اعتبر مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية أن العلاقات الجزائرية الليبية أصبحت شبه عادية، وستعرف تحسن أكبر مع سلسلة الزيارات المرتقبة، مؤكدا فتح الجزائر لآفاق التعاون بين البلدين في كل الميادين، بما فيها الاستفادة من التجربة الرائدة للجزائر في المصالحة الوطنية. وأوضح مراد مدلسي وزير الخارجية بشأن مستقبل العلاقات الجزائرية الليبية بعد سقوط القذافي، أن العلاقات اليوم بين البلدين أصبحت شبه عادية، وستعرف تقدم أكثر خلال الأسابيع المقبلة بعد سلسة الزيارات المرتقبة، وشدد مدلسي على أن الجزائر تقيم الأوضاع في ليبيا من زاوية جد أخوية وتضامنية وإيجابية، وأضاف الرجل الأول في دبلوماسية الجزائرية أن الجزائر تفتح مجالات التعاون مع الشعب الليبي الشقيق والجار في كل الميادين، بما فيها تلك الميادين التي للجزائر تجربة فيها، بما فيها المصالحة الوطنية، مثمنا المجهودات المبذولة في ليبيا لوضع المصالحة الوطنية في صميم الأولويات المتاحة. أما بخصوص حركة الثورات العربية فقد قال الوزير "نحن لا نصدر الثورة الجزائرية للخارج، وليس لنا طموح حتى أن نوزع مبدأ الثورة الجزائرية إلى الخارج، وبالتالي نحن لسنا متحمسين"، ولكننا - أضاف - نحترم إرادة الشعوب، وعندما تأتي إرادة الشعوب بنظام أو حكومة جديدة نرحب بها ونعمل بصفة جدية معها وهذا الأمر كان بالنسبة لتونس على سبيل المثال، وغداً مع ليبيا. حذر من انتشار الأطنان من الأسلحة بمنطقة الساحل وشدد مراد مدلسي من موسكو حيث يقوم بزيارة عمل تدوم يومين أن الوضع في الساحل ازداد خطورة غداة أحداث ليبيا، وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة، وصرح مدلسي أمام حضور من الدبلوماسيين والجامعيين والباحثين الروس أن الوضع في الساحل الذي كان مبعثا للقلق مع آثار الفقر وتهريب الأسلحة والمخدرات زاد خطورة غداة أحداث ليبيا، وانتشار الأطنان من الأسلحة المتطورة في كل بلدان المنطقة. وكشف مسؤول الدبلوماسية مدلسي الذي كان ضيف المجلة الروسية الحياة الدولية في هذا الصدد أن منطقة الساحل تعاني من مشاكل التخلف واللاأمن التي يجب أن تحل بشكل جماعي وشامل لاسيما من خلال استقرار السكان المحليين وتحسين الظروف المعيشية. وأشار في هذا الصدد إلى مساهمة الجزائر لاسيما من خلال إنجاز مشروع الاندماج شبه الإقليمي للطريق العابر للصحراء الذي تقدمت نسبة إنجازه بأكثر من 08 بالمائة، وكذا الإنجاز المباشر لمشاريع تنموية بالنسبة للبلدان المعنية، وأوضح في نفس السياق أن بلدان الساحل نظمت نفسها بمشاركة فعالة من الجزائر حتى يتسنى لها التكفل بنفسها بمسائل الأمن. ومع ذلك لاحظ الوزير انه إذا كانت بلدان الساحل معنية مباشرة بمستقبلها من حيث الأمن والتنمية فان ذلك لا يقصي التعاون مع بلدان أخرى عندما تتجلى ضرورة ذلك. وأوضح من جهة أخرى أن الجزائروروسيا تحاربان اليوم الإرهاب الدولي وتسجلان يوما بعد يوم تطورا معتبرا من اجل القضاء على هذه "الآفة"، وحماية أمن البلدين وأمن مجموع المجتمع الدولي، و ذكر مدلسي في هذا الصدد بان الإرهاب عابر للأوطان، وأن أهدافه ووسائله تكتسي بعدا دوليا داعيا إلى مسعى جماعي ومتضامن وعملي من كافة البلدان مع دعم من المنظمات الدولية والإقليمية. مدلسي يؤكد اتساع أفق التعاون الجديد بين الجزائر والمغرب من جهة أخرى أكد وزير الخارجية، أن العلاقات الجزائرية المغربية تتجاوز بكثير الظروف التي تمر بها المنطقة، وأن البلدين انطلقا في تعاون جديد واسع، وفي رده على سؤال حول مدى توجه صناع القرار في البلدين من أجل تطبيع العلاقات وفتح الحدود بين الجزائر والمغرب، قال الوزير أن الجزائر تأمل أن تجد الحل لكل المشاكل مع المغرب بترتب حسب الظروف، وحسب الرغبة في انطلاقة متينة وواضحة جدا تعمل من أجل الشعبين والبلدين. أما بالنسبة لمسألة اتحاد المغرب العربي فقد أوضح مدلسي أن هذا الأمر بات أمل الجزائر وكل المغاربة بدون استثناء لكن التطورات راجعة إلى عدم التوافق ما بين سياسات اقتصادية كانت أو غيرها، أما على المستوى السياسي فأضاف الوزير، أن الأنظمة آنذاك كانت مختلفة لكن بعد بعض التحولات بما فيها التحولات الحديثة وما جرى من أحداث في بلدان عربية، أصبحت تلك الأنظمة شيئا فشيئا تتقارب سياسيا وتتقارب حول مشروع جمهوري واقع، وأشار مراد مدلسي أن التقارب الاقتصادي والتقارب الواضح على المستوى السياسي يدفع كل الأنظار للذهاب إلى الأمام وبصفة مستمرة وملموسة قائلا بأن هذا الحلم "الذي نحلم به منذ زمن أصبح اليوم ضروريا". وأشار مدلسي إلى مواصلة الجزائر مساندتها للأمين العام الأممي فيما يخص القضية الصحراوية، متمنيا أن يلقى نداء ممثله الشخصي الذي وجهه إلى أعضاء مجلس الأمن آذانا صاغية من أجل تعزيز أكثر للمفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو حول مسألة الصحراء الغربية. وفي الشأن السوري شدد مدلسي بأهمية التعاون العربي لتحقيق تطور إيجابي بشأن المشكلة السورية، معتبرا بأن ما يجري من استمرار للتجاوزات غير مقبول سواءً من قبل السلطة أو سواها، وأن العقوبات العربية المفروضة على دمشق يجب أن تطبق ولكن بدراسة ودون أن تؤدي إلى الإضرار بمصالح الشعوب. العلاقات الجزائرية الروسية نحو تعاون استثنائي في مواجهة نفس التحديات الاقتصادية وأكد الوزير أن حضوره بروسيا جاء ليكرس تقدما جديدا نحو تعاون استثنائي تمليه الشراكة الإستراتيجية التي أقيمت في 1002 بموسكو. وأعرب مدلسي عن ارتياحه للتقدم المحقق في إطار التعاون الثنائي من خلال عقد الدورة الخامسة للجنة المختلطة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني الأسبوع الماضي إلى جانب تنظيم المنتدى الثاني للمؤسسات الروسية بالجزائر في أكتوبر 1102. وعلى الصعيد الاقتصادي أوضح الوزير أن اقتصادي البلدين يواجهان اليوم نفس التحديات والمتمثلة في عصرنة وتنويع الفعالية الطاقوية، والدخول في عهد اقتصاد المعرفة، وأشار إلى أن الجزائر تلاحظ باهتمام بالغ مخطط العصرنة، الذي بادرت به روسيا، وأضاف مدلسي أن الجزائر تتابع باهتمام الجهود المتواصلة التي تبذلها روسيا على الساحة الاقتصادية العالمية لاسيما إصلاح النظام المالي الدولي، وإزالة شبح أزمة عالمية جديدة. الجزائر تكشف عن خطة لترقية السلم والتنمية إفريقيا وعربيا ومتوسطيا وأكد مدلسي أن الجزائر تبذل جهودا متواصلة لترقية السلم والتنمية في محيطها الإفريقي والعربي والمتوسطي، من خلال العمل على استبدال مناخ اللاأمن والتهميش بعالم يسوده التضامن والعدالة، واعتبر الوزير أن الوضع في الشرق الأوسط يستوقف العالم بأكمله بالنظر إلى المخاطر التي قد يخلفها والتي قد تحدق بالسلام والأمن. وتأسف الوزير لكون المنطقة برمتها رهينة السياسة العدوانية والحربية التي تمارسها إسرائيل، والتي تعرض الشعبين الفلسطيني واللبناني لأقسى أنواع المعاناة، موضحا أن هذه المنطقة لن تعيش في كنف السلام والاستقرار إلا بعد إجلاء الأراضي العربية المحتلة بفلسطين ولبنان وسوريا. وفي هذا السياق أشاد مدلسي بالدور المتوازن والبناء الذي تلعبه روسيا في الأممالمتحدة، وفي إطار اللجنة الرباعية لبعث مسار السلام والتوصل إلى حل دائم يتوافق والشرعية الدولية.