من المرتقب أن تصدر وزارة التجارة مرسوما جديدا يحدد استعمال المواد الحافظة المستعملة في صناعة المواد الغذائية والمشروبات، حسب ما أعلن عنه أمس ممثل عن الوزارة خلال حصة إذاعية للقناة الثالثة. سيتم من خلال هذا المرسوم ضبط وتحديد نوعية المواد الحافظة والمضادات للأكسدة ولملونات غذائية التي تعرف استعمال واسع من قبل المنتجين للمواد الغذائية والمشروبات، لحفظ الأغذية لمدة أطول وإعطاء اللون والذوق المرغوب في الأطعمة. إشكالية استعمال المواد الحافظة والمضادة للأكسدة والملونات برزت بشدة مع تطور الصناعة الغذائية، وما صاحب ذلك من انتشار واسع للمواد المعلبة الذي أصبح الجزائريون يقبلون على استهلاكها بشكل واسع بدون أن يعرفوا تركيباتها ولما تصلح. وتسعى وزارة التجارة من خلال هذا المرسوم لتقنين استعمال المواد الحافظة والمضادة للأكسدة والملونات الغذائية قصد ضمان حماية للمستهلك الذي يجهل هذه التركيبات الدخيلة على الصناعة الغذائية للتحول هذه الأخيرة من استعمال المواد الطبيعية إلى استعمال مواد كيميائية يؤكد بعض المختصين أنها قد تحوي على مواد سامة أو مسرطنة ذات التأثير الخطير على صحة المستهلك. إشكالية كبيرة يطرحها استعمال المواد الحافظة، الملونات الغذائية والمضادات للأكسدة، حيث يلجأ المنتجون في مجال الصناعات الغذائية والمشروبات إلى استعمال عشوائي لهذه المواد التي تدخل ضمن تركيبة الأطعمة لتحافظ على بقائها صالحة لمدة أطول، خاصة المادة ()، التي نجدها مدونة في تركيبة العديد من الأطعمة والمشروبات، ولا نمتلك المعلومات الكافية عن مصدرها وإن كانت طبيعية أوكيميائية. لقد نبهت منظمة الصحة العالمية ومنظمة التغذية والزراعة (الفاو) إلى خطورة الاستعمال المفرط للمواد الحافظة والملونة، استعمال مادة الصوديوم بنزويت كمادة حافظة في صناعة المشروبات بكمية تتجاوز 6 غرام في الكيلوغرام قد تؤدي إلى تكوين سرطانات وكذلك داء الربو لدى الأطفال، كما قد يؤدي استعمال مادة الفوسفات التي تدخل في إنتاج المشروبات الغازية بكميات كبيرة إلى تقليل امتصاص الكالسيوم والحديد في جسم الإنسان مما قد يسبب الإصابة بوهن العظام لدى الأطفال، كما يمكن أن يسبب استعمال مادة «النتريت» أو«النترات» كمادة حافظة في اللحوم المصنعة لمنع نمو نوع من المكروبات الذي يفرز سموما غاية في الخطورة، حيث ثبت علميا أن استعمالها بدون المعايير المطلوبة قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، حسب المعطيات العلمية. بالإضافة إلى المواد الحافظة والملونات، ادخل في صناعة المواد الغذائية المواد المضافة التي تدخل في إنتاج الأطعمة بغرض تحسين الحفظ، غير أن هناك تساؤلات أثيرت حولها إن كان استعمالها آمن من الناحية الصحية بالرغم من أن مصادرها طبيعية قد تكون نباتية أو حيوانية. وبالرغم من ما تثيره كل هذه المواد من تساؤلات ومخاوف منظمات الصحة والتغذية وكذا الأطباء المختصين إلا أنها تبقى تمثل بالنسبة للمستهلك الجزائري آخر اهتماماته، ويبقى المعيار الوحيد الذي يغريه لاستهلاك أي منتوج هو سعره، وذلك نتيجة نقص التحسيس والعمل التوعوي الذي من المفروض أن تقوم به جمعيات حماية المستهلك التي تقتصر نشاطاتها في مناسبات معينة.