أنجبت الكرة الهولندية العديد من اللاعبين الكبار، حيث يشهد التاريخ الكروي على نجومية المتألق يوهان كرويف في السنوات السبعينات وفان باستن وقوليت ورشيكرد في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، ولعلى من أبرز هؤلاء المتألقين هو المهاجم الخطير فان باستن الذي صنع التاريخ وكان رقم واحد مع المنتخب الهولندي والأندية التي لعب لها على غرار أياكس وأسي ميلان. ويعتبر ماركو أسطورة كبيرة في كرة القدم، إذ يصنفه الكثير مع كبار نجوم المستديرة من أمثال الأرجنتيني ماردونا و البرازيلي بيليه.ونجح الدولي سابق لهولندا في مشواره كالعب بتحقيقه العديد من الألقاب أبرزها كأس أوربا مع بلده،والتي تعتبر الأولى بالنسبة لبلاد الأراضي المنخفضة،كما ساهم في إهداء أغلى الألقاب للأندية التي لعب فيها خاصة الفريق الايطالي آسي ميلان الذي توج معه برابطة الأبطال.مسيرته الناجحة كلاعب لم تكن كمدرب،كونه لم يتوج بأي لقب مع الفرق التي أشرف عليها سواء كانت منتخبات (هولندا) أو النادي (أجاكس). بداياته الكروية وانطلاقته مع الأجاكس ولد فان باستن في 31 أكتوبر عام 1964 في اوتريشت بهولندا، حيث انضم لأشبال ايدو عندما كان في السابعة من عمره لمدة موسم واحد، انتقل بعدها إلى فريق يوف، وفيه تدرج في المراحل السنية المختلفة. في عام 1980 ذهب إلى فريق ايلينكويجك، حيث التقطه الاياكس منهم عام 1981 ليلعب دور البديل للأسطورة وصانع أمجاد أياكس يوهان كرويف، وبالتأكيد كانت المهمة مستحيلة والتركة ثقيلة للغاية، حيث سجل فان باستن في أول موسم له مع الاياكس هدفا واحدا خلال مباراة واحدة لعبها مع الفريق، ثم ما لبث أن سجل 28 هدفا خلال 26 مباراة في موسم 83حيث بدأت ترتسم ملامح الموهبة الجديدة، وتمت مكافأته باستدعائه إلى المنتخب الهولندي. ولم يكن ذلك إلا البداية، ففي موسم 84انتفض فان باستن وسجل 37 هدفا في 26مباراة منتزعا صدارة الهدافين عن جدارة واستحقاق. استطاع الاياكس بوجود فان باستن على رأس الهجوم من نيل ثلاث بطولات دوري وثلاث بطولات للكأس وبطولة كأس الكؤوس الأوروبية. انتقاله إلى العملاق الميلاني وبعد مفاوضات طويلة ومكثفة وصراع عنيف مع نادي ريال مدريد والبارصا، استطاع الميلان خطف الموهوب الجديد الذي لعب 133 مباراة مع اياكس سجل خلالها 128هدفا، لكن تلك الغزارة التهديفية والعبقرية الهجومية لم تسلم من قسوة وشراسة بعض اللاعبين، حيث أصيب في آخر مباراة له مع الاجاكس ضد دينمو دريسدان في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية التي فاز بها الاياكس بنتيجة 1 - 0. تلك الإصابة، حرمت مشجعي سان سيرو من إبداعات الشاب الهولندي في موسمه الأول، فلم يشارك إلا في 11 مباراة سجل خلالها 3 أهداف فقط. فان باستن يهدي هولندا كأس أوروبا لكنه عوض ذلك الغياب في الأمم الأوروبية التي بدأها على كرسي الاحتياط، ثم ما لبث أن لعب أساسيا في المباراة الثانية ضد إنجلترا. وأحرز لقب الهداف وتوجت هولندا كبطلة لبطولة الأمم الأوروبية لعام 1988. جاء الهدف الثاني في المباراة النهائية بين هولندا والاتحاد السوفييتي في بطولة الأمم الأوروبية والتي دارت رحاها في ألمانيا الغربية سابقا، من ركلة هوائية من أقصى الطرف اليمين سكنت في شباك المرمى السوفيتي معلنة عن مهارة وموهبة هولندية فريدة بتوقيع ماركو فان باستن الذي أحرز لقب الهداف في تلك البطولة. واعتبر هدفه من أجمل وأروع الأهداف في تاريخ كرة القدم. وحصلت بذلك هولندا على بطولة الأمم الأوروبية لأول مرة في تاريخها. وهكذا عادت الكرة الهولندية للقمة وتوج نجومها أبطالا لأوروبا. سمفونية الإبداع تعزف من جديد في عام 1989، استطاع فان باستن ورفاقة من سحق ستيو بوخارست الروماني برباعية تاريخية على ملعب النيو كامب في نهائي كأس الاندية الاوروبية اقتسم اهدافها مناصفة مع رود خوليت كما استطاعوا تكرار انجازهم مرة آخرى عام 90 في فيينا ضد بنفيكا البرتغالي بهدف نظيف. وبالرغم من أداء فان باستن الرائع مع الميلان في ذلك الموسم، إلا أنه لم يفعل شيئا مع منتخب بلاده في كأس العالم، وخرجت هولندا على يدي ألمانيا في الدور الثاني. وظل ذلك الإخفاق ملازما لفان باستن طيلة موسم 1900 فلم يسجل إلا 11 هدفا في 33 مباراة ، وطرد في دوري أبطال أوروبا بعد ضربة كوع عنيفة أوقف على أثرها أربع مباريات. وفي ذلك الموسم أيضا، حدث الطلاق بينه وبين ساكي بسبب النهج التكتيكي الذي يتبعه المدرب الشهير وإبقاءه وحيدا في المقدمة كمهاجم صريح، اضطر معها برليسكوني لإخلاء سبيل ساكي وجلب عوضا عنه الداهية الكبير فابيو كابيلو، حيث عزف الميلان سمفونية الإبداع، نجح خلالها كابيلو في إعادة تدوير الماكينة الهولندية ماركو جولو إلى التهديف الغزير مرة أخرى مسجلا 25 هدفا في 31 مباراة. نهايته الكروية بسبب لعنة الإصابات بالرغم من إنجازات فان باستن العديدة مع الميلان ذلك العام، إلا أنه أخفق من جديد مع منتخب هولندا في أمم أوروبا 92 ، فلم يسجل فان باستن أي هدف في تلك البطولة كما أضاع ضربة جزاء ضد الدانمرك في نصف النهائي. لكن ذلك لم يمنع من الحصول على لقب أفضل لاعب على مستوى العالم للمرة الثانية. في خريف 92، كان فان باستن يمتطي صهوة الإبداع في رحلته الأخيرة معه، فلعب أفضل فترات حياته مسجلا 31 هدفا في 15 مباراة، ثم أصيب في مباراة فريقه ضد انكونا، أخضع بعدها لعمليتين جراحيتين في كاحل قدمه اليمنى .عاد فان باستن ليلعب المباراة النهائية في دوري أبطال أوروبا ضد مرسيليا وهو تحت تأثير مثبطات الألم،وفي الشوط الثاني خرج ذلك المبدع للمرة الأخيرة بسبب لعبة خشنة من الخلف لباسيل بولي أنهت حياته الكروية وهو في الثامنة والعشرين.أجريت له عدة عمليات جراحية وجلسات علاج مكثفة لمدة سنتين لم تنجح في إيقاف الآلام المبرحة التي كان يشعر بها في كاحله الأيمن. وفي 17 أوت من عام 95 أعلن فان باستن اعتزاله لكرة القدم وهو في سن الثلاثين، بعد رحلة كروية عنوانها الإبداع والمتعة، لكنها سقطت في النهاية بين أقدام الجزارين ومشارط الأطباء. الميلان بلا فان باستن كالصقر بلا جناحين لعب فان باستن 201مباراة للميلان سجل خلالها 224 هدفا، حصل معه على الكثير من الألقاب والبطولات. وخلال ستة مواسم ذهبية، استطاع فيها أن يعيد الهيبة من جديد إلى سان سيرو حتى أصبح مشجعو الميلان يقولون الميلان بلا فان باستن كالصقر بلا جناحين. بالتأكيد إن فان باستن واحد من أعظم الهدافين في تاريخ اللعبة على الإطلاق، والهداف الأول بلا منازع في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، ولم يأت كل ذلك من فراغ ، ففان باستن هداف بالفطرة يتميز بالذكاء الشديد وحسن التمركز والمتابعة الجيدة والحضور المتميز خصوصا في المباريات الهامة والنهائية، كما يجيد ضربات الرأس واللعبات الهوائية، دقيق في تسديداته بالإضافة إلى مهاراته الفردية الجيدة وتعاونه الدائم مع زملائه. بعد اعتزاله للعبة. ابتعد فان باستن عن الاضواء وعن عالم كرة القدم عموما حيث انتقل إلى إمارة موناكو للعيش هناك مع زوجته اليزابيث وأطفاله الثلاثة ريبيكا - انجليكا - اليكسندرولم يظهر في أي مناسبة كروية كبيرة إلا حينما تمت دعوته من أجل حضور الاجتماع الذي عقد في زيورخ من أجل تطوير اللعبة، حيث قدم عدة مقترحات من أجل الحد من خشونة المدافعين الذي كان أحد ضحاياهم. ورغم رغبته الجامحة للعودة مرة أخرى لعالم الكرة، إلا أن باستن لم يحسم أمره بعد، فبالرغم من اعترافه الصريح بإمكانياته التدريبية والتكتيكية الجيدة، إلا أنه لا يرغب في استعجال الأمور، كما يود أيضا في الاستمتاع بالحياة والحرية والبقاء قريبا من عائلته بعيدا عن ضغوطات الكرة والعمل الذهني الشاق. مسيرته كمدرب كرة قدم بعد أن ترك نادي إي سي ميلان في عام 1995، قرر فان باستن أنه لن يكون مدرب أبدا، ولكن في موسم 2003/2004 غير رأيه، وأصبح مساعد مدرب نادي أياكس أمستردام الرديف، وفي 29 جويلية 2004 اختير فان باستن ليكون مدربا لمنتخب هولندا لكرة القدم، وفي بداية قيادته للمنتخب، استبعد فان باستن العديد من النجوم من المنتخب مثل كلارنس سيدورف وباتريك كلويفرت وإدغار ديفيدز وروي مكاي، مفضلا الاعتماد على العناصر ألشابه، وقد أراد أن يضم دينيس بيركامب إلى صفوف المنتخب، ولكن الأخير رفض ذلك، وفي كأس العالم 2006 خرج المنتخب الهولندي من الدور الثاني بعد أن الخاسرة من كاس العالم.