يعيش سكان بلدية المرسى بالعاصمة على وقع معاناة يومية جراء العزلة التي يتخبطون بها، بداية بوسائل النقل الحضري وشبه الحضري التي تعرف نقصا كبيرا، ناهيك عن مختلف المرافق العمومية الغائبة عن المنطقة، فبالرغم من مناشدتهم السلطات المحلية في عدة مناسبات للنهوض بالبلدية وإخراجها من العزلة، غير أن الظاهر أن كل تلك النداءات لم تجد آذانا صاغية إلى غاية اليوم، ليبقى السكان في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة من مشاريع للنهوض بالبلدية السياحية. مشكلة النقل.. تعزل المنطقة وقاطنيها
تتصدر مشكلة نقص وسائل النقل الحضري وشبه الحضري قائمة المشاكل التي يعاني منها سكان بلدية المرسى، الأمر الذي بات يقلقهم، وأعربوا في معرض حديثهم عن استيائهم الشديد إزاء نقص وسائل النقل بالمنطقة الخاصة ببعض الخطوط، حيث تعرف وسائل النقل ضغطا كبيرا طوال النهار نظرا لتوافد عدد كبير من المواطنين خاصة في أوقات الذروة صباحا ومساء، وحسب تصريحات السكان ل«السياسي»، فإنهم يجدون أنفسهم مجبرين كل يوم وفي أوقات مبكرة من الصباح على الإنتظار لوقت طويل بمحطات النقل من أجل الظفر بمكان في الحافلة لأجل الالتحاق بمناصب عملهم في الوقت المحدد لكنهم لا يتمكنون من ذلك ويرجعون السبب إلى قلة وسائل النقل، وهو ما أثّر كثيرا على حركة تنقلهم، كما أنهم يلجؤون لتغيير أكثر من حافلة من أجل الوصول إلى وجهتهم المقصودة. ومن جهتهم، أكد المواطنون أن المشكلة نفسها تتكرر في الفترات المسائية، حيث تشهد محطات النقل الفرعية عددا هائلا من الركاب المتوافدين على الحافلات التي أصبحت لا تفي بالغرض، الوضع الذي يؤدي في غالب الاحيان الى حدوث مشادات كلامية بين المسافرين، مشيرين الى أن حالات التدافع والاكتظاظ هذه تنشأ عنها عمليات السرقة التي تحدث بشكل يومي.
التهيئة.. مصطلح لا يزال غائبا بأحياء عدة
من جهة أخرى، يعاني سكان عدة أحياء ببلدية المرسى، على غرار كل من حي البئر بتمنفوست، المحجرة والجنبر، من الأوضاع المزرية التي تشهدها طرقاتهم، حيث تعرف ومنذ زمن طويل حالة من الاهتراءات وذلك لامتلائها بالحفر والمطبات التي أصبحت تشكّل خطرا على سياراتهم وتعرقل حركة السير للمارة والسائقين على حد سواء، وقالوا في معرض حديثهم أنهم راسلوا مصالح البلدية لتعبيد الطرقات لكنهم لم يستجيبوا لطلباتهم، وأوضحوا أنهم يكتفون فقط بترميمها، ليتكرر الوضع الكارثي مجددا بمجرد سقوط الأمطار التي تكشف كل مرة عن إهمال وسياسة «البريكولاج» التي تنتهجها السلطات المحلية، بالإضافة إلى انتشار الغبار صيفا، الأمر الذي أرهق السكان وزاد من معاناتهم في ظل انتهاج مصالح البلدية لسياسة اللامبالاة. كما أعرب السكان خلال حديثهم معنا عن استيائهم من عدم توفر الإنارة العمومية التي أصبحت من بين أهم المرافق المنشودة من طرف المواطن، بعد أن أصبح التجوال في كل الأحياء، حسب بعض القاطنين، غير آمن، بحكم الاعتداءات المتكررة التي تشهدها المنطقة خصوصا في الفترات المسائية وفترات الظهيرة، وهي التصرفات التي احترفها بعض الشباب ممن يمتهنون السرقة والاعتداءات في الظلام الدامس على منازل المواطنين، وهو الأمر الذي أجبر السكان على قضاء أغلب سهراتهم داخل منازلهم، اتقاء لشرور هم في غنى عن تبعاتها، حيث أكد أحد المواطنين أن الأمر في فترات الصيف مقبول، «لكن من غير المقبول أن نلتزم منازلنا شتاء على الساعة الخامسة مساء، بسبب الظلام الذي يخيم على المنطقة».
رحلة بحث يومية عن مياه الشرب
تشهد بلدية المرسى وبالتحديد بعض أحيائها السكنية نموا سكانيا كبيرا في الفترة الحالية على عكس السنوات الماضية، مما جعل المنطقة تعرف أزمة حادة في التزود بالمياه الصالحة للشرب، الأمر الذي يجبر العديد لشرائها وبأثمان باهظة، فيما يضطر آخرون لجلبها بعناء من المناطق المجاورة، حيث أن المياه لا تقطر من حنفياتهم إلاّ نادرا، الأمر الذي دفع أيضا بأرباب الأسر إلى إقتناء قارورات المياه المعدنية خوفا من تعرضهم لأمراض خطيرة قد تودي بحياتهم وتحديدا الأطفال منهم، وهي مصاريف أرهقتهم خاصة أن جلهم من أصحاب الدخل المتوسط أو الضعيف، خاصة ونحن على مقربة من فصل الصيف الذي تزداد فيه الحاجة إلى هذه المادة الضرورية.
النفايات وتردي المحيط البيئي يؤرق السكان
يطالب السكان من جهتهم، بتدخل عاجل وجدي من قبل مصالح البلدية المختصة في هذا الشأن، من أجل إجلاء الأوساخ وتمكينهم من حقهم في محيط نظيف بسبب تفاقم الآثار السلبية الناجمة عن تدهور الوضع البيئي بحيهم، إذ يصطدم الزائر إليه بأكوام النفايات والقاذورات المترامية هنا وهناك في منظر تقشعر له الأبدان، حيث أكد السكان أن مصالح النظافة المكلفة بنقل النفايات المنزلية لا تقوم بدورها بالوجه الكافي، معتبرين أن شكل النفايات والفضلات المنزلية متجمعة على شكل أكوام أصبحت تطبع الصورة اليومية لحيهم، مما ساهم في تشويه المحيط، فضلا عن تحولها إلى إحدى المسببات في انتشار الأمراض التنفسية والصدرية المزمنة من جراء تكاثر الحشرات الضارة في المحيط.
الشباب يطالب بمرافق ترفيهية
لايزال سكان بلدية المرسى يُعانون من مشاكل عديدة، جراء غياب أدنى المرافق الضرورية التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية، وهو الأمر الذي جعلهم يشتكون العزلة والتهميش، وفي هذا السياق، يُناشدون السلطات المحلية بضرورة التدخل العاجل لانتشالهم من المعاناة التي يتكبدونها منذ سنوات ورفع الغبن عنهم، من خلال إنجاز مشاريع من شأنها تفعيل الحركة التنموية بالمنطقة. وحسب البعض ممن تحدثت «السياسي» إليهم، فإن جملة المشاكل التي يتكبدونها ليست وليدة الساعة، رغم الشكاوى العديدة التي تقدموا بها على مستوى البلدية والتي كانت دون جدوى، وأول ما تطرّق له السكان في سلسلة شكاويهم مشكلة غياب المرافق الضرورية التي من شأنها أن ترفه عنهم، وهو ما يضطر الشباب في اغلب الأحيان إلى التنقل إلى الأحياء المجاورة بغرض الالتحاق بهذه المرافق التي تعد أكثر من ضرورية، سيما بالنسبة للشباب البطال الذي يقضي كل أوقاته في المقاهي، أو البقاء في الشوارع لتبادل أطراف الحديث. من جهتها، أعربت بعض العائلات القاطنة بالمنطقة عن سخطها الشديد إزاء النقص الفادح والمسجل في المساحات الخضراء ومرافق التسلية المخصصة للعب الأطفال، مما جعلهم يعيشون في فراغ رهيب يصارعونه بشتى الوسائل بعيدا عن المنشآت الترفيهية التي من المفروض على السلطات المحلية توفيرها، الوضع الذي أثار امتعاض شباب البلدية، حيث أكد بعضهم أنهم يجبرون في ظل هذه الظروف على التنقل إلى مناطق أخرى لممارسة الرياضة، خاصة وأن القاعات الرياضية تُعد المتنفس الوحيد للشباب في وقتنا الحالي، والتي من شأنها أن تخفّف عنهم الضغط الذي يشعرون به يوميا، وهذا نتيجة لانعدام مثل هذه المرافق الحيوية، فرغم أن المنطقة تعتبر من أكبر التجمعات السكنية مع تزايد حركة النشاط التجاري، إلا أنها تظل بعيدة عن أعين السلطات المحلية التي من شأنها ترقية الحركة الرياضية وتنمية المواهب الفكرية والثقافية لشبابها، من خلال إنجاز مرافق ترفيهية أخرى، ناهيك عن إنجاز مساحات للتسلية تسمح للفئات العمرية المختلفة بالترفيه عن نفسها. وبالرجوع إلى ما تم ذكره، يُناشد السكان السلطات المحلية بضرورة التدخل العاجل لتوفير هذه المرافق الضرورية من خلال برمجة جملة من المشاريع التي من شأنها أن تُنسي الشباب البطال، على وجه الخصوص، متاعب الحياة وتبعدهم عن الممارسات غير الشرعية كتعاطي الكحول والمخدرات.