تسبب الإرتفاع الصاروخي لسعر الذهب في توتر و قلق المستهلك الجزائري بعدما سجل سعره 8000 دج للغرام الواحد، خصوصا مع اقتراب موسم الصيف المعروف لدى العام والخاص بكثرة المناسبات التي تقتضي بالضرورة اقتناء هذا المعدن النفيس الذي لا يخلو وجوده فيها، فتاريخ الذهب عتيق لدى الأسرة الجزائرية وهو مرتبط بأفراحها، لكن غلاؤه أثار قلقا في أوساطها، وهو ما دفع ب"السياسي" إلى الاتصال بخبراء اقتصاديين لطمأنة المستهلك. مصيطفى يدعو إلى التقليل من الطلب لضمان انخفاض الأسعار أكد المحلل الإقتصادي بشير مصيطفى في اتصال هاتفي ب "السياسي" أمس، أن ارتفاع أسعار الذهب مربوطة بالسوق الخارجية الأجنبية، وهي كمادة استهلاكية حيوية تخضع لمعايير داخلية وخارجية، وقد ساهمت في ارتفاع أسعارها جملة من العوامل على غرار أزمة "الأروزون" وغياب الثقة في العملات، التي تسببت في تولد فكرة تحويل المدخرات من السيولة إلى الذهب من قبل أصحاب رؤوس الأموال، باعتبار المعدن الأصفر الملاذ الآمن الوحيد. وبسبب غياب الدعم الداخلي للمعدن الأصفر من قبل السلطة الجزائرية، أثر ذلك سلبا على الاقتصاد الوطني، ليتسبب في ارتفاع أسعار الذهب، خصوصا بالموازاة مع أزمة التضخم التي تشهدها الجزائر لأول مرة في التاريخ حسبما ورد في الأرقام الرسمية للديوان الوطني للإحصاء والتي سجلت نسبة تضخم ب 5.7 في شهر فيفري المنصرم، إلى جانب ارتفاع مستوى أسعار كل السلع، وهو ما جعل مؤشر الإنفاق يكون على السلع غير المدعومة كالخضر واللحوم البيضاء، الخدمات والذهب والتي سجلت مؤخرا ارتفاعا في أسعارها دون استثناء. ولتسييس الاستهلاك وطمأنة المستهلك الجزائري، دعا الخبير والمحلل الاقتصادي من الأسر الجزائرية إلى التعقل وتبني الوعي والتفكير الاقتصادي، وكذا تجنب الأثر النفسي الناتج عن أزمة ارتفاع وغلاء أسعار الذهب في الآونة الأخيرة، والذي يولد بالضرورة كثرة الطلب عليها، ويساهم في ارتفاع أسعارها، كما أكد ذات المتحدث أن سوق الذهب، سوق عشوائية متذبذبة خاضعة لعامل الارتفاع والانخفاض في كل لحظة، وهو ما يجعلها مجهولة المصير وغير مستقرة. وأمام تسجيل سعر الغرام الواحد من الذهب 8000 دج، طمأن مصيطفى، المستهلكين بناء على تذبذب الأسعار، بإمكانية انخفاض هذا السعر في أي وقت ممكن، منوها في سياق ذي صلة إلى أن الجانب النفسي له تأثير كبير على الجانب الاقتصادي، فلا داعي للطلب عليها، لأن أسعارها ستستقر عند ظهور نتائج إيجابية لأزمة اليوروزون، ليتحول بذلك السوق من الاعتماد على الذهب إلى الاعتماد على السيولة، وذلك حتى عام 2015. ولفهم دقيق لأسباب ارتفاع سعر الذهب في الجزائر، أكد محدثنا أن التضخم الناجم عن سياسة رفع الأجور التي شملت مختلف القطاعات، وتبنتها الدولة دون الأخذ بعين الاعتبار الإنتاج المحدود، ساهمت في دخول سيولة جديدة إلى السوق، وهو ما تسبب في رفع أسعار كل المواد الطبيعية بما فيها الذهب، إلى جانب سياسة الإحتكار الممارس في السوق الداخلية، وكذا العرض القليل لهذا المعدن النفيس وغياب التنافس. وفي ظل ارتفاع عملة الأورو، والتي سجلت أمس نسبة 15، توقع ذات الخبير استمرار ارتفاع أسعار الذهب في السوق الجزائرية خلال هذا الأسبوع، مشيرا إلى أن كافة المواد المحتكرة وغير المدعمة من قبل الدولة ستشهد ارتفاعا محسوسا. من جهة أخرى وجه ذات الخبير نداء إلى الوزارة الوصية باتباع سياسة حكيمة لاستغلال المناجم وتثمين ماهو موجود بالجزائر، مشيرا إلى ضرورة رفع الإنتاج الداخلي عن طريق جلب المستثمرين، توفير ضمانات، فتح السوق أمام المتعاملين وتطوير القطاع من خلال القضاء على الفساد، مستدلا بما حدث في زمن شكيب خليل لما استغلت المناجم الوطنية من قبل مستثمرين أجانب من استراليا تمكنوا خلالها من تحقيق أرباح خاصة على حساب البلاد. سراي: الذهب سيحافظ على قيمته في الجزائر رغم غلاءه من جهته اعتبر المحلل الاقتصادي سراي، ارتفاع أسعار الذهب شيئا معقولا، مرجعا ذلك إلى فقدان الثقة بالبنوك عالميا سواء الأوروبية أو الأمريكية وهو ما يحدث في الجزائر بنسب قليلة، ليلجأ معظم فاقدي الثقة إلى تفادي وضع أموالهم كسيولات بالبنوك واستبدالها بالذهب باعتباره مادة أولية آمنة، يمكن استبدالها بسيولة في أي وقت مع ضمان ارتفاع أسعارها، خصوصا وأن الجزائر ثاني دولة مصدرة للذهب في العالم العربي، والفرد الجزائري يعي القيمة الحقيقية للمعدن الأصفر، كما أن ميزانية الجزائر في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحسنت، والخزينة الوطنية لها احتياطي قدر ب 207 مليار من الذهب. وقد ذهب نظير مصيطفى، هو الآخر إلى طمأنة المستهلك الجزائري، داعيا إياه إلى اقتناء المعدن النفيس رغم غلاءه خصوصا وأن أسعار المواد الطبيعية لا تتغير بسرعة، لأنها معيار للثقة والضمان، منوها إلى أن امتلاك الذهب قوة وما على مالكي هذا المعدن من الأسر إلا الاطمئنان، ونفس الشيء بالنسبة لبائعيه، فحتى إن انخفض سعره جزئيا فقيمته لا تزول، مرجعا ذلك إلى أن الذهب عملة لا يتخوف منها الإنسان باعتبارها عملة آمنة ونظيفة، واقتناؤها يعتبر تهربا من الإطاحة بالدينار، خصوصا مع سوق التضخم التي دخلت فيها العديد من الدول. بويحياوي: غياب الآليات التكنولوجية للاستثمار في المناجم في الكفة الثالثة أرجع ناصر بويحياوي، هذا الارتفاع في السوق الجزائرية إلى سعر الذهب في الأسواق الدولية، وهو ما تخضع له سوق النفط - على حد قوله-، إلى جانب انخفاض عملة الدينار بالنظر إلى الأورو، مشيرا إلى أن الأسر الجزائرية تستعمل الذهب كاحتياطي، تقتنيه في المناسبات والأعراس، وتستبدله عند الضرورة لتضمن بذلك سعرا محترما بالمقابل. كما أكد بويحياوي، أن الإنتاج الوطني الخاص بهذا المعدن منخفض جدا، وذلك بسبب غياب الآليات التكنولوجية للاستثمار في مناجم الذهب، وان وجدت فبنسب قليلة، إلى جانب الاختلال الحاصل في قانون العرض والطلب، والذي يكثر فيه الطلب أمام غياب العرض لهذا المتوج في الجزائر، زيادة إلى رفع الأجور والتي أدت إلى التوجه لشراء الذهب. وعن تواصل ارتفاع سعر الذهب قال محدثنا، أن سعر الذهب سيواصل الارتفاع، خصوصا مع السياسة التي تنتهجها كل من الهند والصين في شراء هذه المادة للاحتياط، إلى جانب الاستثمار في الذهب من طرف ممولين في دول العالم.