يجهل الكثير من الجزائريون طبيعة المواد الغذائية المضافة التي تشكل نمط الغذاء اليومي لكل فرد، وهي في غالب الأحيان مواد مسرطنة قد تودي بحياة الكثيرين سيما في حال الإفراط في استهلاكها أومضاعفة الجرعات التي يتضمنها كل منتوج، سيما في ظل اكتساح الصناعة الغذائية المعلبة ذات الإستهلاك الواسع رغم كونها تحتوي على مواد كيميائية تمدد العمر الحياتي للمنتوج ناهيك عن أخرى تتضمن اكساب المنتوج لون خاص أو ذوق وعطر جذاب يشجع على توسيع شريحة مستهلكي هذا المنتوج، غير أن هذه الأخيرة قد تشكل خطرا على صحة مستهلكيها خاصة وأن العديد من هذه المضافات يجهل مصدرها أو حتى الكمية المسموح بتناولها في غياب ثقافة استهلاكية لدى الكثير من المواطنين وتغليب مبدأ السعر المنخفض أولا. هذا وقد برزت عدة مستحضرات كيميائية تستخدم في حفظ الأغذية لمدة أطول وإعطائها الذوق واللون المرغوب، تحدد المواد الحافظة المضادة للأكسدة، وتعرض يوميا على موائد الأسر بما فيها الخبز ومشتقات الألبان واللحوم المجمدة غالبا ما يرمز إليها بالحرف "E" وهي عبارة عن مثبتات تضاف إلى الأغذية زائد رقم لا ينتبه إليه المستهلك لأنه ضمن تركيبة المنتوج وإن انتبهنا فإننا حتما لن نفهم معناه. وفي الوقت الذي أصبح الغرب يستهلك كل ما هو طبيعي والشركات الغربية تحترم المعايير في إضافة المواد الحافظة في الصناعة الغذائية خاصة وأن الخبراء أجمعوا على أن هاته المواد مسببة لعدة أمراض كمرض السكر والسرطان وأمراض لم تعرف بعد لازال استهلاك هذه المواد بشكل واسع نتيجة غياب ثقافة المستهلك واليقظة وعدم فعالية المصالح الصحية فهل يمتلك الجزائري ثقافة الأغذية المضافة؟ وهل هي مواد مسرطنة بالفعل؟ المواطن يجهل طبيعة المواد الحافظة
خلال جولة استطلاعية قادتنا إلى شوارع العاصمة وبالتحديد إلى بعض الأسواق أين التقينا ببعض المواطنين وبمجرد دردشة بسيطة وإياهم حول موضوع المواد الكيميائية المحافظة على أكسدة الأغذية التمسنا غياب ثقافة استهلاكية لدى العديد من المواطنين وقال مواطن في هذا الإطار «صحيح أننا نرى تلك الأحرف والأرقام المسجلة على المنتجات الغذائية لكن في حقيقة الامر لا نعلم إلى ما ترمز وما تعنيه «وفي هذا الصدد تضيف مواطنة أخرى قائلة «لا نعرف إلى ماذا ترمز تلك الأمور وفي الحقيقة نتجاهل تلك الأمور ونتوجه بعادتنا إلى رؤية تاريخ الإنتاج والاستهلاك وفقط» أما محمد فيقول «في الغالب ما انتبه لهذه الأمور لكن لا أفهم معناها فأغض بصري عنها لأنه ليس هناك من يفهمني محتواها» ويذهب طارق إلى القول «هناك عدة مواد غذائية لا نعلم إن كانت حقا لا تحتوي على مستحضرات محرمة».
المرسوم التنفيذي للمضافات الغذائية يدخل حيّز التنفيذ
وأكد المكلف بالإعلام في وزارة التجارة فاروق تيفور في اتصال ل«السياسي» أن المرسوم التنفيذي المتعلق بمخاطر استخدام المواد المسرطنة في تركيبة المواد الغذائية ومواد التعبئة والتغليف، وانتشار سرطانات جديدة في الجزائر المتصلة بالغذاء، نشر قبل عام ودخل حيز التنفيذ شهر ماي الجاري المرسوم يحدد قائمة المواد المضافة ونوع الغذاء وبالتوازي مع تحديث للنظام القانوني، يعتزم وزير التجارة لإنشاء مختبرات الجودة وقمع الغش في كل ولاية، سيما وأن بلادنا لا تتوفر إلا على 20 مخبر فقط حاليا، وأعلن عن توظيف 1000 مهندس ومختبر هذا العام لتعزيز قدرة القطاع على مراقبة السوق وجودة المنتجات ومطابقتها للمواصفات إضافة إلى 7000 عون.
زكي حريز: «على وزارة التجارة مراقبة الجرعات في السوق»
كشف زكي حريز رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك أن المرسوم التنفيذي المتعلق بطبيعة المواد المضافة الصادر في سنة 2012 قد دخل حيز التطبيق في شهر ماي الجاري، وأضاف المتحدث أن قضية المواد المضافة هي قضية كمية وجرعة وأكد حريز أن إحترامنا للتنظيم وقانون المرسوم التنفيذي والجرعات اللازمة ستفعل الحماية في هذا الجانب، وأكد المتحدث أن دور وزارة التجارة هو مراقبة الكميات المضافة ومعاقبة كل من تسول له نفسه عدم الإلتزام بالقيمة الحقيقية للكميات المضافة، وأكد المتحدث المراقبة جارية على مستوى الوسم لاكن هناك نقص في تفعيلها على مستوى الميدان، وأكد أيضا أن المواد الخطيرة هي المواد الحافظة التي تزيد من عمر المنتوج ومدة حياة المنتوج وهذا أخطر بما أن القائمين على هذه المواد يضاعفون من كمية المواد الحافظة بهدف كسب عمر حياتي أكثر بحسب رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك، وأفاد المتحدث أن التكنولوجيا قد شهدت تطورا، وتستطيع المحافظة على المنتوجات بدون مواد حافظة سيما أنه أصبح بإمكان المستهلك الاختيار بالنظر إلى سعر المنتوجات، وأن الزيادة في نسبة المواد الحافظة هي التي تؤدي إلى الخطورة.
زبدي: «يجب وضع الرقابة على المصنّعين»
من جهته أفاد رئيس جمعية حماية المستهلك «مصطفى زبدي» أن وزارة التجارة قامت بتجديد هذه المضافات ووضع رقابة من طرف المصنعين وذلك بموجب المرسوم التنفيذي الذي دخل حيز التنفيذ الشهر الجاري الذي يجبر المستورد على إعلان مضافات المنتوج الغذائي بالتفصيل، ونحن نستبشر خيرا لأنها منافسة شريفة تجعل المستهلك يختار هذه المنتجات حسب رغباته ويدخل ذلك ضمن الحفاظ على صحته، حسب رئيس جمعية حماية المستهلك، فالمرسوم التنفيذي هذا يجبر كل مستخدمي هذه المستحضرات على كتابة الاسم والكمية، ويكون أثار المنتوج واضح، ويضيف ذات المتحدث قائلا «نتمنى أن تكون رقابة صارمة في تطبيق هذا القانون».
بولنوار: «أغلب هذه المواد تنتشر في الأسواق الموازية»
أكد بولنوار الحاج الطاهر الناطق الرسمي باسم إتحاد التجار الجزائريين أن أغلب المضافات الغذائية هي مستوردة سواء ما تعلق منها بالمشروبات، العصائر، الحلويات، المعلبات وغيرها، مضيفا أن مجموعة من هذه المواد تمر عبر نقاط البيع الموازية التي تفتقر إلى الرقابة. وعن طبيعة هذه المواد فقد أفاد المتحدث أن بعضها يتسبب في تسممات غذائية نتيجة لمواد منتهية الصلاحية وفاسدة، كاشفا عن عوامل عدة تساعد على الإكتساح الواسع لهذه المواد على غرار انتشار الأسواق الموازية التي تساعد على انتشار هذه المواد سيما أن الكثير من المواطنين يتجهون إلى أقل سعر، إضافة إلى قلة المخابر في الجزائر وغياب ثقافة الإستهلاك بما أن الأغلبية تتجه إلى أبخس الأسعار، ولو على حساب صحة المواطن التي تتعارض حتى مع قانون الربح والخسارة.
وحذر بولنوار الحاج الطاهر من المواد الفاسدة المنتشرة بفعل ضعف الرقابة على مستوى الموانئ، وقلة المخابر وضعف سياسة الإنتاج المحلية وأكد أن المواد الأكثر عرضة للفساد هي المواد المستوردة أكثر من المواد ذات الصنع الوطني.
أخصائي تغذية: «كثرة المنتوجات الملونة والمعطرة تسبب السرطان»
أكد كريم مسوس أخصائي تغذية أن أغلب المواد الحافظة من ملونات أو معطرات للمادة الغذائية هي في أغلب الأحيان غير طبيعية 100 بالمئة، واستهلاكها بكثرة يؤدي في بعض الأحيان لمشاكل صحية، ولكن في نفس الوقت لن نستطيع الإبتعاد عن هذه المواد على إعتبار أنها تشكل الغذاء اليومي وهي حتمية يومية. وأضاف أخصائي التغذية أنه يتوجب على المستهلك الإكتفاء الذاتي والميل إلى ما هو طبيعي أكثر خاصة فيما يتعلق بالمواد المجهولة المصدر، فبعض المشروبات وأنواع من الأجبان والشكولاطة تباع على الأرصفة وهي مجهولة المصدر. وكشف المتحدث أنه يتوجب الإستغناء عن المواد المجهولة المصدر بما أن أغلبها تسبب السرطان في المستقبل، سيما وأن الإستهلاك المفرط لهذه المواد يشكل مشاكل صحية منها السرطان.
وفي السياق تطرق مسوس إلى المشروبات التي تتعرض إلى أشعة الشمس مباشرة والتي تعد خطيرة بالنظر إلى طبيعة المواد الكيميائية المكونة والبلاستيك الذي بإمكانه إحداث سرطان ونصح أخصائي التغذية المستهلك بالإبتعاد قدر الإمكان عن المواد الغذائية ذات المضافات الغذائية غير الصحية والعودة إلى المواد الطبيعية لتفادي أي مضاعفات غذائية.
أخصائيون «هذه المواد هي مواد مسرطنة بالدرجة الأولى»
غياب ثقافة المستهلك في هذه الأمور جعلته يجهل نتائج هذه المواد المؤكسدة على صحته، وهو ما أكده الطبيب العام «سرّير» في حديثنا معه حول موضوع خطر المواد المؤكسدة للأغذية على صحة الإنسان وكشف قائلا«العديد من المواد الغذائية وإن لم نقل معظمها تحتوي على مواد مؤكسدة وهذه الأخيرة لها عدة تأثيرات خطيرة على حياة الإنسان فهي من أكبر المسببات لأمراض سرطانية خاصة في الأغذية المصبّرة كالطماطم والتونة وما شابهها لهذا يجب على المواطن أن يحرص على كيفية تناول الأطعمة حفاظا على صحته لأن درجة التأثير تختلف حسب الكميات الهائلة التي تستخدم منها وهي بذلك تتسبب في عدة أمراض كالحساسية والسرطان والاضطرابات العصبية والاضطرابات الهضمية وأمراض القلب والتهاب المفاصل بحسب الدكتور «سرّير».