تتجه ولاية عنابة نحو دعم أهم مقوماتها السياحية المتمثلة في السياحة الحضرية، من خلال الإعداد لمشاريع من شأنها إعادة رسم وتثمين الصورة الجمالية لبونة الأنيقة، حسب تعبير مسؤولين تنفيذيين بالولاية. ويمثل مشروع إعادة فتح ميناء عنابة على المدينة من خلال استحداث مشاريع سياحية وترفيهية انطلاقا من التصورات المقترحة لبعث السياحة الحضرية وتعزيز مكانة عنابة التي تسجل بحلول كل موسم اصطياف توافدا لافتا للسياح من داخل وخارج الوطن كمنطقة استقطاب سياحي بامتياز. ويعد مشروع المحطة البحرية الجديدة الذي ينجز وفق تصميم عصري وبمقاييس دولية لخدمات النقل البحري للمسافرين، حجر الزاوية لتجسيد هذا التوجه بمشروع ينجز بتمويل خاص لمؤسسة ميناء عنابة وبغلاف مالي أولي بقيمة 2,5 مليار دج و بقدرة استيعاب تقدر ب100 باخرة لنقل أكثر من 1 مليون مسافر سنويا. ويرافق هذا المشروع الذي يرتقب إنهاء أشغال إنجازه خلال سنة 2019، مشروع سياحي نوعي يتمثل في شرفات الميناء التي يرتقب من خلالها فتح الميناء على المدينة وبعث السياحة الحضرية وترقية الخدمات الترفيهية ومرافق الاستجمام بمدينة عنابة. فهذا المشروع ذي الطابع الجمالي وللاستجمام الذي انطلقت أشغال إنجازه دون أن تبلغ الوتيرة الضرورية لتسليمه في الآجال المحددة، سيكون متنفسا لزوار المدينة والسياح الوافدين من خلال توفير خدمات الإطعام وتناول مختلف أنواع المشروبات والمثلجات، بالإضافة إلى الترفيه والراحة والاستمتاع بنسمات البحر لتكون امتدادا للمقاهي المفتوحة بساحة الثورة التي تستقطب يوميا الوافدين على المدينة. ولإعادة رسم وجه المدينة الأنيق، تطمح ولاية عنابة إلى تحويل الميناء الحالي للصيد البحري الذي لم يعد يتسع لاحتواء مراكب وسفن الصيد الناشطة بالقطاع إلى ميناء للنزهة وإنجاز ميناء جديد للصيد البحري بمنطقة جوانو (سيبوس) بمدينة عنابة. وتم في هذا الإطار إعداد دراسة خاصة بهذا المشروع مع تخصيص أرضية تتربع على 2000 هكتار لإنجاز ميناء جديد للصيد البحري بمنطقة سيبوس، حسب ما ذكره مسؤولون بولاية عنابة، الذين أكدوا بأن الصورة الجديدة لعنابة السياحية ستصنعها منطقة الميناء بالمنشآت الجديدة الجاري إنجازها والأخرى المقترحة للتسجيل. وفي انتظار تجسيد هذه المشاريع، تبقى السياحة الحضرية السمة المميزة لعنابة والمقصد المفضل للوافدين عليها. فيوميات صيف عنابة تصنعها حركة ذهاب وإياب لا متناهية للراجلين على ساحة الثورة، الذين يتوافدون على مقاهيها المفتوحة وشرفات بيع المثلجات التي لم تفقد سمعتها ولم تتهاون في الحفاظ على نوعيتها. ظلال أشجار الفوكيس بساحة الثورة مقصداً للمسنين ولعل ما يزيد ساحة الثورة أناقة، أشجار الفوكيس المعمرة المرصعة على امتداد فضاء الساحة لتجعل من ظلالها مقصدا لكبار السن وخاصة فئة المتقاعدين الذين اعتادوا التلاقي تحت ظلال أشجار الفوكيس، حيث تنبعث نسمات البحر القادمة من منطقة الميناء للاطلاع على ما تحمله كتابات الجرائد وتبادل أطراف الحديث حول ما يهم حياتهم اليومية. أما مقصد الشباب، فهو كورنيش عنابة الذي لا تهدأ به يوميا حركة الذهاب والإياب طيلة موسم الصيف إلى غاية ساعات متأخرة من الليل. فكورنيش عنابة الذي يجمع ثمانية شواطئ حضرية مطلة على المدينة تحولت بتعاقب السنين وتطور خدمات الاصطياف إلى وجهة للمشي على الأقدام من طرف المصطافين بامتياز. فما من زائر أو مصطاف يحط رحاله في أحضان بونة المضيافة إلا وشدته أفواج الراجلين لساعات طويلة تمتد إلى ساعات متأخرة من ليالي صيف بونة. فمزيج قوافل الشباب والفتيات وحتى كبار السن وخاصة الأمهات وهن تصحبن الأطفال، يمثل الموعد اليومي للمشي انطلاقا من شاطئ فلاح رشيد سان كلو سابقا إلى غاية شاطئ ريزي عمر المعروف باسم شابوي بحثا عن الاستجمام والانتعاش بنسمات البحر طيلة أيام الصيف الحارة. إنها حركة ذهاب و إياب لا متناهية تصنع الزحمة ببعض مقاطع الكورنيش الذي هيئت به فضاءات لبيع المثلجات وهي أيضا صور جميلة لشبان وشابات يتحادثون مع بعضهم البعض تارة، ويصنعون لوحات طريفة تارة أخرى بحركات راقصة على أنغام الموسيقى المنبعثة من شرفات محلات بيع المثلجات المأكولات الخفيفة. ولمرافقة الإقبال المتزايد للمصطافين على الكورنيش العنابي الذي زاده موقعه بداخل النسيج الحضري للمدينة عوامل استقطاب سياحي، استحدثت العديد من النشاطات التجارية والخدماتية والترفيهية لتلبية احتياجات المصطافين وبعث نشاطات مرتبطة بالخدمات السياحية. فهذه الفضاءات مهيأة لبيع مستلزمات الصغار والكبار بالإضافة إلى الإطعام وبيع الحلويات والمثلجات التي يجد فيها المصطافون والأولياء ضالتهم لمتعة وترفيه صغارهم أو تناول كأس من الشاي أو المثلجات قبالة زرقة البحر. وما يزيد كورنيش عنابة استقطابا، رمال شواطئها الحضرية التي تستقبل العائلات التي تفضل أن تتقاسم عشاءها مع نسمات البحر، فتصنع بذلك أجواء عائلية ترفيهية تستهوي الكبار قبل الصغار. فمجموعات من العائلات تجتمع هنا وهناك حول مائدة العشاء بشواطئ محروسة آمنة ومضيئة، فيتم تبادل الوجبات وأطراف الحديث في حين تستمتع مجموعات أخرى بمداعبة أمواج البحر تارة وتذوق الشاي تارة أخرى. فعلى امتداد سبعة كيلومترات انطلاقا من شاطئ سانكلو إلى غاية منارة رأس الحمراء حيث هيئ فضاء للاستجمام بأعالي المدينة، لا تغيب أجواء الاصطياف العائلي بعنابة في انتظار تجسيد مشاريع سياحية تدفع بالنشاط السياحي إلى الأمام.