكون لصالحه . ولعل هذا ما دفع رئيس حزب جيل جديد المعارض، جيلالي سفيان، إلى التأكيد أنه يتوقع دخول الجزائر في تغير تدريجي لبروز طبقة سياسية في مستوى حراك الشعب الذي غير الكثير من الموازين في البلاد، معتبرا أن الطبقة السياسية باتت منتهية الصلاحية بسبب وقوعها تحت أَسْر الماضي، فتفكيرها مرتبط بالماضي وليس بالحاضر. وذهب جيلالي سفيان، في تحليل ظاهرة الحراك الشعبي في الجزائر، إلى أن التغيير السوسيولوجي أعمق بكثير من التغيير السياسي، متحدثا عن تغيير أنتروبولوجي أقوى، سيؤدي لتغيير سياسي كنظام وكطبقة سياسية، معظمها مرتبط بالمخيال القديم، وتحتكم لآليات وتحليل مرتبط هو الآخر بحقب سابقة تعود للتسعينات وربما للسبعينات والثمانينات. وفي تعليق للمعارض عبد الله جاب الله عن الاتهامات التي تواجهها المعارضة، قال المتحدث بانه حملة إعلامية لتسويد صورة المعارضة امام الراي العام، وذكّر رئيس حزب العدالة والتنمية بجملة المضايقات التي مورست عليه خلال العشرين سنة الماضية من قبل نظام بوتفليقة، كما أكد على الدور الكبير الذي تلعبه فعاليات قوى التغيير، المنبثقة عن أحزاب وشخصيات المعارضة، والتي أكد بانها قدمت خارطة الطريق التي تبناها الشعب، بما فيها نص المادة 7 من الدستور التي أصبحت شعارا أساسيا في الحراك، حسبه.