لن ينسى الجزائريون عام 2010 بسهولة، حيث شهدت الساحة الرياضية في الجزائر الكثير من الأحداث والتقلبات على صعيد المنتخبات والأندية، وامتزجت الانتصارات مع الانكسارات، وبين هذه الثنائية شكل الصعود التاريخي لمنتخب كرة القدم الأول لكأس العالم الحدث الأبرز في الرياضة الجزائرية التي عادت للعالمية بعد غياب طويل عن الساحة العالمية امتد إلى 24 عاما من النسيان وعودة متميزة للساحة الإفريقية التي تغيبت عنها الجزائر في الدورتين السابقتين. هذا ما يجعل سنة 2010 مليئة بالذكريات الجميلة التي ستبقى وإلى الأبد خالدة في النفوس، حولٌ رسم في صفحات أجندته بالذهب دخول النوادي الجزائرية في أول بطولة محترفة، احتضان بلد المليون ونصف المليون شهيد كأس أمم إفريقيا للملاكمة والفوز باللقب، إحراز المنتخب الأولمبي لكرة القدم لكأس شمال إفريقيا للمنتخبات الأولمبية بالمغرب.. وعدة أحداث رياضية أخرى تبرهن على قوة الرياضة الجزائرية والجزائريين، لتبقي هذه التواريخ مسجلة في سجل من ذهب.
"الخضر".. المنتخب المونديالي مشاركة الخضر في أول مونديال يقام بالقارة السمراء وبعد حوالي ربع قرن من الغياب، وبالرغم من خروج رفقاء الماجيك في الدور الأول إلا أن الجزائر خاضت نهائيات قوية مع الكبار، مثلوا فيها العرب والمسلمين أحسن تمثيل، وذلك بتكاثف مجهودات الدولة وخبرة مدرب محنك الشيخ رابح سعدان المستقيل حاليا، إلى جانبه رجل ناضل من أجل استعادة الكرة الجزائرية لأمجادها الحاج محمد رواروة الذي له بصمة قوية في تكوين منتخب قوي متكامل والمترشح للمكتب التنفيذي للاتحادية الدولية لكرة القدم. الحقيقة أن الرياضة نجحت في توحيد الجزائريين وزادت في اعتزازهم ببلادهم وعلمها الذي أصبح قاسمهم المشترك بامتياز، وهي المهمة التي فشل عندها كل من حاول أو زعم ذلك.
قفزة نوعية في كرة القدم مع دخول عالم الاحتراف ويتفق المتتبعون للشأن الجزائري أن تألق محاربي الصحراء ومشاركتهم المستحقة في أكبر عرس كروي في العالم أحدث ثورةً في الرياضة الجزائرية مجملاً وكرة القدم خصوصاً، بحيث دشنت كرة القدم الجزائرية عهدا جديدا في تاريخها، وهذا بانطلاق أول بطولة محترفة، ينشطها ثمانية وعشرين فريقا، مقسمين بين رابطة محترفة أولى، ورابطة محترفة ثانية. ويشبّه الكثير من المتتبعين، هذه التجربة الجديدة، بالإصلاحات الرياضية التي عرفتها الجزائر خلال سنوات السبعينيات، والتي تبقى نتائجه مضرب المثل لحد الآن، وأنتجت ما اصطلح على تسميته بجيل الثمانينيات، إلا أن التجربة هذه المرة، تختلف جذريا عن سابقتها، في الكثير من الجوانب، حتى وإن كان هدفها في الجوهر واحد، وهو تطوير كرة القدم في الجزائر، رفع مستوى أنديتنا، من جميع النواحي، فنيا، إداريا وماليا. ومن المنتظر أن تقفز كرة القدم الجزائرية، قفزة نوعية مع دخولها عالم الاحتراف، وستكون المرحلة القادمة جد هامة لبقية المشوار، الذي ينتظر أنديتنا، المطالبة بالتأقلم مع الواقع الجديد، وبداية صفحة جديدة نحو مستقبل أفضل بالرغم من النقائص التي ما تزال موجودة، كما ينتظر أن تكون بطولتنا ناجحة، وتجربة رائدة لبقية البطولات في القارة السمراء. ولا يختلف اثنان، بأن بعث الاحتراف في الجزائر يشبه إلى حد بعيد "الولادة القيصرية"، طالما أنها كانت مضطرة لدخول الاحتراف، استجابة للقوانين الجديدة التي حددها الاتحاد الدولي للعبة، بالإضافة إلى عدة معطيات أخرى، كانت وما تزال تحيط بهذه العملية، وهذا منذ الإعلان عن قرار دخول عالم الاحتراف، وتحول الأندية إلى مؤسسات رياضية.
تتويج المنتخب الأولمبي بلقب كأس شمال إفريقيا إحراز المنتخب الأولمبي لكأس شمال إفريقيا للمنتخبات الأولمبية لكرة القدم التي أقيمت في المغرب، بحيث حقق أشبال المدرب آيت جودي ثلاث انتصارات على التوالي في المسابقة بتغلبها على الكاميرون (6-1)، المغرب مستضيف البطولة (2 - صفر)، وعلى ليبيا التي شاركت بمنتخب الشباب بنتيجة (4 - صفر)، لتتصدر الترتيب برصيد تسع نقاط بفارق ثلاث نقاط عن المنتخب المغربي. وجاءت هذه البطولة ضمن استعدادات هذه المنتخبات لانطلاق تصفيات إفريقيا المؤهلة لدورة لندن الأولمبية 2012.
سيطرة القفاز الجزائري على الملاكمة الإفريقية استعاد المنتخب الوطني الجزائري للملاكمة لقبه القاري بعد سيطرته المطلقة على فعاليات البطولة الإفريقية التي استضافتها الجزائر في الفترة الممتدة من 8 إلى17 ديسمبر الجاري، وكانت قاعة حرشة حسان مسرحا لها. وقد وصل الحصاد الجزائري في هذه المنافسة إلى سبع ميداليات، منها خمس ذهبيات نالها كل من كمال رحماني (+91 كلغ)، وشعيب بلودينات (-91 كلغ)، وسمير إبراهيمي (52 كلغ) وعبد القادر شادي (60 كلغ)، ومحمد لمين وضاحي (56 كلغ) الذي نال جائزة أحسن ملاكم في هذه الدورة. أما فاهم حماشي (18سنة 49 كلغ) وفوزي بوعناقة (81 كلغ)، فقد اكتفيا بالميدالية الفضية والبرونزية على التوالي.
المولودية في نهائي "لوناف" بعد 35سنة من الغياب حققت مولودية الجزائر تأهلا تاريخيا إلى نهائي كأس اتحاد شمال إفريقيا، وقد ترك هذا التأهل فرحة عارمة لدى لاعبي المولودية وأنصارها وحتى مُسيّريها الذين حضروا المباراة بقوة، ذلك أن بلوغ نهائي كأس اتحاد شمال إفريقيا يضع حدا لغياب الفريق عن الساحة الكروية الإفريقية دام خمسة وثلاثين سنة، وعادت الذاكرة بالجميع إلى المشاركة الأولى في المنافسة الإفريقية سنة 1976 التي توج فيها العميد بلقب كأس الأندية البطلة، فاتحا المجال للأندية الجزائرية لنيل ألقاب قارية عديدة في مختلف المنافسات. لكن يجب الاعتراف أن تحقيق هذه الخطوة العملاقة شكلت مفاجأة كبيرة لدى الرياضيين الجزائريين، بالنظر إلى الصعوبات الكبيرة التي كان يتخبط فيها الناديان والتي كانت لها انعكاسات سلبية مؤثرة على مسيرة الفريق في البطولة.
كأس شمال إفريقيا قد تشرب من عين الفوارة كما عاد النسر السطايفي لممارسة هوايته المفضلة والمتمثلة في إحراز الألقاب، فهو على عتبة التتويج بكأس شمال إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس للمرة الثانية على التوالي، بعد انتصاره الثمين على فريق النصر الليبي في مقابلة الذهاب بنتيجة ثلاثة مقابل واحد، حيث عكس السطايفية سيطرتهم على منافسة كأس شمال إفريقيا بالتجربة والخبرة التي كسبوها في المواسم الماضية.
تتويج بوڤرة بجائزة الكرة الذهبية الجزائرية للمرة الثانية توج الجزائرى مجيد بوڤرة مدافع نادي "رينجرز" الأسكتلندي بجائزة الكرة الذهبية الجزائرية التي تقدمها صحيفة "الهداف" الرياضية للعام الثاني على التوالي، متفوقا في المنافسة على كل من رفيق حليش مدافع "فولهام" الإنجليزي وعبد المومن جابو مهاجم وفاق سطيف وحسان يبدة لاعب "نابولي" الإيطالي وكريم مطمور لاعب "بروسيا مونشنجلادباخ" الألماني. سنة 2010 ستبقى وإلى الأبد خالدة في نفوس الجزائريين، معتزين بما حققوه من إنجازات تاريخية، نتيجة العمل المتواصل للسلطات المعنية والجهود المتكاثفة المطبقة لوصايا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
